فجرت الثلوج مواهب الشباب الجزائري، الذي برع في تشكيل "رجل" الثلج بأحجام وأشكال مختلفة، زينت الشوارع بتحف فنية فائقة الجمال، وحولت المدن إلى معارض طبيعية لعرض ما جادت به أنامل هؤلاء من منحوتات بيضاء، عززت البهجة بعودة هذا الغائب منذ سنوات. خرج الشباب عبر كافة ولايات الوطن التي شهدت تساقط الثلوج بعد غياب دام سنوات، ليحتفلوا بالبساط الأبيض كل على طريقته الخاصة، وإن اكتفت البنات بالتراشق بكرات الثلج وأخذ الصور الفوتوغرافية وسط الديكور الأبيض، راح الكثير من الشباب يبدعون في استعمال الثلج في تحف فنية، وإن اختلفت بحسب خيال كل واحد منهم وهواياته، فإنها اشتركت في المادة الأولية التي ألهمت هؤلاء الهاوين. وبعدما استعار الجزائريون فكرة إنشاء رجل الثلج من الثقافة الأوروبية، أطلقت الكميات المعتبرة للثلوج العنان لأنامل الكثير من المبدعين الذين اتخذوا من الشوارع المغطاة بالبساط الأبيض، ورشات حية اختزلوا فيها الكثير من كل ما يجوب بخواطرهم، مانحين بذلك الفرصة للمتجولين للتمتع بديكورات إنسانية شاركت الطبيعة في إدخال البهجة في قلوب الصغار والكبار. منافسة بين الأحياء لأجمل "رجل ثلج" تفنن الشباب في مناطق مختلفة من ولاية بومرداس في إعداد رجل ثلج يمثل كل حي، وبعد أن اشتدت درجة المنافسة بينهم، قام الكثيرون بإجراء مسابقة أحسن رجل الثلج اشترك فيها الكثير من الشباب ممن تفاجأ الجميع بمواهبهم الخارقة التي أثمرت عن تحف فنية أقل ما يقال عنها أنها رائعة الجمال. ومن بين المواهب التي استفزتها الثلوج للظهور، نجد أحمد، 23 سنة، من بلدية الثنية، الذي لم يكن أحد من أصدقائه يعلم بموهبته العظيمة إلا بعد أن تمكن من صنع رجل ثلج يشبهه كثيرا، وهو ما أثار دهشة كل من يمر به، ومنح هذا الشاب الهاوي شهرة كبيرة في منطقته. فالمتجول في إحياء بلدية الثنية على سبيل المثال يلاحظ التنوع الذي أفرزته رغبة كل واحد من الشباب في البروز ولفت الانتباه بإنتاجه الشخصي، فكل شارك في هذه المسابقة الظرفية التي لم تعرف النور، إلا بعد هذا الحدث الاستثنائي الذي خص ولايات من التراب الوطني، حيث انتشرت حمى "رجل الثلج" في المنطقة لدرجة مست كل شرائح المجتمع، حتى أن رجال الشرطة تفننوا في صنع رجل ثلج كبير ألبسوه القبعة الزرقاء، وهكذا كل حسب تخصصه أبدع الجزائريون في تسخير الغطاء الأبيض لإظهار مواهبهم في الرسم والنحت. شباب ينحتون أحلامهم الوردية بكرات الثلج الأبيض استغل الكثير من الشبان فرصة التساقط المعتبر للثلوج، لإخراج مكنوناتهم، حيث لجأوا إلى استعمال هذه المادة البيضاء كمادة أولية لابتكار حرفة جديدة تجعلهم يروحون عن أنفسهم ويجسدون أحلامهم الوردية على بساط أبيض، فالمتصفح للفايبسوك يجد قد تحول إلى معرض إلكتروني للتباهي بالتحف الثلجية، وأكثر ما يثير الاهتمامات هي الخصوصية التي أضفاها الشباب على رجل الثلج ليجعلوا منه صورة واقعية تعكس أحلامهم باللون الأبيض. وبكل بساطة، إذا كان أحدهم يرغب في تحقيق أمنية فقد جسدها بالثلج. فمن لا يملك سيارة أبدع في إخراج سيارة أحلامه التي يرغب في اقتنائها ليخلدها بعد ذلك بصور فوتوغرافية، وآخر جسد حلمه في الحصول على عضلات مفتولة برجل ثلج ضخم بعضلات ضخمة تنم عن رغبة كبيرة في الحصول على قوة العضلات، وآخر حاول إظهار رغبته في امتلاك منزل بعدما شيد بيتا كبيرا من الثلج. هذا وقد اعتبر الكثير من الشباب أن الثلوج حققت لهم فرصة جوهرية في إخراج المكبوتات، فكل واحد منهم راح يغوص في دواخله باحثا عن أكثر ما يثير فرحته، فالراغب في تكوين أسرة راح يتفنن في صنع عائلة بأكملها من الثلج، لعل وعسى يتمكن من تجسيدها يوما ما على أرض الواقع. وفي هذا السياق، عبر أحد الشباب عن رغبته في الزواج بنحت أجمل عروسين، فهذا النحت لاقى رواجا وإعجابا كبيرين عند متصفحي الفايسبوك الذين أبهرتهم هذه الصورة المعبرة. وباختلاف الرغبات والأمنيات، تباينت الأشكال والتحف في الشوارع الجزائرية، ليكون المتفرج عليها المستفيد الأكبر من هذه الحملة التشكيلية الثلجية.