مواطنون يشترون قطع غيار سُرقت من سياراتهم! أكدت التحقيقات الأمنية أن تضييق الخناق على مستوردي قطع الغيار المقلدة شجع على سرقة السيارات، التي يعاد تفكيكها وبيعها لبعض محلات قطع الغيار، بأسعار معقولة نسبيا، خاصة وأن الأخيرة لاقت إقبالا كبيرا عند مواطنين تضررت سياراتهم كثيرا من السلع المقلدة. سجلت مصالح الأمن الوطني العام المنصرم، سرقة عشرات السيارات التي لم تسترجع إلا عددا محدودا منها، بتوقيف اللصوص بالحواجز الأمنية أو الأسواق الأسبوعية للسيارات، في وقت يعاد تفكيك العدد الأكبر منها وبيعه لمحلات قطع الغيار لطمس معالم الجريمة والتهرب من المتابعة القانونية. وكشفت مصادرنا بالدرك الوطني، عن وضع عدد من محلات بيع قطع الغيار عبر مختلف ولايات الوطن، خاصة بالشرق الجزائري تحت الرقابة بناء على معلومات تفيد بتعاملها المباشر مع شبكات سرقة السرقات، خاصة وأن قطع الغيار الأصلية المستوردة مكلفة جدا يعجز المواطن على دفع ثمنها في الكثير من الأحيان، زيادة على أن القطع المغشوشة زاد ثمنها نسبيا في بعض المحلات مع الحصار الأمني المفروض عليها، وتشديد الرقابة على مستوردي قطع الغيار بعد الإجراءات المتخذة سنة 2009 والقاضية بالحصول على تصريح مكتوب من صاحب العلامة الأصلية، مضيفا أن قطع الغيار المقلدة سجلت تراجعا محسوسا بالسوق الوطنية خلال العامين الماضيين. وأفادت مصادرنا بوجود شبكات إفريقية متخصصة في المتاجرة بقطع الغيار المقلدة، التي تزدهر تجارتها بشكل كبير جدا في الأسواق الموازية، التي أصبحت تستقطب المواطنين بدرجة كبيرة جدا، كاشفا عن دخول كميات كبيرة منها خلال الأشهر الماضية مع الظروف الأمنية بالدول الجارة. من جهة أخرى أفادت مصادر بوزارة التجارة بأن الإجراءات المتخذة عام 2009 بخصوص تشديد الرقابة الوثائقية على مستوردي قطع الغيار ساهم في التقليل منها، لكن لم تقض على المشكل نهائيا بسبب صعوبة المراقبة، حيث تؤكد محدثتنا أن الكشف عن بعض قطع الغيار يتطلب مراقبة عينية بواسطة أجهزة خاصة، وهذا ما لا تتوفر عليه الجزائر، رغم أن وزارة التجارة أعلنت عن مشروع مركز وطني للمراقبة التقنية لقطع الغيار مع آفاق 2010 لكن لحد الساعة لم يدخل حيز التطبيق. من جهته، أكد الناطق الرسمي للاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بلنوار، أن قطع الغيار المقلدة تراجعت بالجزائر خلال السنتين الماضيتين إلى أكثر من 20 بالمائة بفضل إجراءات وزارة التجارة، رغم أن المشكل ما زال قائما في ظل وجود السوق الموازية التي تشجع على تهريب مختلف السلع والبضائع، ملحا على المواطنين بضرورة تجنبها لمخاطرها الكبيرة على سلامة السيارة كلها، خاصة المحرك، “بعض المواطنين تغريهم الأسعار المنخفضة لقطع الغيار المقلدة غير مدركين أنهم معرضين لفقدان السيارة كلها”، مشيرا لضلوع هذا النوع من القطع في حوادث المرور، التي حصدت مع نهاية العام الماضي أكثر 4500 قتيل. ولا يشتكي بعض المواطنين من التكلفة الكبيرة لقطع الغيار الأصلية فقط، بل إن مشكل الندرة مطروح بحدة، رغم الميزانية الضخمة التي تخصصها الدولة لهذا النوع من السلع، والتي زادت مقارنة بالعام الماضي. وكشف مدير الدراسات بالمركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات للجمارك الجزائرية، ل”الفجر”، أن الدولة أنفقت على استيراد قطع الغيار العام الماضي 309.56 مليون دولار أمريكي مقابل 241 مليون دولار أمريكي عام 2010 أي بزيادة نسبتها 28.26 بالمائة، واحتلت الأخيرة المرتبة الثالثة في قائمة الواردات الاستهلاكية غير الغذائية.