ما يقوم به الإخوان المسلمون اليوم في مصر لا يختلف عما قام به "إخوانهم" هنا في الجزائر، عندما شكلوا حكومة حتى قبل الانتخابات التشريعية للضغط على الشارع وعلى الرأي العام من جهة، وللتخويف من جهة أخرى، لأن جماعة مرسي لو كانت متأكدة فعلا من فوز هذا الأخير في الانتخابات لما لجأت إلى التهويل الإعلامي والاحتفال بالانتصار قبل الإعلان عن النتيجة الرسمية. لا شيء حسم في مصر، والضجة الإعلامية التي تحاول "الجزيرة" الضغط من خلالها على المجلس العسكري في مصر، هي تكتيكا ليس إلا ومرسي لم يفز بعد بالرئاسة، ويكفي قراءة في الأرقام التي قدمتها مداومة مرسي والفروق الشاسعة بين عدد الأصوات وما يعبر عنها بالنسب المئوية لندرك أن هذه الأرقام ليس لها سند صحيح. ثم إن لجان مراقبة الانتخابات والمشرفة على عد الأصوات قالت إن كل ما يصدر عن تصريحات حول فوز مرشح أو آخر لا أساس له من الصحة، ولا يعني اللجنة. لكن ما الهدف من إعلان الفوز بهذا الصخب من طرف الإخوان، إن لم يكن لتبرير العنف والفوضى التي ينوون إغراق مصر فيها في حال لم يفز مرشحهم وفاز شفيق بمبرر التزوير. نفس الكلام الذي كان يلوح به أبو جرة سلطاني والمرشحون الإسلاميون الآخرون في الانتخابات الجزائرية الأخيرة، عندما هددوا بالخروج إلى الشارع في حال لم يفوزوا فوزا ساحقا في هذه الانتخابات. هذا التكتيك الذي دأب الإسلاميون على استعماله، هل ينجح في مصر بعدما فشل في الجزائر؟ كل الأدلة تقول عكس ذلك، خاصة وأن المجلس العسكري في مصر أعلن يومين قبل الجولة الثانية من الرئاسيات عن حل مجلس الشعب ولجنة صياغة الدستور، ما يؤكد أن العسكر مسيطر على سير العملية الانتخابية وأن النتيجة لن تكون بالضرورة لصالح مرسي والإخوان يدركون هذا جيدا ولذلك أكثروا من الصخب والإعلان مسبقا عن الانتصار حتى يبرروا ما سيقومون به من عنف وفوضى في حال فاز شفيق بالرئاسة. فمليونية الاحتفال بالفوز التي بدأ الإخوان يعدون لها، قد تتحول إلى مليونية دم ونار، لن تحرق مصر وحدها، بل تحرق كل المنطقة العربية، بمباركة "الجزيرة" وأخواتها. الخوف كل الخوف أن يقود الاقتتال على السلطة بين العسكر والإخوان إلى إغراق مصر التي تعاني منذ أزيد من سنة من سلسلة من الأزمات في مستنقع الفوضى والإرهاب وتعطيل الحياة الاقتصادية وشل مؤسسات الدولة، ومعها مصالح الإنسان المصري، لأن الإسلاميين لا يملكون حلولا سحرية، ويكفي إلقاء نظرة على ما يحدث الآن في تونس لنعرف أي مصير ينتظر مصر في حال اعتلى مرسي الرئاسة.