حمس تطلّق حزبي النظام وتحافظ على زواجها برأس السلطة شريكا حمس يعتبران الانسحاب ''قرارا سيّدا'' في العلن وينتقدان بقاء الوزراء سرّا قررت حركة مجتمع السلم الانسحاب من التحالف الرئاسي، لكنها أبقت على وزرائها الأربعة في الحكومة، تجنبا لإحداث أزمة حكومية تمس الرئيس بوتفليقة، حيث التزمت الحركة بدعم برنامجه حتى .2014 ودعت حمس إلى إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة محايدة تشرف على التشريعيات المقبلة. أعلنت حركة مجتمع السلم نهاية مرحلة استثنائية في مسارها السياسي، وقررت ''فك الارتباط السياسي مع حزبي التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني، بما يفضي إلى الخروج من التحالف الرئاسي المنشأ منذ عام 2004 لدعم خطة عمل الرئيس بوتفليقة، بعد نقاشات في مجلس الشورى الذي اضطر إلى تأجيل اختتام أشغاله يوما إضافيا، حتى ما بعد منتصف ليلة أول أمس بحضور وزراء الحركة في الحكومة، بسبب تصادم المواقف بين الداعين إلى الانسحاب من التحالف والحكومة، والداعين إلى فك الارتباط مع شريكي التحالف الرئاسي فقط، وطرح ثالث يحذر من تبعات هكذا قرار، بداعي أن فترة الأربعة أشهر المتبقية عن الاستحقاقات المقبلة لا تعطي أي معنى لقرار الانسحاب من التحالف. وقال رئيس مجلس شورى الحركة، عبد الرحمن سعيدي، في حفل اختتام دورة المجلس، إن أغلبية أعضاء المجلس انتصروا لقرار فك الارتباط مع جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي. وفسرت الحركة قرارها فك الارتباط بأنه ''إنهاء كل التزام سياسي مع الحزبين الأرندي والأفالان دون الإخلال بالالتزامات الخاصة برئيس الجمهورية، على خلفية أن الحركة متحالفة مع الرئيس بوتفليقة وملتزمة بدعم برنامجه حتى نهاية عهدته عام ,''2014 إضافة إلى أن ''الحركة تلقت بوضوح رسالة الرئيس بوتفليقة في افتتاح السنة القضائية، حين أكد أنه رئيس كل الجزائريين وأنه لا يتحدث باسم أي حزب سياسي''، كما أشارت إلى ''ترسيم لواقع سياسي بات يفرض على الحركة إنهاء خطابها المزدوج، الطلاق مع حزبين يرفضان التشاور السياسي الدائم''. وبدأ هذا القرار أقل من سقف توقعات ومطالب تيار كان يدفع باتجاه الانسحاب من التحالف الرئاسي والحكومة كذلك، لكنه وصف بأنه ''قرار موجه إلى داخل الحركة، لإرضاء قطاع واسع من مناضليها وقواعدها، ويضع الحركة على باب العودة إلى مواقعها الطبيعية، وينهي مرحلة ''استثنائية'' في مسارها السياسي أبعدتها عن مواقعها ودفعتها إلى التحالف مع قوى سياسية لا تجتمع معها في المنطلقات الإيديولوجية والفكرية والمرجعيات السياسية''. ودعا مجلس شورى حمس في نفس السياق إلى ''حل الحكومة الحالية التي يقودها الوزير الأول أحمد أويحيى، وتنصيب حكومة تكنوقراطية محايدة تكون عبارة عن رسالة سياسية إلى الجزائريين، يفهم منها وجود إرادة لدى رئيس الجمهورية لإقامة انتخابات نزيهة وشفافة وفقا لمعايير دولية يختفي من خلالها التزوير والابتزاز المالي''. كما دعت حمس ''الرئيس بوتفليقة إلى إصدار مراسيم رئاسية تعطي للقضاة كامل السلطة والصلاحية في الرقابة وإبعاد تدخل الإدارة في العملية الانتخابية''. وطلب مجلس الشورى من ''قواعد حمس التحضير للاستحقاقات المقبلة، حيث ستكون الانتخابات المقبلة فرصة لمعرفة الوزن الحقيقي لكل حزب سياسي في الساحة''. وأعلنت حمس عن تعيين كمال ميدة مكلفا بالإعلام والشؤون السياسية، بدلا لمحمد جمعة الذي استخلف ميدة في منصب المكلف بالشؤون الاقتصادية. فكرتان