ها هو أبو جرة يرفع جرّته، مثلما نصحناه بذلك منذ أيام.. لكن، أبو جرة لم يجرؤ على قطع الود مع الحكومة، فهو لم يعلن عن سحب وزرائه منها، وهذه منافقة سياسية لا تغتفر. سيف أبو جرة مع اليزيد، وقلبه مع الحسن، يأكل من موائد معاوية، ويبكي ظلم علي! من المفروض أنه بمجرد إعلانه الطلاق مع التحالف الرئاسي، يسحب وزراءه من الحكومة التي ينتقد أداءها، أم أنه ليس من مصلحة حمس الخروج من الحكومة، فليس من السهل عليه سحب الوزير عمار غول من وزارة الطريق السيار، وما أدراك ما الفتات الذي يسقط من موائد الطريق السيار. فهل أمر سحب وزرائه من الحكومة لا يعود إليه؟ أم أنه يتخوف من رفض هؤلاء الوزراء الجالسون على كنوز قارون الانصياع لزعيم حمس، فاكتفى بتطليق التحالف الرئاسي الذي في الحقيقة لم يعد له من معنى مادام الرئيس بوتفليقة لن يترشح لعهدة أخرى، وخاف أن ينكشف أمره ويظهر أنه لا يتحكم في شيء من إرث المرحوم نحناح، الذي عرف هو الآخر الانشقاقات والحركات التصحيحية التي أضعفت موقع أبو جرة داخل الحركة. من جهة أخرى، حذر أبو جرة من ثورة شعبية، فهل هي دعوة منه للشارع الجزائري لكي ينتفض مثلما حدث في مصر وليبيا وقبلهما تونس، ليعجل بذلك بالتغيير وتنصبه قوى أجنبية أو أصدقاؤه في قطر على رأس الجزائر، جزائر بن مهيدي وعبان رمضان، جزائر بومدين ومحمد يزيد وغيرهم من أحرار هذا الوطن. أتمنى ألا يكون هذا ما يريده أبو جرة. لكن مهما كانت خلفية القرار الذي اتخذته حمس بالانسحاب من التحالف الرئاسي، فإنه بقي أمام زملائه في التحالف العمل بالمثل، ليس إعلان الخروج من التحالف الذي كما أسلفت لم يعد من مبرر لاستمراره فحسب، بل للتفرغ للعمل السياسي داخل حزبيهما، فعلى بلخادم أن يتفرغ لترميم الشرخ الذي أضعف جبهة التحرير، ولمّ شمل مناضليها بدلا من مغازلة الإسلاميين الذين يعول عليهم للوصول إلى رئاسة الجمهورية في حال ترشحه مستقبلا للرئاسيات. ومن واجب أويحيى أيضا الانسحاب من الحكومة للتحضير للاستحقاقات القادمة، التي من المتوقع أن تكون صعبة والفوز فيها غير مضمون، إن لم يحسن زعماء الأحزاب اختيار مرشحين نزهاء وأكفاء. ما فعله أبو جرة ليس جريمة سياسية، بل بالعكس، الرجل يريد ما هو أكبر، يريد الحكم ويرى أن الظرف السياسي الدولي موات لذلك.