أكد وزير المالية، كريم جودي، أن التسيير الاحترازي للنفقات العمومية الذي تحدثت عنه الحكومة كضرورة لمواجهة الانعكاسات المالية لتراجع أسعار البترول يستثني كل تخفيض في الأجور والتحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار، حيث أوضح جودي أن تسيرا جيدا للشؤون العمومية يتطلب بالفعل “تحديد وتسقيف” نفقات التسيير، غير أنه” كما قال يمكنني أن أطمئنكم بأن الأجور والتحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار لن يمسها هذا الإجراء”، في إشارة إلى أن سياسة التقشف التي تنوي الحكومة انتهاجها لا تعني تلك النفقات. صرح وزير المالية، أمس، للإذاعة الوطنية أن مسار النفقات الجارية سيستمر رغم كل شيء وأن هذه النفقات ستستقر “في مستوى مقبول” لاسيما مع نهاية عمليات دفع المؤخرات المتعلقة بالأنظمة التعويضية والقوانين الخاصة (الوظيف العمومي) حيث جاء رد فعل الوزير على خلفية التعاليق الصادرة عن مختلف الجهات التي اتهمت الدولة بالدعوة إلى انتهاج سياسة التقشف على حساب الفئات المحرومة دون المسؤولين السامين في الدولة. وأشار جودي إلى أن الدولة عازمة على “إبقاء سياسة الدعم المباشر للأسعار مثل الدعم الخاص للحليب والقمح والزيت والسكر والدعم غير المباشر مثل تطهير مؤسسات إنتاج الكهرباء على سبيل المثال”، حيث ذكّر أن ميزانية الدولة لسنة 2012 رصدت 2850 مليار دينار ( حوالي 39 مليار دولار) بالنسبة لأجور الموظفين وأكثر من 1300 مليار دينار بالنسبة للتحويلات الاجتماعية وحوالي 200 مليار دينار بالنسبة لدعم المواد الأساسية كالحليب والحبوب والسكر والزيوت الغذائية. وعليه فإن المبالغ المالية المرصدة لميزانية التسيير والمقدرة بأكثر من 4600 مليار دينار قد تضاعفت منذ سنة 2008، حيث لم تكن تقدر سوى ب 2,363 مليار دينار (قانون المالية التكميلي 2008). كما خصص قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي ينص على إجمالي نفقات يقدر ب 7428 مليار دينار وعجز مالي يساوي 4,25 بالمائة من الناتج الداخلي الخام غلافا ماليا إضافيا قيمته 317 مليار دينار من أجل التكفل بالزيادات في الأجور لسنة 2011. وأرجع جودي ارتفاع نسبة التضخم إلى هذه الزيادات، حيث بلغت مستوى قياسيا ب 9,6 بالمائة نهاية ماي 2012 . كما أضاف أنه إذا لم يكن للاستيراد الهام للسيارات السياحية جراء الزيادة في الأجور تأثيرا على التضخم فإن الاستهلاك الداخلي المرتفع بسبب هذه الزيادات قد شجع هو الآخر ارتفاع نسبة التضخم. وكان وزير المالية قد أدلى في تصريح على هامش اختتام أشغال الدورة الربيعية للبرلمان بغرفتيه، دعا فيه إلى ضرورة انتهاج سياسة التقشف وقال إن اللجوء إلى هذه السياسة يمليه تراجع أسعار البترول. وكان بنك الجزائر قد حذر مؤخرا من استمرار ارتفاع النفقات العمومية، معتبرا أن الجزائر بحاجة إلى سعر برميل يفوق 110 دولار للحفاظ على توازنها المالي علما أن العائدات البترولية تمثل 97 بالمائة من مداخيل الجزائر وأكثر من 70 بالمائة من العائدات المالية.