أساسيتان وثالثة محتشمة تجاذبت أشغال مجلس الشورى حمس تطلّق حزبي النظام وتحافظ على زواجها برأس السلطة شهدت أعمال مجلس شورى حمس، التي أفضت إلى الانسحاب من التحالف الرئاسي، تجاذب فكرتين تطرحان مشروعين قديمين في الحزب. الأولى يريد أصحابها أن تساهم الحركة في صناعة الربيع العربي، بأن تنتقل إلى المعارضة بشكل واضح. والثانية تقوم على أساس الاستمرار في نهج المشاركة في السلطة التي أسّس لها المؤسس محفوظ نحناح. وانتهى تلاطم الفكرتين إلى فك الارتباط مع حزبي النظام، لكن الولاء للرئيس بقي قائما. يدافع عن الفكرة الأولى نائب رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، الذي يجسّد طرحا غير جديد، أضعفته عضوية حمس في التحالف الرئاسي إلى درجة الشلل، ولكنه انتعش على خلفية أحداث مطلع 2011 بالجزائر. وشعر أصحابه بقوة غير مسبوقة في سياق ثورة الشعوب العربية على الأنظمة المستبدة. ويرى مقري والمدافعون عن هذا الطرح، أن ساعتهم دقت وأن الظرف الإقليمي يخدم فكرتهم ويعطيها مصداقية. وعلى هذا الأساس، مارس مقري ضغطا داخل المجلس لدفعه إلى التوجه نحو نقل الحزب إلى ''مكانه الطبيعي'' كحركة إسلامية، وهو المعارضة. ولا يخلو هذا الطرح من حسابات انتخابية، فأصحابه يسعون لجني أصوات في الموعد الانتخابي الذي يعتبر مصيريا للحزب. ويمر كسب الأصوات، حتما، عبر موقف قوي يترك الانطباع بأن الحزب يملك قراره بيده ويحاول إزالة فكرة مفادها أنه موجود في التحالف الرئاسي بإرادة بعيدة عن اختياره. وقد ألحق تواجد حمس في التحالف، ضررا بها على الصعيد الرمزي، ولكن أفادها على صعيد الأشخاص بحكم أن العشرات من إطارات حمس، يمارسون مسؤوليات ووظائف كبيرة نسبيا في الإدارة. وفتحت هذه المواقع الباب للعشرات من المناضلين لدخول عالم المال والأعمال، مع ما حمله ذلك من شبهة فساد لصقت بالحزب في السنوات الأخيرة. أما الفكرة الثانية، تمثل رأيا واسعا داخل مجلس الشورى تقوم على الاستمرار في منطق المشاركة في الحكومة الذي أسّس له الراحل محفوظ نحناح. وهو قرار مجسّد منذ أن التحقت الحركة بالطاقم الحكومي في أيام الرئيس اليامين زروال. وتحفّظ أصحاب هذا الطرح حيال مطلب الانفصال عن التحالف، ورفضوا بشدة مغادرة الحكومة بمبرر أن الخيارين لا ينسجمان مع الخيار القديم القائم على أن يكون للحزب موطئ قدم في الجهاز التنفيذي، حتى لو كان ذلك لا يحقق له التواجد في الحكم. فحمس في النهاية حركة إسلامية، والإسلاميون في منطق النافذين في الحكم لا يؤتمن جانبهم، وبالتالي فإن تغلغلهم في دواليب الدولة يصل إلى خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وقد استوعبت قيادات حمس ذلك جيدا، عندما وجدت آذانا صماء لمطلب تحويل التحالف إلى شراكة. يعني تقاسم المنافع والمناصب، على قدم المساواة مع الأفالان والأرندي. ويعزز تواجد عدد كبير من أعضاء مجلس الشورى، في مواقع مسؤولية بالوزارات والمؤسسات الطرح الرافض للخروج من الحكومة، فالأمر بالنسبة للكثير منهم مسألة حياة أو موت. وطرحت فكرة ثالثة في المجلس الشوري، تناولت تعليق العضوية في التحالف. لكنها لم تلق التأييد. وانتهى التجاذب في النهاية، إلى موقف يجعل الحزب منسجما إلى حد ما مع معارضته الشديدة لإصلاحات الرئيس، التي يحمّل الحزب قصورها وهزالها للأفالان والأرندي وليس لصاحبها الأصلي! وتخدم النتيجة التي أعلن عنها أمس، أبو جرة سلطاني بالدرجة الأولى. إذ يظهر بأنه صاحب مبادرة تحقق للحزب الجلوس