لا تخفيض في الأجور و الدولة لن تتخلى عن دعم الأسعار أكد وزير المالية كريم جودي أمس بالعاصمة،أن الحكومة ليست لها النية ولا تفكر مطلقا في تخفيض الأجور، أو التخلي عن مواصلة سياسة دعم الأسعار في إطار الإجراءات الجديدة التي قررت اتخاذها من أجل التحكم في النفقات العمومية بهدف الحد من التأثيرات السلبية لتراجع أسعار البترول. و قال جودي أن التسيير الاحترازي للنفقات العمومية الذي تحدثت عنه الحكومة كضرورة لمواجهة الانعكاسات المالية لتراجع أسعار البترول يستثني كل تخفيض في الأجور و التحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار. و أوضح عضو الحكومة في تصريح إذاعي، أن تسييرا جيدا للشؤون العمومية يتطلب بالفعل تحديد و تسقيف نفقات التسيير غير أنه" يمكنني أن أطمئنكم بأن الأجور و التحويلات الاجتماعية ودعم الأسعار لن يمسها هذا الاجراء". في نفس السياق صرح وزير المالية أن مسار النفقات الجارية سيستمر رغم كل شيء و أن هذه النفقات ستستقر في مستوى مقبول، لاسيما مع نهاية عمليات دفع المؤخرات المتعلقة بالأنظمة التعويضية و القوانين الخاصة( الوظيف العمومي). و أكد من جهة أخرى، أن الدولة عازمة على "إبقاء سياسة الدعم المباشر للأسعار مثل الدعم الخاص للحليب و القمح و الزيت و السكر و الدعم غير المباشر مثل تطهير مؤسسات انتاج الكهرباء على سبيل المثال". و أشار الوزير في سياق متصل إلى أن تراجع أسعار البترول المسجل خلال الأشهر الأخيرة أثار انشغال الجزائر لكنه لا يهدد توازناتها المالية حاليا اذ أن تحديد النفقات الفعلية للدولة تم على أساس 75 دولار فقط. و قال في هذا الخصوص " يثير تراجع أسعار البترول انشغالنا و يدفعنا إلى التزام الحذر، لكن لا يجب علينا تجاهل عاملين هامين، فنفقاتنا الفعلية المسجلة عند نهاية السنة تقوم على أساس 75 دولار لبرميل البترول و أن طاقاتنا التمويلية المتراكمة بفضل صندوق ضبط الإيرادات بخصوص احتياطات الصرف و تسديد الديون تعد معتبرة". و يضاف إلى هذين العاملين للتأمين المالي النمو السنوي بنسبة 20 بالمئة في عائدات الجباية العادية المدعمة بالطلب العمومي و النمو المتزايد خارج المحروقات. وحسب ذات المسؤول فإنه يجب اعتبار هذا الحذر مجرد " عامل للتسيير الفعلي لسياستنا الاقتصادية و المالية من أجل توقع الأوضاع التي من شأنها الاضرار بتوازناتنا الداخلية و الخارجية" . و في مطلع الشهر الجاري أثار الوزير إشكالية التحكم في النفقات العمومية ولم يستبعد لجوء الحكومة "لمخطط تقشف في حال بقاء الأزمة متفاقمة في منطقة اليورو، واستمرار أسعار البترول في الانهيار، وقال جودي في هذا الإطار أن الحكومة كانت قد نصبت سنة 2008 لجنة خاصة لدراسة تداعيات أزمة ما عرف في ذلك الوقت بالرهن العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وواصلت اللجنة بعد ذلك دراسة انعكاسات الأزمة المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية مست منطقة أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض البلدان الصاعدة، وهي الآن تواصل عملها لتحليل مدى انعكاس أزمة منطقة اليورو وانخفاض أسعار النفط على اقتصاد الجزائر. يذكر، أن ميزانية الدولة لسنة 2012 رصدت 2850 مليار دينار ( حوالي 39 مليار دولار) بالنسبة لأجور الموظفين و أكثر من 1300 مليار دينار بالنسبة للتحويلات الاجتماعية و حوالي 200 مليار دينار بالنسبة لدعم المواد الأساسية( الحليب و الحبوب و السكر و الزيوت الغذائية). و يلاحظ أن المبالغ المالية الموجهة لميزانية التسيير و المقدرة بأكثر من 4600 مليار دينار قد تضاعفت منذ سنة 2008 حيث لم تكن تقدر سوى ب 2ر2363 مليار دينار (قانون المالية التكميلي 2008) . كما خصص قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي ينص على إجمالي نفقات يقدر ب 7428 مليار دينار و عجز مالي يساوي 4ر25 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، غلافا ماليا إضافيا قيمته 317 مليار دينار من أجل التكفل بالزيادات في الأجور لسنة 2011. و أرجع جودي ارتفاع نسبة التضخم إلى هذه الزيادات حيث بلغت مستوى قياسي ب 9ر6 بالمئة نهاية ماي 2012 . كما أضاف أنه اذا لم يكن للاستيراد الهام للسيارات السياحية جراء الزيادة في الأجور تأثير على التضخم فإن الاستهلاك الداخلي المرتفع بسبب هذه الزيادات قد شجع هو الآخر ارتفاع نسبة التضخم. للإشارة فقد تراجعت أسعار النفط بشكل كبير الجمعة الماضي اذ انخفضت بأكثر من دولارين للبرميل بسوق لندن و نيويورك علما أن سعر برميل برنت بحر الشمال الخاص بعقود شهر أوت بلغ 37ر98 دولار أي بانخفاض قدر ب 33ر2 دولار مقارنة بجلسة الاختتام لنفس اليوم. وكان بنك الجزائر قد حذر مؤخرا من استمرار ارتفاع النفقات العمومية معتبرا أن الجزائر بحاجة الى سعر برميل يفوق 110 دولار للحفاظ على توازنها المالي علما أن العائدات البترولية تمثل 97 بالمئة من مداخيل الجزائر و أكثر من 70 بالمئة من العائدات المالية. كما كان وزير الطاقة و المناجم يوسف يوسفي قد أبدى قلقه الأربعاء الماضي من التدهور المستمر لأسعار الخام بفعل الزيادة الكبيرة الموجودة في العرض مقارنة مع الطلب في الأسواق الدولية، و حذر من أن الجزائر ستخسر 20 مليار دولار من مداخيلها النفطية خلال سنة في حال استمرار انخفاض اسعار النفط. وقال يوسفي لقد خسرنا 30 دولار منذ المستوى الذي بلغه برميل النفط منذ بضعة أشهر في سعر البرميل انخفاض كبير، وخلال سنة هذا يمثل بالنسبة لنا خسارة تتراوح بين 18 و 20 مليار دولار من المداخيل النفطية. وهذا أمر مقلق بحسب تعبيره.