يقترب يوما بعد يوم، الحل الأمني الدولي في شمال مالي، خصوصا بعد أن تحدث المشاركون في اجتماع أبيدجان الذي عقد أول أمس، عن طلب رسمي وسريع سيقدمه الاتحاد الإفريقي حول مهمة محددة لعملية عسكرية تهدف إلى الدفاع عن سيادة أراضي مالي، التي ترفض السلطات الجزائرية التدخل العسكري المباشر فيها لأي سبب كان، إلا تحت غطاء الشرعية الدولية. دعت المجموعة الدولية إلى تقديم طلب رسمي في “أسرع وقت ممكن” إلى مجلس الأمن من اجل التدخل عسكريا في شمال مالي دفاعا عن سيادة أراضيه وإجهاض محاولة إقامة دولة تحكمها جماعات إسلامية مسلحة، فيما يشهد الوضع الأمني تصعيدا خطيرا في أعقاب اشتباكات جرت لأول مرة منذ إعلان هذه المجموعات عن توحيدها بعد أن تراجعت بسبب خلافات داخلية. وقرر الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” والأممالمتحدة طلب دعم من مجلس الأمن من أجل تدخل عسكري في شمال مالي الذي تسيطر عليه منذ أكثر من شهرين مجموعات مسلحة مستغلة الانقلاب الذي وقع في 22 مارس الماضي ضد الرئيس السابق مامادو توماني توري. وشدد المشاركون في اجتماع أبيدجان، في بيان لهم، على “ضرورة تحريك كل الوسائل المناسبة بما فيها العسكرية لمساعدة دولة مالي ماليا من أجل إعادة بناء جيشها ودعم الجهود الهادفة إلى عودة سلطة الدولة في أسرع وقت ممكن إلى شمال البلاد ودحر المجموعات الإرهابية أو أية مجموعة أخرى يؤثر نشاطها على الاستقرار والأمن في مالي والمنطقة”. وأكد ممثلو الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى ومجموعة إيكواس أن منظماتهم ودولهم مستعدة لتقديم دعم مالي ولوجستي لهذه الجهود وحشد كافة الوسائل الممكنة للمساهمة في استرجاع مالي لأراضيها في الشمال في أسرع وقت ممكن. هذه المعطيات الجديدة ستؤثر حتما على الموقف الجزائري بخصوص قناعته بعدم التدخل العسكري في أي دولة أجنبية إلا تحت غطاء الشرعية الدولية. وهو الموقف الذي تصر عليه الجزائر دوما، لا سيما في اجتماعات دول الميدان المكونة من كل من الجزائر وموريتانيا والنيجر، حيث دعت دائما إلى الحفاظ على الوحدة الترابية لمالي، مفضلة إيجاد حل سياسي عبر المفاوضات لإنهاء الأزمة. وكان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل قد ذكر في تصريحات سابقة أن دول المنطقة يجب أن تجد حلا سياسيا عبر المفاوضات من أجل التوصل لحل ينهي الأزمة المالية ويعيد إلى هذه الدولة مكانتها في المنطقة الإفريقية، حيث رأى أن الحل لا يمكن أن يكون بتدخل عسكري يؤزم الأوضاع أكثر مما هي عليه ويزيدها تعقيدا، ورافع لصالح حوار بين الماليين يمكنهم من خلاله الخروج بحل سياسي دائم. لكن شبه إجماع المجموعة الدولية على مطالبة مجلس الأمن بالتدخل العسكري في شمال مالي، سيسرّع في دخول آلة الحرب الدولية إلى شمال مالي قرب الحدود الجزائرية، وهو ما من وسعه إرباك المنطقة أكثر فأكثر.