توجه الناخبون السودانيون صباح أمس الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للجمهورية من بين ثمانية مرشحين في سباق الرئاسة السودانية، وممثلين في الأجهزة التشريعية والتنفيذية، بعد 24 عاماً من آخر انتخابات ديموقراطية، وسط دعوات حزبية وسياسية لمقاطعة الانتخابات. ومن المقرر أن يتوجه نحو 14 مليون ناخب سوداني من أصل 38 مليون نسمة لصناديق الاقتراع طيلة 3 أيام، وتمثل هذه الانتخابات، خطوة أساسية من الخطوات المقررة في اتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب في العام 2005 والذي أنهى حربا أهلية استمرت في السودان 22 عاما، وهي تسبق الاستفتاء الذي سيجري في العام 2011 على تقرير مصير الجنوب. وأشارت ومصادر اعلامية إلى أن اليوم هو يوم عمل طبيعي في العاصمة السودانية، موضحة ان نسبة الاقبال على صناديق الاقتراع كبيرة، فهناك رجال ونساء من كافة الفئات العمرية يدلون بأصواتهم، مضيفا ''الناخب يشكو البطء في إمكانية الادلاء بصوته، حيث ينتظر الناخب لفترة طويلة حتى يأتي دوره ويدخل غرفة الاقتراع''. وأرجعت المفوضية إجراء الانتخابات على 3 أيام أنه من المفترض أن يصوت الناخب ب8 بطاقات في الشمال و12 في الجنوب لأنه يختار من رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان وحاكم الولاية وأعضاء برلمان الولاية، وأوضحت المفوضية أن صناديق الاقتراع سيتم إغلاقها ببصمة سرية لا تعرفها إلا المفوضية وأن أعضاء المفوضية سيقضون ليلتهم بمراكز الاقتراع إلى جانب المراقبين ومندوبي الأحزاب السياسية مما يفند المزاعم حول التزوير. ويأمل الرئيس السوداني عمر البشير أن يؤدي فوزه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانتخابات الولايات المعقّدة، إلى إكساب حكومته الشرعية في تحديها مذكرة اعتقاله التي اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية نتيجة اتهامات بارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور. ويرى الكثير من المراقبين ان فوز البشير أصبح شبه مؤكد بعد انسحاب منافسيه الرئيسيين إثر مزاعم بوجود تزوير واسع لكن فوزا كهذا سيكون مشوبا بالشكوك في شرعية الانتخابات، وقال البشير في آخر حديث له في حملته الانتخابية في النوبة في شمال السودان، حيث دشن طريقا يربط ثلاث مناطق في الشمال ''البعض يتساءل لماذا نقوم بهذه الافتتاحات في هذا الوقت، فهل افتتحنا اشياء فارغة، ولكنها امور حقيقية على الارض ونحن بها لا نمن على الناس وهذا واجبنا تجاه مواطنينا''، ونقلت صحيفة ''السوداني'' عن البشير قوله في حوار مع قناة ''الشروق'' السودانية إن أول تحدٍ سيواجهه بعد فوزه بالانتخابات هو الوحدة، وأشار إلى أن جولته خلال حملته الانتخابية في 17 موقعاً بجنوب السودان غيرت الكثير من قناعات الجنوبيين بشأن انفصال الجنوب، مبديا ثقته بالفوز بالرئاسة وفق المشاهدات التي لمسها في زياراته لأنحاء السودان. وأكد انتهاء ما يسمى بالمناطق المقفولة وقال انه ذلك ما جعل الأحزاب التقليدية خلال مرحلة الحملات تذهب للبحث عن قواعدها وتجد أن الأشياء تغيرت فبدأت تطالب بتأجيل الانتخابات، كما عاب على رئيس حزب الامة الصادق المهدي تحدثه عن تحقق 90٪ من شروطه، وأردف ''هذه نسبة جيدة وكان عليه المشاركة وليس المقاطعة''، واوضح أن جميع امتيازات البترول قبل الإنقاذ كانت مرخصة بالكامل لشركة شيفرون الأميركية معتبرا انه خطأ كبير، موضحاً أن قسمة عوائد النفط بين الشركة والحكومة كانت ظالمة بواقع 70٪ لشيفرون و30٪ للسودان. وأضاف أن الأسوأ أن كل معلومات البترول لدى الأمريكيين لأنه لا يوجد سودانيون يعملون في مجال النفط، ويتقدم البشير قائمة المرشحين الرئاسيين ممثلاً حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وذلك بعد انسحاب ياسر عرمان من الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى جانب كل من زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، ومبارك عبد الله الفاضل المهدي عن حزب الأمة والإصلاح والتجديد، ومرشح الحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد. طريقة الاقتراع في السودان معقدة جدا تمثّل طريقة الاقتراع في الانتخابات السودانية معضلة نظراً إلى شدة التعقيد الذي تتسم به، في بلد يعاني فيه ناخبوه الذين قدر عددهم بنحو 16 مليون شخص من معدلات أمّيّة مرتفعة. ويجب على الناخب السوداني في الشمال أن يصوّت عبر ثماني بطاقات انتخابيّة، بطاقة لرئيس الجمهورية، وأخرى لوالي الولاية، وثلاث بطاقات لمجلس الولاية (جغرافية، وحزبية، والمرأة)، وثلاث بطاقات مماثلة للمجلس الوطني. أما في الجنوب فإن الناخب سيتعين عليه التصويت عبر 12 بطاقة انتخابية، ثمانية منها يتشارك فيها مع الناخب الشمالي، إضافة إلى بطاقة اختيار رئيس حكومة الجنوب، وثلاث بطاقات لمجلس الجنوب. وإن كان المشهد الانتخابي على صعيد المنافسة الرئاسية بات شبه محسوم لمصلحة البشير، فإنه يصعب التكهن بنتائج الانتخابات التي ستحملها صناديق الاقتراع وتحديداً على الصعيد البرلماني والأقاليم، وخصوصاً في ظل تداخل الانتماءات الحزبية مع الانتماءات العائلية والقبلية والدينية. وحسب ما ذكرت صحيفة ''الأخبار'' اللبنانية، ووفقاً لقانون الانتخابات، يفوز برئاسة الجمهورية ورئاسة حكومة جنوب السودان المرشح الحاصل على خمسين في المئة من أصوات الناخبين بزيادة صوت واحد أو أكثر، وفي حالة عدم إحراز أي من المرشحين هذه النسبة، وهو أمر مستبعد في الانتخابات الحالية بعد ما حملته من تطورات، تجرى دورة ثانية بين المرشحَين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات. أما على الصعيد التشريعي، فيتكون المجلس الوطني من أربعمئة وخمسين عضواً، فيما يتكوّن المجلس التشريعي لجنوب السودان من 170 مقعد، وينتخب النواب على أساس نظام انتخاب مختلط يجمع بين الأكثري والنسبي. ويُنتخب 60 في المئة لتمثيل الدوائر الجغرافية، فيما تخصص 25 في المئة من المقاعد للنساء، وتخصص ال15 في المئة الأخيرة لقوائم الأحزاب السياسية، ويجري انتخابهم على أساس التمثيل النسبي على مستوى الولاية عبر قوائم حزبية منفصلة ومغلقة.