دُعي موريس موكاي، عالم التشريح الفرنسي المسلم، إلى محاضرة في أحد المجامع العلمية الكبيرة في باريس، استعرض خلالها الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في إيضاح مراحل نمو الجنين في القرآن. وكان هذا الملتقى يضم أكثر من ثلاثين عالما من حملة جائزة نوبل الذين أهلوا من الدقة المتناهية في وصف تلك المراحل كما جاءت في القرآن. وبالرغم من السكون الذي ساد المؤتمر إلا أن أحد الخبراء الفرنسيين اليهود الحاضرين أراد أن يثبت للحضور ادعاء القرآن الكريم في مسألة الإعجاز العلمي، فسأل بوكاي ساخرا “القرآن ذكر شخصية رجل سمي “هامان” فهل عثرتم على ما يثبت وجود هذا الاسم في الآثار المصرية القديمة؟”، فقال له “أنا لست متخصصا في علم الآثار، دعني أتحقق من الأمر لأجيبك إجابة وافية”. وبدوره أخذ يبحث عن اسم هامان لدى متخصصي الآثار، فوجد اسم هامان بالفعل ضمن أسماء الفراعنة داخل قاموس لعالم آثار ألماني سبق أن عثر عليه محفورا على مسلة بفيينا بالنمسا ويعني “رئيس عمال مقالع الحجر”، وبالفعل ذهب هو واليهودي هذا إلى هناك ليروه بأنفسهم وتأكدوا من وجوده محفورا باللغة الهيروغليفية. وعندئذ قال “موكاي” للخبير اليهودي: ماذا تقول إذا علمت أني وجدت مخطوطة منذ 1400 عام كتب فيها أحد العرب أن هامان وزيرا لفرعون ورئيسا للمعماريين والبنائيين؟ انتفض الخبير الفرنسي وقال “مستحيل.. لأن هذا الاسم لم يذكر إلا على الأحجار المصرية القديمة وبالخط الهيروغليفي، وهذه المعلومة لا يمكن أن يعرفها إلا من عنده علم بفك رموز اللغة الهيروغليفية، وهذا لم يحدث إلا على يد شمبليون منذ عام 1882، فأين المخطوطة التي تتحدث عنها؟؟”. حينئذ فتح بوكاي نسخة مترجمة من القرآن الكريم وقال له اقرأ إنها معجزة محمد صلي الله عليه وسلم {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ }(القصص 38). إنه “هامان” الذي تم ذكره في ست مواضع في القرآن الكريم ولكن لم يذكر أبدا في التوراة والإنجيل. والعجيب في الأمر أن الخبير الفرنسي اليهودي صعق لعلمه أن اللغة الهيروغليفية لم تكن معروفة فكيف ورد هذا الاسم في القرآن، فماذا سيفعل إذا ذكره أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ..؟؟ كل ما يكتشفونه من أمور معجزة بالنسبة لعقول البشر قد ذكرها القرآن ومازال بحر القرآن مليء بما لم يعرفه بشر حتى الآن، وهم - أي المنكرون لإعجاز القرآن في الإخبار عن الغيب - عندما يعرفون من هذا الإعجاز النذر اليسير يطيرون في السماء محلقين أن الفضل للتكنولوجيا الصامتة التي تعمل خلف الستار، وتكون أقل اكتشافاتهم مذهلة بالنسبة لهم، وإنما من آمن بالله ورسالاته ومن أسلم وجهه لربه ودرس كتابه فإنه لا يتعجب من هذه القدرة الإلهية التي أعجزت وستعجز البشر، يكفيه أن يتأمل ويحمد الله مثنيا عليه، إذ أن قرآننا لا يتركنا جاهلين كما يدعي البعض، وإنما أول ما نتعلمه في الإسلام أن الله علي كل شيء قدير وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.