تزامن ارتفاع عدد اللاجئين السوريين إلى الجزائر مؤخرا، مع إعلان تنسيقية الجالية السورية بالجزائر عن استيائها من سلوك العديد من اللاجئين الذين يرفضون المساعدات التي تقدمها لهم الجزائر، وذلك وسط اتساع هوة الخلافات بين المعارضة السورية بشقيها المسلح والسياسي، إلى إقحام الجزائر في صراع الأزمة السورية بشكل غير مباشر عبر بوابة أزمة اللاجئين ذات الطابع الإنساني يصب في مصلحة المعارضة السورية التي لا تزال تبحث عن الدعم الدولي وتعاطف الشعوب معها وتأييد فكرة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة. يؤكد أحد المعارضين السوريين، الذي سافر إلى الولاياتالمتحدة بعد فترة طويلة قضاها على الحدود التركية السورية، في تصريحات ل ”الفجر”: ”أن فكرة الدفع بالعائلات السورية نحو السفر إلى كل من الجزائر والعراق ولبنان التي تعتبر من الدول العربية الأكثر تحفظا على قرارات جامعة الدول العربية وتدعو إلى رحيل الأسد، هو فرصة جيدة للمعارضة السورية والمجلس الوطني السوري الذي يستعد لتشكيل حكومة انتقالية”. وقال المعارض السوري إن تواجد اللاجئين في تلك الدول، منها الجزائر، سوف يعطي المجلس الوطني السوري فرصة أكبر للتفاوض دوليا من أجل رحيل الرئيس بشار، كما قال : ”تعتبر ورقة اللاجئين جيدة للضغط على الدول المتحفظة في موقفها تجاه الأزمة السورية. فالأزمة السورية لم تعد مجرد أزمة داخلية، بل أصبحت عالمية ولا يمكن الآن التحجج برفض التدخل في شؤون سوريا سواء سياسيا أو عسكريا أو حتى من خلال التصريحات التي نحتاج إليها كمعارضة”. وقال المعارض السوري الذي رفض نشر اسمه: ”من المعروف أن لبنان والعراق والجزائر لديها موقف جد متحفظ من قرارات جامعة الدول العربية التي تدعو إلى الضغط على الرئيس بشار الأسد، وقضية توافد اللاجئين سوف يعزز من إقحام هذه الدول في الصراع من خلال اتخاذ موقف داعم للثورة السورية التي مر عليها عام ونصف العام دون أن تحقق مطالب إسقاط النظام في ظل جمود المواقف الدولية التي لم تستطع تحقيق إجماع دولي داخل مجلس الأمن بسبب رفض معسكر روسا لمقترحات الولاياتالمتحدة وتحفظ بعد الدول العربية”. وأكد الناشط السوري المقيم في الولاياتالمتحدة في مهمة رسمية، أن ارتفاع عدد اللاجئين السوريين إلى الجزائر والدول العربية سيكون محور جهودهم لإقناع دول مجلس الأمن باتخاذ قرار نهائي ضد الرئيس بشار الأسد مع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن التي دعت إليها فرنسا لإيجاد حل نهائي للأزمة السورية، خصوصا وأن خيار تجديد مهلة المراقبين لم يعد مطروحا وسينتهي دور المراقبين الدوليين بانتهاء مهلتهم الأخيرة التي تم تمديدها مؤخرا، كما قال المعارض السوري: ”فرنسا قررت الضغط على المجتمع الدولي و”المجلس الوطني السوري” رتب لانتقال عدد من اللاجئين السوريين من مخيماتهم في تركيا إلى دول عربية وذلك حتى يكون للقضية السورية صدى أكبر خصوصا في الجزائر والعراق”. هذا ولاتزال المعارضة السورية تواجه انشقاقات حادة سواء على مستوى جناحها العسكري الممثل في ”الجيش السوري الحر” وعلى مستوى المعارضة السياسية الممثلة في ”المجلس الوطني السوري” والعديد من الفصائل المعارضة التي تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة وهو ما يفسره التصعيد الخطير في تصريحات العقيد رياض الأسعد، قائد ”الجيش السوري الحر” ضد زعماء المعارضة السياسيين الذين يستعدون لإقامة حكومة انتقالية، الذين وصفهم العقيد رياض بأنهم انتهازيون يسعون لتقسيم المعارضة والاستفادة من المكاسب التي حققها مقاتلوها، كما قال: ”إن السياسيين الذين شكلوا الائتلاف الجديد أصابتهم حمى التسلق على الفرص واغتنام المناصب ما دعاهم أن يعلنوا إنشاء وتأسيس حكومة انتقالية في محاولة صريحة وواضحة لركوب ثورتنا والاتجار بدماء شهدائنا”. من جهته، أكد أبو الضاد سالم السالم، عضو تنسيقية الجالية السورية بالجزائر، في تصريحات ل ”الفجر” أن مئات السوريين الذين دخلوا إلى الجزائر بحجة الهروب من تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا هم في حقيقة الأمر مجرد ”متسولين وغجر” على حد وصفهم، كما قال: ”هناك مئات من السوريين يرفضون المساعدات التي تعرضها عليهم الدولة الجزائرية وهذا أمر يؤكد أن نوايا اللاجئين ليست الهروب من الأوضاع الأمنية وإنما لديهم حسابات أخرى خصوصا وأنهم كلهم متسولون يسيئون إلى سمعة الشعب السوري”. وأشار أبو الضاد إلى أن هناك يوم رحلة جوية يوميا من دمشق إلى الجزائر تقل المئات من العائلات السورية، موضحا أن الرقم التقريبي للسورين الذين دخلوا الجزائر بلغ 25 ألف سوري، وقال: ”العديد من الذين جاؤوا إلى الجزائر ليس لديهم قضية فلقد استغلوا فرصة عدم وجود تأشيرة بين الجزائر وسوريا من أجل التسول في الجزائر وهذا أمر مرفوض”. وقال عضو التنسيقية: ”إننا نعلن عدم تحمل أي مسؤولية تجاه هذه الفئة ونطالب السلطات الجزائرية باتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لأن الشعب السوري أو الثورة السورية غير معنين بالهجرة الاقتصادية لهذه الفئة”. رغم ذلك فقد أثنى الناشط السوري المقيم في الجزائر على موقوف الشعب والسلطات الجزائرية التي لم تتأخر في تقديم الدعم للعائلات السورية التي تطالب باللجوء، وقال أبو الضاد: ”المواطنون الجزائريون فتحوا أبوابهم للعائلات السورية وقدموا ما استطاعوا من عون لهم ونحن نشكر السلطات الجزائرية على التكفل بإخوانهم السوريين”. هذا ويعود تفجر قضية اللاجئين السورين إلى أفريل 2011 بعدما تم تسجيل عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الفارين من سورية إلى دول الجوار خصوصا نحو الأردن وتركيا، بينما تعهد رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان باحتضان اللاجئين وتوفير الإقامة لهم ضمن سيناريو مسبق لتهجير السوريين من المناطق الحدودية القريبة من تركيا للضغط على الرئيس بشار الأسد وتحقيق مزيد من الشرعية الدولية ل”الثورة السورية”.