الجيش يهدد باستخدام القوة ضد "الإضرار بالمصالح العامة والخاصة" انتفض ميدان التحرير، أمس، مجددا حيث احتشد آلاف المتظاهرين في الميدان للاحتجاج و”الاعتصام المفتوح” الذي دعت إليه جماعة الإخوان المسلمين تعبيرا عن رفض ”الانقلاب على الإرادة الشعبية” والمطالبة بسرعة إعلان ”فوز” محمد مرسي في الرئاسيات، وذلك بعد تأجيل الإعلان عن نتائجها. ويأتي ذلك وسط التناقض الذي خلفه إعلان كل من المرشحين مرسي وشفيق فوزهما بالرئاسيات. يطالب المتظاهرون الذين ينتمون في أغلبيتهم للتيار الإسلامي، إضافة إلى حركات شبانية حليفة لمرشح الإخوان والذين توافدوا من مختلف المحافظات المصرية، بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وقرار حل مجلس الشعب وقرار منح سلطة الضبطية القضائية للجيش والشرطة العسكرية لغير العسكريين. وكان قياديون في جماعة الإخوان المسلمين وجناحهم السياسي حزب الحرية والعدالة قد دعوا إلى مظاهرات و”اعتصامات مفتوحة” بمختلف ميادين مصر إلى حين تحقيق تلك المطالب وتسليم السلطة كاملة من المجلس العسكري للرئيس المنتخب في الموعد المحدد. وقد أكدت العديد من القوى السياسية المصرية رفضها الشديد للإعلان الدستوري المكمل التي يعطي صلاحيات واسعة للمجلس العسكري على حساب الرئيس المنتخب، غير أنها لم تقرر الاشتراك في مظاهرات أمس، معتبرة أن جماعة الإخوان المسلمين لها سوابق في الحشد للاحتجاجات في إطار صراعات مصلحية خاصة. وحذر الإخوان المسلمون الخميس السلطة العسكرية من الدخول في ”مواجهة” مع الشعب إذا لم يتم إعلان فوز مرشحهم محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي تم تأجيل إعلان نتائجها، واحتشد أنصارهم في ميدان التحرير، في حين أعلن منافسه أحمد شفيق أنه ”واثق من الفوز” داعيا للهدوء. ويشهد الشارع المصري توترا شديدا وانقساما بين أنصار مرسي وشفيق، آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، في انتظار إعلان الفائز بالجولة الثانية من أول انتخابات رئاسية تجرى منذ إسقاط النظام السابق في 11 فيفري 2011. وأعلن شفيق في تصريحات للصحافيين مساء الخميس أنه ”استنادا لأرقام الفرز ورصد حملتي كلي ثقة بأنني سوف أكون رئيس مصر”، مضيفا مع ذلك ”أنتظر أن تقول اللجنة الانتخابية الكلمة الفصل (...) وسوف أحترم كلمتها”. وانتقد شفيق ”محاولات فرض الضغوط لتصدر اللجنة النتيجة بشكل معين” في تلميح للإخوان المسلمين ”وهذه المظاهرات في الميادين وحملات التخويف والترويع الإعلامي بهدف الضغط على اللجنة الانتخابية”. وندد بسعي البعض إلى ”القفز على كلمة مصر” من خلال ”الصفقات” أو الاستقواء ب”جهات خارجية” دون المزيد من التوضيح، مكتفيا بالقول ”نؤمن ونثق أن من يختار رئيس مصر هو الناخب المصري”. ودعا للهدوء والاحتكام للقانون والحفاظ على أمن مصر. وقال في هذا السياق ”دعونا نهدأ وننتظر النتيجة الرسمية فهدفنا العبور بمصر من هذه المرحلة الدقيقة بسلام (...) اناشد الجميع أن يحافظ على أمن مصر (...) أنا أمد يدي للجميع ويجب أن ينتهي عصر الإقصاء وروح الانتقام”. وكان إعلان نتائج الانتخابات مقررا الخميس غير أن اللجنة الانتخابية أعلنت الأربعاء تأجيله إلى أجل غير محدد لأنها ”بحاجة إلى مزيد من الوقت” للنظر في الطعون. وتسري أنباء غير مؤكدة عن احتمال أعلانها اليوم السبت أو غدا الأحد. في الأثناء وفي تصريح نشره موقع الإخوان، حذر عضو مكتب إرشاد الجماعة محمود غزلان من ”مواجهة بين الجيش والشعب” إذا ما إعلن فوز شفيق. ويحتج الإخوان المسلمون كذلك على إصدار المجلس العسكري الحاكم إعلانا دستوريا مكملا يمنحه صلاحيات واسعة ويستعيد بموجبه السلطة التشريعية بعد أن قررت المحكمة الدستورية العليا الخميس الماضي حل مجلس الشعب الذي كان الإسلاميون يهيمنون عليه. وبمقتضى هذا الإعلان الدستوري المكمل، لن يستطيع رئيس الجمهورية إصدار أي قوانين إلا بعد موافقة المجلس العسكري ما يقلل بدرجة كبيرة من هامش المناورة الذي سيتمتع به. وحصل المجلس العسكري بموجب هذا الإعلان على صلاحيات كبيرة في مجال الأمن كما سيتمكن من التأثير على عملية كتابة الدستور الجديد للبلاد. من جهتها أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن قلقها من الإجراءات التي اتخذت أخيرا خصوصا قرار وزارة العدل بمنح ”حق الضبطية القضائية” لرجال المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية وهو ما يخول لهم حق توقيف المدنيين وإحالتهم إلى النيابة. وفي سياق آخر دعت وزارة الأوقاف المصرية، مساء الخميس، الأئمة والدعاة إلى رفض زيارة إيران استجابة لدعوات وصفتها ب(المشبوهة). ووجه المجلس العسكري الحاكم في مصر بعد ظهر الجمعة تحذيرا لكافة القوى السياسية في مصر، موجها خصوصا للإخوان المسلمين، من أن قوات الأمن والجيش ستواجه ”بمنتهى الحزم والقوة” أي إضرار بالمصالح الخاصة والعامة في الوقت الذي تشهد فيه البلاد توترا سياسيا حادا بين المجلس العسكري الحاكم والإخوان المسلمين. وأكد المجلس في بيان بث عبر التلفزيون أن قوات الجيش والأمن ستتولى ”مواجهة أي محاولات للإضرار بالمصالح العامة والخاصة بمنتهى الحزم والقوة بمعرفة أجهزة الشرطة والقوات المسلحة في إطار القانون”.