حروب المال الفاسد تجتاح الأحزاب المتحالفة والمتعالفة.. والعديد من الأحزاب الأرنبية وغير الأرنبية تبيع رؤوس قوائمها لأهل المال الفاسد جهارا نهارا.. ومقاولو السلطة والأحزاب من الداخل يشترون رؤوس القوائم بالمال من الأحزاب.. بعض هذه الأموال توجه بصورة شبه معلنة إلى الأحزاب خارج الحساب طبعا لتمويل الزرد الانتخابية.. وبعض هذه الأموال تذهب في الظلام وتحت الطاولة إلى رؤساء الأحزاب بصورة شخصية! والنظام لا يرى شيئا! السلطة وأحزاب السلطة محتارة في أمر الصراع بين الوزراء ورجال الأعمال والمال على رؤوس القوائم: إذا اعتلى رأس القائمة رجل المال مشكلة وإذا اعتلاه الوزير مشكلة أخرى.. فرجل الأعمال والمال يمكن أن يشتري الأصوات من الشعب.. والوزير إذا اعتلى القائمة يمكن أن يبيع الشعب الطمع والوعود! أحزاب المال الفاسد والحكم الفاسد اختارت في بعض الولايات المهمة رجال المال الفاسد على رأس القوائم.. لأن الانتخابات القادمة ستكون مؤسسة على صراع المال الذي يأتي به الإسلاميون من الخارج.. والمال الذي يأتي به رجال المال المرتبطين بالفساد السلطوي من الداخل بعد سنوات غض الطرف عن الفساد! وإذن المعركة الانتخابية ستكون بين الفساد والفساد وحده! أغرب ما سمعناه هو أن حزبا سياسيا في السلطة يريد ترشيح مقاول في مدينة كبرى في شرق البلاد عبر عن استعداده لوضع ما لا يقل عن 3.5 مليار سنتيم تحت تصرف هذا الحزب إذا وضعه على رأس القائمة! وحزب آخر مساو للحزب السابق في السلطة أو يفوقه قرر أن يرشح مقاولا آخر في قائمة تيزي وزو.. ردا على ما قام به الحزب الآخر في الشرق؟! حزب ثالث اهتدى إلى فكرة شيطانية مربحة جدا فعمد إلى التفكير في ترشيح المرأة الجميلة والمثقفة طليقة القرضاوي في مدينة تلمسان.. والذين يحبون القرضاوي سينتخبون لا محالة على طليقته! إلى هذا الحد بلغ الهوان والعبث بانتخابات يقال إنها مصيرية بالنسبة للجزائر؟! الحكومة فعلا "مخنوقة".. إذا رشحت الوزراء قاطع الشعب هذه الانتخابات وإذا لم ترشحهم كان ذلك بمثابة الدليل على فشل الحكم القائم! جل الوزراء يريدون الترشح على قوائم أحزابهم.. لكنهم يريدون التأييد المسبق من الرئيس بوتفليقة باعتباره الأمين العام أو الرئيس الفعلي لكل الأحزاب السياسية التي انحدر منها وزراء حكومة التحالف! ويبقى السؤال المحير هو: هل يمكن أن نعول على انتخابات تجرى بمواصفات ما يحدث في عالم إعداد القوائم الانتخابية أن تفرز لنا برلمانا يمكن أن نعول عليه في إعادة صياغة الحياة السياسية من خلال إجراءات تعديل الدستور؟! هل يمكن أن يؤدي الإصلاح الذي وعد به الرئيس إلى انتخابات تجرى أساسا بالمال الفاسد وبالمفسدين وتنتج لنا غير المفسدين؟! نعم نظرية الرياضيات تقول ذلك: اضرب العدد السالب في السالب يعطيك الموجب لكن العلوم السياسية ليست علوم دقيقة.. فالسالب إذا ضرب في السالب ضاعف الحالة السلبية.. والتأجيل هنا يصبح هو الحل. الله يستر البلاد من انتخابات الفساد القادمة.. لأن كل الدلائل تشير إلى أننا سنكرر انتخابات أحمد عز ومبارك وجمال التي أدت إلى ما أدت إليه في مصر الشقيقة؟!