الرئيس تبون: الإصلاحات القانونية العميقة تهدف إلى تكريس الحقوق والحريات وتعزيز العدالة المستقلة    رئاسة الجمهورية تعزي في وفاة عميد الصحافة الجزائرية أبو بكر حميدشي    مكالمة هاتفية بين الوزير الأول سيفي غريب ونظيره المصري مصطفى مدبولي لتعزيز التعاون الثنائي    تطلق مسابقة لتوظيف وتكوين أعوان الشرطة    جلاوي يترأس جلسة عمل تنسيقي وتقييمي مع إطارات القطاع    انتشال نحو 200 شهيد من حرب الإبادة الجماعية    الصالون الوطني للزربية والنسيج بداية من اليوم    دمية "لابوبو".. لعبة بريئة أم خطر ثقافي وعقائدي يهدد الشباب    وفاة رجلين اختناقا بغاز المدفأة في الخروب بقسنطينة    وزير الأشغال العمومية يؤكد من الجلفة على ضرورة احترام الآجال المحددة لتجسيد مشاريع القطاع    العثور على الطفل المفقود بالشلف متوفى وفتح تحقيق للكشف عن ملابسات القضية    شباب يعتنقون خرافات من ثقافة الجاهلية الإسرائيلية والهندوسية    رئيس الجمهورية يعزّي أمير قطر في وفاة 3 دبلوماسيين    الجزائر كيّفت إطارها القانوني مع الرهانات الجديدة    الجيش سدّ منيع أمام محاولات العبث بأمن الجزائر    4 قتلى و238 جريح في 24 ساعة    تقرير المصير والاستقلال حق ثابت للشعب الصحراوي    نشتغل على 80 مشروعا في مختلف المجالات    يوم دراسي حول الصيرفة الإسلامية    مشروع جزائري - عماني لصناعة الحافلات والمركبات الخدماتية    توقُّع زراعة 50 ألف هكتار من الحبوب    "راحة القلب والروح" تغمر الجزائريين    تألّق عمورة وغويري يعقّد عودة سليماني ل"الخضر"    بول بوت يتحدى بيتكوفيتش في قمة الأمل الأخير    عنف بلا آثار وندوب لا تشفى    زروقي محبط لاستبعاده من المنتخب الوطني    وزير الصحة يلتقي نقابة الأسلاك المشتركة    نزهة على بساط التراث والطبيعة    قصص صغيرة عن حدث جزائري قارّ    حصن المعذبين إرث تاريخي يُنظَّف بأيدي الأجيال    اجتماع بوزارة الأشغال العمومية لمناقشة مشاريع القطاع بولاية الجلفة تحسبا لزيارة ميدانية للوزير جلاوي    السفير الصحراوي بالجزائر يشيد بالدعم الثابت للجزائر ويجدد تمسك الشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير    رقم قياسي للمنتخبات العربية المتأهّلة    اجتماع تنسيقي لتوفير العتاد الفلاحي    حركة مجتمع السلم تشيد بجهود الدولة    الحدود مُؤمّنة بفضل قوّة ويقظة الجيش    الجزائر تحتضن الاجتماعات السنوية مطلع نوفمبر    التأكيد على تعزيز العمليات المتعلقة بالبنى التحتية الجيولوجية    بلمهدي يزور جامع سفير    الخضر يستعدون لمواجهة أوغندا    تنصيب وفد التحضير للحج    تمديد فترة إيداع العروض التقنية والمالية    نحيي"صمود الفلسطينيين في وجه الاجرام و الإبادة الصهيوينة"    حث على"مواصلة الجهود الملموسة للحد من الإجرام الخطير"    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    الاتحاد البرلماني العربي يرحب باتفاق وقف الحرب على غزّة    صغار الخضر ينهزمون    اجتماع تنسيقي بين ثلاث وزارات    اجتماع بين3 قطاعات لضمان صيانة التجهيزات الطبية    رئيس الجمهورية يهنئ المنتخب الوطني عقب تأهله إلى كأس العالم 2026    الفريق أول السعيد شنقريحة يهنئ المنتخب الوطني بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    الأدب ليس وسيلة للمتعة فحسب بل أداة للتربية والإصلاح    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    هذه مخاطر داء الغيبة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



”الروايات الشفهية القبائلية تصنع التميز في أدب الطفل الجزائري”
أعابت على الكتاب الجزائريين تهميشهم لشريحة الأطفال كورين شوفالييه في حوار ل”الفجر”
نشر في الفجر يوم 01 - 06 - 2012

أبدت الكاتبة والمؤرخة كورين شوفالييه تشاؤما كبيرا فيما يخص وضعية أدب الطفل في الجزائر، معتبرة أن هذا الأخير لم يُمنح الاهتمام اللازم الذي يساهم في تطويره والرقي به إلى مصاف أدب الطفل العالمي، وأشارت صاحبة الروايات الخمس الموجهة للأطفال إلى بصمة التراث القبائلي في دفع عجلة هذا النوع الأدبي، وحاولت من خلال الحوار الذي أجرته معها ”الفجر” الغوص أكثر في عالم البراءة، فكان لنا معها هذا الحوار.