على كرسيين، لكنها نتيجة قد لا تحقق لمن دفع إليها مشروع الوصول إلى الحكم في .2012 الأفالان يصفه ب''اللاحدث'' والأرندي ''يتأسف'' شريكا حمس يعتبران الانسحاب ''قرارا سيّدا'' في العلن وينتقدان بقاء الوزراء سرّا صوّر شريكا حركة مجتمع السلم، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، قرار الحركة بالانسحاب من التحالف الرئاسي، في سياق ''الأمر العادي''، ولمّحا لاستمرار تحالفهما، وفُهم من الشريكين توقعهما للقرار قياسا لسلوك الحركة خلال الأشهر الماضية بعد تبنيها خيارات كثيرة تتعارض تماما وخطاب السلطة، وتقترب جدا من خطاب المعارضة. تكتمت جبهة التحرير الوطني، وكذلك التجمع الوطني الديمقراطي، على الانتقاد العلني لقرار حركة مجتمع السلم، وفضّلا التعاطي معه عبر وسائل الإعلام من منظور ''الخيارات السيدة لكل حزب''، ولم ترغب جبهة التحرير الوطني تصوير الانسحاب على أنه حدث سياسي مهم، بالنظر لتعليق قيادي في الحزب على القرار بأنه ''لا حدث''. وذكر قاسة عيسى، عضو المكتب السياسي مكلف بالإعلام في الأفالان ل''الخبر'' أن قرار الانسحاب ''ليس أمرا جديدا لأن الشريك الثالث أثار الموضوع منذ شهور وبالتالي فهو لا حدث''. وسئل قاسة عيسى، إن كان حزبه يتصور أن قرار حمس الطلاق مع الأفالان والأرندي قد تكون له تداعيات على ما يسمى بين الشركاء الثلاثة سابقا ''دعم برنامج الرئيس''، فرد قائلا: ''دعم برنامج رئيس الجمهورية مستمر''. وانتقد ضمنيا قرار مجتمع السلم ''الذي يريد تطبيق برنامج الرئيس لا يساوم حوله''. ولم يشأ قيادي جبهة التحرير الوطني الخوض في مسألة استمرار وزراء مجتمع السلم في الحكومة، مع أن الحزب خرج من عباءة التحالف ''الحكومة عيّنها رئيس الجمهورية ومن صلاحياته وحده أن يكلف من يشاء وينهي مهام من يشاء''، لكنه أضاف ''المشكل هنا أخلاقي بالدرجة الأولى''. من جهته عبّر ميلود شرفي، الناطق الرسمي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، عن ''أسفه'' لقرار حركة مجتمع السلم، الانسحاب من التحالف الرئاسي، وقال في تصريح مكتوب إن ''قرار الحركة هو قرار سيد ونحترمه كونه يعود إلى قيادة الحركة''. وقال شرفي إن ''التحالف الذي كان قائما يعتبر التفافا حول برنامج رئيس الجمهورية لتجسيده وإنجازه وليس ذوبانا لحزب في آخر''. وأضاف أن ''التجمع يبقى وفيا لمنطلقات إنشاء هذا القطب والتزامه بتجسيد برنامج الرئيس''. مضيفا أن ''القرار لا يفسد للود قضية ولا يؤثر قطعا في مسيرة الجزائر المتواصلة، مسيرة البناء والتنمية والتشييد''. لكن التصريحات الرسمية للحزبين، لا تحمل بالضرورة حقيقة ما يثار بشأن الانسحاب والشكل الذي خرج عليه، قياسا لمسألة استمرار الوزراء الأربعة في مناصبهم، وتفيد معطيات أن كلا من الأفالان والأرندي، يعيبان على أبو جرة سلطاني تفضيله تطليق التحالف وفي نفس الوقت الاحتفاظ ب''مزايا'' الاستوزار، وفوق كل هذا يطالب بحكومة تكنوقراطية تشرف على الانتخابات المقبلة. وتسيّر حركة مجتمع السلم أربع وزارات، حيث يشرف عمار غول على وزارة الأشغال العمومية، مصطفى بن بادة وزارة التجارة، عبد الله خنافو وزارة الصيد البحري وإسماعيل ميمون وزارة السياحة، كما تولى سلطاني، في فترة سابقة، منصب وزير دولة من دون حقيبة، لكنه استقال بسبب ضغط حزبي داخلي في ذروة الانشقاق الذي أصاب الحزب بخروج ما يعرف ب''مجموعة مناصرة'' التي تسعى في الفترة الحالية لتحصيل اعتماد لحزب جديد هو ''جبهة التغيير الوطني''.