ممارسات البوليس والقضاء والإدارة وحتى الإعلام مازالت امتدادا لسياسات بن علي غدا تكون “الثورة” التونسية قد أطفأت شمعتها الأولى، وبعد سنة من الأحداث الساخنة تحدثت “الفجر” في محاولة لتقييم الوضع إلى المحامية والحقوقية التونسية الناشطة في مجال مناهضة التعذيب التي عددت مجموعة من الايجابيات والسلبيات التي اعترت الثورة التونسية، لتركز على أن الثورة التونسية إنجاز عظيم خلص الشعب التونسي من دكتاتورية الأشخاص الممثلة في بن علي وأقاربه، لكنها لم تتخلص بعد من دكتاتورية المؤسسات مثل البوليس والقضاء والإدارة التي لازالت تواصل ممارسات بن علي على حد تعبيرها. اعتبرت الحقوقية التونسية راضية النصراوي، رئيسة جمعية مناهضة التعذيب، في تصريح خاص ل”الفجر”، أن التونسيين وبعد سنة على الثورة حققوا إنجازات معتبرة لكنها ليست بالشكل المتمنى، فالمنظمات والجمعيات التي كانت محرومة أيام بن علي من حقها في الكلمة أصبحت قادرة اليوم على التعبير بكل حرية، وكذلك أصبحت حرية التنظيم متاحة للجميع، كما أن العديد من الأحزاب وقع الاعتراف بها كانت محرومة تماما من الحق في التعبير. كما أن المواطنين التونسيون وبعد عام على الثورة أصبحوا يعبرون دون خوف كبير، حيث أصبحوا يجرؤون على نقد السلطة. كما اعتبرت أن وصول التونسيين إلى بناء مجلس تأسيسي وظيفته إعادة صياغة دستور جديد للبلاد إنجاز عظيم لكنها عبرت عن مخاوفها بشان إمكانية بناء دستور ديمقراطي. لازلنا نرصد حالات تعذيب واعتقالات سياسية كما عددت السيدة النصراوي إحدى المرشحات لنيل جائزة نوبل للسلام السنة الماضية مجموعة من السلبيات التي تشوب الثورة التونسية، والتي تشمل المنظومة الأمنية، القضاء، الإعلام، الاقتصاد... حيث كشفت السيدة النصراوي، رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب، أن المنظومة الأمنية لم يقع بعد إصلاحها “هناك محاولات لكن في الواقع مازالت هناك حالات تعذيب، فلحد الأسابيع الأخيرة اتصل بنا العديد من الضحايا وعائلاتهم واشتكوا من وحشية التعذيب الذي تعرضوا له في مراكز الشرطة في قضايا الحق العام والقضايا السياسية”. لتضيف: “إلى حد الساعة لازال هناك العديد من المساجين السياسيين أوقفوا وعذبوا وأصدرت أحكام قضائية في حقهم بتهم محاولة الاعتصام والتظاهر”. وأرجعت السيدة النصراوي وجود مثل هذه التجاوزات إلى “العقلية الانتقامية لدى البوليس الذي يواصل نفس ممارسات نظام بن علي”. قضاة بن علي يواصلون مهامهم ويرفضون حتى الفحص الطبي كما انتقدت المحامية التونسية في حديثها ل”الفجر” القضاء التونسي الذي لم يقع إصلاحه بعد، وقالت: “لازلنا اليوم نرافع أمام نفس قضاة بن علي الذين لا يعرفون معنى العدالة ويرفضون حتى العرض على الفحص الطبي لإثبات التعذيب، فالقضاء لازال يعاني من نفس الأمراض السابقة”. هناك محاولات لتوجيه الإعلام فجرت احتجاجات جديدة ورغم أن الناشطة الحقوقية تحدثت عن وجود تغيير كبير لوضع الإعلام بعد الثورة التونسية، إلا أنها تحدثت عن الضغوط الكبيرة على الصحافيين خاصة في المؤسسات العمومية حيث يتم توجيهها لصالح أطراف معينة، وقد عرفت الساحة التونسية في الأيام القليلة الماضية احتجاجات قوية للصحافيين إثر الإعلان عن تعيين مدراء ورؤساء التحرير من طرف رئيس الحكومة، كما انتقدت تصريحات الوزير الأول التونسي التي دعت إلى ضرورة وقوف الإعلام إلى جانب حركة النهضة على أساس أنها اختيار الشعب وهي ممارسة كان يقوم عليها نظام بن علي. اقتصاديا لم تبد السيدة النصراوي راضية عن الوضع، واعتبرت أن “السلطة اليوم اختارت نفس البرامج الاقتصادية ونفس المشاريع التي كان يعتمدها بن علي. استخدام المساجد في السياسة خطر على الديمقراطية كما عبرت زوجة السياسي التونسي حمة الهمامي في حديثها عن مخاوفها من تراجع ما سمته بالمكتسبات الديمقراطية، والتي تظهر حسبها في بعض تصريحات السلطات التي تحد من حرية النساء وحرية المعتقد. وانتقدت ما سمته “تعبئة حركة النهضة التونسية للمساجد وتشغيلها في السياسة لصالحها وهو أمر خطير.