بداية تزورين الجزائر عشية الاحتفال باليوم العالمي للطفل ما الذي يمكنك قوله بالمناسبة ؟
لقد طلب مني الحديث عن أدب الطفل، وبحكم اهتمامي بهذا النوع من الأدب وأملك بعض المؤلفات الموجهة للأطفال، أجدني مندفعة وجد متحمسة لعرض تجربتي المتواضعة أمام المهتمين بثقافة الطفل في الجزائر، كما أنه لا يمكنني بأي حال من الأحوال رفض أي دعوة تأتيني من بلدي الجزائر.
كورين شوفالييه من الاهتمام بالتاريخ إلى قرار الكتابة للأطفال كيف حدث ذلك ؟
يعود الفضل في ولوجي عالم البراءة إلى المؤسسة الوطنية للكتاب سنوات الثمانينات، حيث طلب مني نابا، مسيرها آنذاك، تأليف رواية مغامرات للشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و14 سنة، بحكم افتقاد الساحة الجزائرية لهذا النوع من القصص الموجهة لشريحة الأطفال والمصاغة بمقاييس ومعايير تخدم البلد الأم، ولأنه كان مطلعا على الأدب الوطني والعالمي، كان يبحث عن رواية تخاطب مباشرة الشباب في أطوار المراهقة الأولى، فجاءت روايتي الأولى ”أطلال، ماعز وسفن”، وبطلها طفل صغير يعيش مغامرات عدة، وبحكم اهتمامي بالتاريخ وضعت الرواية في قالب تاريخي يخدم معارف الأطفال ويطلعهم على مغامرات وأحداث وقعت في الجزائر خلال قرون غابرة، وواصلت اهتمامي بهذا الجانب من أدب الصغار، وصادف أن طلبت مني درا نشر فرنسية كانت تصدر سلسلة ”تاريخ من التاريخ” أن أكتب أيضا للشباب، فخضت معها هذه التجربة التي لم تخرج عن سياق تتبعي للتاريخ الجزائري عبر كتب الشباب، وعلى الرغم من أن العرض كان من دار نشر فرنسية إلا أن ذلك لم يمنعني من الحديث عن بلدي الجزائر، وبعدها جاء عنوان ثالث وهو ”حفيدة الطاسيلي” والذي أجده شخصيا رائعا، وهو اليوم متداول ضمن الأدب الفرنسي المتداول في عديد المدارس الجزائرية.
كيف تجد كورين شوفالييه نفسها وهي تغوص في عالم البراءة ؟
أنسجم تدريجيا، والمشكل الذي يطرح في كل مرة هو التواجد في درجة تسمح ببناء حوار جدي ودائم مع الأطفال حتى نكون دوما في مستواهم، وفي الوقت ذاته لا يجب عدم نسيان أن الأطفال بإمكانهم فهم أكثر مما نتصوره نحن الكبار، وما أحاول تقديمه في هذا المجال هو إعطاء مساحة كبيرة للمغامرات، وإبراز سحر وجمال الوطن الأم الجزائر مقارنة بالقصص الأجنبية التي اعتاد عليها القراء الجزائريون الصغار على استهلاكها من الثقافة الغربية المصدرة إليهم.
