وزير الداخلية لا يخاف إلا من المقاطعة في الانتخابات التشريعية القادمة! ولهذا عمد إلى اتخاذ إجراءات لحث الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومن هذه الإجراءات إعطاء عشرة أحزاب رخص الاعتماد.. والأحزاب العشرة هذه المبشرة بالجنة من طرف وزير الداخلية اجتاحتها جموع الباحثين عن رؤوس قوائم الترشح للبرلمان القادم.. وقد تنجح الداخلية بهذا الإجراء في توسيع قاعدة ما تعتقد أنه يؤدي إلى تجنيد الناس للمشاركة في الانتخابات! لكن الأكيد أن المقاطعة ستكون قوية وقد تصل حتى إلى حالة العصيان السياسي لأن الأحزاب القائمة الآن في التحالف لا تريد أن تغير ما هو موجود في البرلمان والحكومة وقيادات الأحزاب! وكل قيادات الأحزاب والوزراء والنواب يريدون الترشح مرة أخرى باسم أحزابهم.. ومن يقدم أي حزب على عدم ترشيحه سيترشح حراً أو في حزب آخر حتى ولو كانت قوائم الأحزاب السنفورية أو الوليدة الجديدة. بعض المعلومات تقول: إن وزير الداخلية قد بعث بتعليمة للولاة ورؤساء الدوائر يطلب رأيهم في الكيفية التي يرونها مناسبة لجلب الناس إلى صناديق الاقتراع! وأن الولاة ورؤساء الدوائر سيقيمون في نجاح الانتخابات بنسبة المشاركة على مستوى دوائرهم وولاياتهم! والطريف في الموضوع أن بعض رؤساء الدوائر اقترحوا أو هم في طريق أن يقترحوا على السيد الوزير صيغة لجعل نسبة المشاركة كبيرة.. دون الوقوع في محظور إجراء انتخابات غير مراقبة كما يجب أو فوز من لا ترضى عنهم السلطة أو الوقوع في محظور التزوير المقيت.. وهذا الاقتراع هو حشو صناديق الاقتراع بأوراق انتخابية بيضاء.. بحيث ترتفع نسبة المشاركة بالأصوات الملغاة دون التأثير على نتائج التصويت الفعلي بالتزوير.. أي تزوير نسبة المشاركة فقط ولا تزور الانتخابات.. وهذا للقول للخارج إن نسبة المشاركة كانت مقبولة.. والانتخابات نزيهة! وإذن فالتوجه هو نحو تزوير المشاركة وليس تزوير الانتخابات! وهي عملية تعد خطوة من السلطة في الاتجاه الصحيح! خاصة وأن تزوير المرشحين عن طريق غربلة قوائم المرشحين من طرف وزارة الداخلية أصبح من المسلمات القانونية التي تقبل بها الأحزاب القديمة والجديدة كلعبة سياسية في سياق توزيع الكوطات على مختلف التشكيلات السياسية! كل الناس في السلطة يقولون: إن الجزائر ستكون الاستثناء بالنسبة لفوز الإسلاميين لأن التيار الوطني واليساري هو التيار الأكثر تنظيما في الساحة السياسية أما التيار الإسلامي فهو مشتت ومثقل بعداء الإدارة والأمن له ومثقل بحقه من مظاهر الفساد بسبب مشاركته في السلطة.. وفوق هذا وذاك مثقل بتبعات العنف وعشرية الدم.. وهذا الأمر لم يتوفر في تجربة تونس ولا في تجربة المغرب ولا حتى في تجربة مصر.. حيث في مصر وتونس استفاد التيار الإسلامي من عداء الجيش والإدارة للتيار الوطني الذي حلت أحزابه وصفيت كحزب مبارك وحزب بن علي.. وهذا ما لم يحدث في الجزائر حيث أحزاب الإدارة والجيش والرئيس هي القوة المعول عليها في الانتخابات القادمة. ولهذا فإن المشكل الوحيد الذي يواجه الحالة الجزائرية هو مشكل المشاركة التي لن تكون كبيرة في ظل المعطيات القائمة حاليا.. ولهذا أيضا سيكون المثل الجزائري مختلفا عن تونس ومصر والمغرب!