بات واضحا للناس أن البرلمان القادم سيكون برلمانا للفساد والرداءة! أي أنه سيكون برلمانا شديد الشبه ببرلمان مبارك في مصر قبل الإطاحة به. كل الأحزاب المتحالفة والمتعالفة وحتى قطاعات واسعة من الأحزاب الأرنبية والسنفورية اعتمدت في ترشيحها لرؤساء القوائم على ثلاث فئات: أولا: فئة رجال المال والأعمال وهي الفئة التي تشكل أكثر من %50 من رؤوس القوائم في هذه الانتخابات! وجاءت هذه النسبة عبر كل الأحزاب دون استثناء وإن كانت متواجدة بصورة أكبر في بعض الأحزاب مثل الأفالان والأرندي وحمس.. ومعنى هذا الكلام أن البرلمان القادم سيكون برلمان رجال المال والأعمال.. أي أن فكرة البرلمان التأسيسي أو البرلمان الرقابي مستبعدة تماما! لأن رجال المال والأعمال الذين اجتاحوا رؤوس القوائم هم من الذين استغنوا حديثا في العشريتين الأخيرتين.. أي لهم علاقة مباشرة بدوائر الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة.. ولذلك سيكون البرلمان القادم برلمانا حاميا ومنميا لمظاهر الفساد ولا يكون مكافحا ضد هذا الفساد بحكم تركيبة هذا البرلمان من الناحية البشرية! ولكي أكون أكثر وضوحا أقول: إن حزب الفساد المعشش في أجهزة الدولة الحساسة قد انتصر سياسيا واجتاحت عناصره كامل رؤوس قوائم المرشحين في عمومها! لذلك لا نجد رجال الأعمال في مراتب خلفية في القوائم بل نجدهم في رؤوس القوائم! وليس الإسلاميون من سيكون المنتصر الأكبر في الانتخابات القادمة ولا حتى التيار الوطني بل سيكون تيار الفساد المرتبط بالمال والأعمال هو الفائز وصاحب الأغلبية في البرلمان.. ونتوقع أن تتشكل الحكومة القادمة من تيار الفساد لتحقيق الانسجام بين البرلمان والجهاز التنفيذي. ثانيا: هناك عنصر آخر جاء في المرتبة الثانية في القوائم الانتخابية بعد عنصر الفساد وهو أبناء رجالات السلطة وعائلاتهم وأبناء القياديين في الأحزاب المتعالفة والمتحالفة والأرنبية والسنفورية.. أي أن ما ينجو من رجال المال الفاسد من مقاعد في البرلمان سيأخذه أبناء المسؤولين المرشحين هم أيضا في المراتب المهمة.. وهنا فإن التحالف بين رجال المال الفاسد في البرلمان وأبناء المسؤولين وأقاربهم مسألة واردة أيضا.. بل وتأتي قبل حكاية التحالفات السياسية الغائبة حتى الآن لغياب الممارسة السياسية الفعلية. الفئة الثالثة التي اجتاحت القوائم هي فئة المسؤولين.. فهناك حفنة من الوزراء وزعوا على عدة أحزاب.. صحيح أن عددهم قليل.. لكن كلهم احتلوا رؤوس القوائم تماما مثل رجال المال.. إضافة إلى العديد من القياديين في الأحزاب.. وتستوي في ذلك الأحزاب الكبيرة والصغيرة.. فلا توجد شخصية مهمة في حزب ما أو وزير ترشح ولا يحتل رأس القائمة! ما أريد قوله في نهاية الأمر هو أن قيادات الأحزاب بالتعاون مع السلطة قد رتبوا برلمانا لا مفاجأة فيه.. بل إنه يشبه برلمان مبارك قبل الإطاحة به حيث أخذ فيه الفساد الأغلبية الساحقة.. سواء الفساد السياسي أو الفساد المالي.. أو السياسة الوراثية التي يراد فرضها علينا بصيغ انتخابية شكلية مرتبة ومتفق عليها! ولم يبق أمامنا سوى أن نردد: نوكل عليهم ربي في انتظار أن يحدث لهم ما حدث لبرلماني بن علي ومبارك!