يقوم أدب الطفل في شقه الأكبر على القصص الشعبية القديمة، كيف يمكن للكاتب أن يطور هذه القصص ويجعلها تعايش جيل اليوم من البراءة بعد سنين إن لم نقل قرون من تداول هذه القصص؟
أدب الطفل لا يقوم بالضرورة على القصص الشعبية القديمة التي ترويها الجدات عادة للأحفاد وتساهم في ترسيخ حكايات الزمن الغابر في ذاكرة الأطفال، لكنه بالمقابل لا يمكنه الاستغناء عنها، ويبقى هدف الكاتب الذكي هو محاولة التوفيق بين الكفتين، فلا يطنب في توظيف القصص القديمة كما هي ولا يتجاهلها كليا، وعلينا نحن كفاعلين في هذا الحقل تكييف هذا التراث الأدبي وتجديده بما يضمن انسجامه وتفكير وطموحات أطفال اليوم، لأن قصص الساحرات والأميرات وغيرها التي عرفها السلف قد تكون ممتعة لفترة معينة ثم تصبح غير مرغوب فيها، وعليه يجب على الكاتب أن يصل إلى ملامسة ما يطلبه الطفل والمحافظة على هذا الجانب السحري المليء بالروعة والخصوصية وكذا الاستثناء، الغرابة والمغامرة، لأن ذلك يقربه من شخصيات أبطال القصص ويجعله يطمح في الاقتداء بها وهذا كله يتطلب فبركة خاصة وقولبة متمكنة.
معروف أن الكتابة للأطفال والشباب أصعب من الكتابة للراشدين، كيف تنظر كورين شوفالي إلى هذه المسألة؟
بالتأكيد الكتابة للأطفال والشباب أصعب بكثير، وهذا راجع إلى خصوصية هذه الشريحة التي لا تزال في مرحلة النمو ولا تستطيع التمييز بين الأمور الإيجابية والسلبية، كما أن كل ما يقدم للطفل يترسخ ولا يمكن إزالته بسهولة، لذلك يجب مراعاة توظيف المصطلحات وتركيب الجمل، واعتماد الكلمات البسيطة دون المعقدة، لكنني أعيد وأكرر أنه لا يجب الاستهتار بذكاء الأطفال وقدرتهم على سرعة الاستيعاب، وهذا يستدعي من حين لآخر تمرير بعض الكلمات والجمل المعقدة التي لا تستعصي عليهم لأنها تساهم في إثراء رصيدهم الأدبي دون الإسهاب الذي قد يدفع إلى الملل، غير أنها تعتبر إضافة حقيقية للقاموس اللغوي الخاص بالبراءة، مع الحذر الدائم في كل ما يقدم لأطفالنا.
تحدثت عن طبيعة الكتابة للطفل، ماذا عن الخصائص التي يجب أن تتوفر في الكاتب الذي يتواصل دوما عبر مؤلفاته مع هذه الشريحة؟
أولا أعترف بأنني لست دائمة التواصل مع الأطفال، لأنني أكتب لهم أحيانا وأنا أحب الكتابة للكبار، وجل ما يمكنني قوله بهذا الصدد هو أنه يجب على الكاتب أن يضع نفسه مكان الطفل الذي يكتب له أو بالأحرى يلعب دور الطفل وهو يكتب قصصه، وأن يبقى دوما في مستواهم الفكرى، لأن الأطفال باستطاعتهم فهم الكثير وتقديم تأويلات عدة لما يتلقونه.
كيف تقيم كورين شوفالييه حركية أدب الطفل في الجزائر؟
لا أعرف الكثير من الكتب خارج الروايات الموجهة للأطفال، وأعترف بأن هناك نقصا كبيرا، لكنني أشيد بالروايات القبائلية المكتوبة بالفرنسية وهي كثيرة، وأعتقد أن هذه المنطقة فرضت نفسها في أدب الطفل دون سواها، وعدا ذلك لا توجد حاليا مؤلفات للشباب مابين سن 11 و13 سنة. فهذه الشريحة مهمشة كليا في الكتابات الجزائرية، أما الموجهة للأطفال دون سن ال10 سنوات فيوجد الكثير منها لكنها لا تتعدى قصص الساحرات، التنين وغيرها من القصص المستهلكة، والملام الأول في ذلك هم الكتاب الذين همشوا هذه الشريحة وتجاهلوا اهتماماتها.
لكن هذه الشريحة المقبلة على مرحلة المراهقة أمامها العديد من الخيارات الأخرى عدا الكتاب، منها التلفزيون، الأنترنت وغيرها من الوسائط الإلكترونية، كيف يمكن للكتاب أن يأخذ مكانته في ظل هذه المنافسة ؟
ببساطة عن طريق الإبداع، وهو الدور الملقى على عاتقنا نحن الكتاب، دون نسيان أن هؤلاء الشباب يتواصلون فيما بينهم، لذلك يجب علينا أن نسعى دوما لجلب انتباههم بالتركيز على عنصر التشويق لكسر الروتين، وعدم الكتابة من أجل الكتابة، بل الحرص على تقديم إضافة نوعية، خاصة أن الكتاب لا يعوض من طرف الأنترنت وغيرها، دون إغفال دور الأولياء في ترسيخ فكرة الاهتمام بالكتب لدى أطفالهم وإقناعهم بأن الكتاب رفيق دائم يرافقنا حيث كنا، ونعود إليه متى شئنا كما يمكن توريثه لأجيال من بعدنا، وقد يحدث ونتصفح نحن الكبار بعض العناوين التي مرت علينا في الصبا ونجد فيها السحر ذاته والمتعة نفسها التي عشنها ونحن صغارا.
إذن كيف نشجع الأطفال على اتخاذ الكتاب رفيقا دائما ؟
الحل الوحيد هو تعويدهم على القراءة منذ الصغر، بالإضافة إلى دور الأساتذة في تحبيب المطالعة للتلاميذ، كما أن الشيء المشجع أيضا هو إثراء الساحة الأدبية بالإصدارات، لأن وجود العديد من العناوين يقدم خيارات مختلفة للأطفال ويدفعهم إلى البحث عن الأفضل، والأهم من ذلك أن يكتب الكاتب عن أمور قريبة من بيئتهم تجذبهم نحو المطالعة، إلى جانب توظيف النهايات السعيدة في قصص الأطفال وعدم قتل البطل، لأن ذلك قد يجرح كبرياء البراءة التي ترى نفسها في أبطال القصص التي تقرأها، وهو ما يحتم علينا جعل البطل دائما طفلا صغيرا، وهو الشائع دوما في القصص الجزائرية، لذلك فكرت في خرق هذه القاعدة في روايتي ”حفيدة الطاسيلي”، حيث قررت أن تكون بطلتها فتاة صغيرة وهو ما منحها تميزا، وهذا ليس تحيزا مني كوني امرأة لكنه اعتراف بدور المرأة في المجتمع.
ماذا عن دور الصورة في مؤلفات الأطفال ؟
هذه نقطة جوهرية والكاتب يجب أن يتعاون مع رسام بارع، لأن كتاب الطفل مبني في شقه الأكبر على الصورة، لذلك يجب على الكاتب أن يمنح الصورة اهتماما أكبر، وأنا شخصيا أجد نفسي محظوظة بالتعاون مع الفنان حسين مشمش الذي يملك يدا سحرية ورؤية مميزة للعالم، وأنا أعشق رسوماته التي زينت رواياتي الخمس، ولن أجد رساما أفضل منه.
هل تحضر كورين شوفالييه لإصدار جديد؟
أنا لا أكتب حاليا للأطفال، لكنني أحضر رواية جديدة تغوص في عمق الجزائر وتاريخها الذي أعشقه، وقد اخترت هذه المرة العودة إلى القرن 16 من تاريخ هذا البلد العزيز على قلبي، لأبحث في جماليات هذه الفترة وما تحتفظ به في ذاكرتها التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.