يقوم المسرح الجهوي لمدينة عنابة، في الوقت الحالي بعرض العمل المسرحي الجديد له، الذي يتناول آلام النخبة المثقفة خلال مرحلة التسعينيات والتي شهدت الجزائر. كما يرصد العرض الذي يعود إخراجه للفنانة سكينة مكيو المعروفة باسمها الفني صونيا، جانبا من المعاناة الوجدانية للمثقف والفنان ومن خلالها قصة حب تنشأ وتنمو بين الكاتب وبطلة رواياته مريم التي أرادها من ورق ليصبح حضورها ملموسا في حياته ومثيرا للقلق والشكوك بالنسبة لزوجته وشريكة حياته وأعماله الإبداعية. وفي أجواء هادئة صنعها العمل الذي اختار اللونين الأبيض والأسود لتتقاسم في رحابهما الممثلتين لعريني ليديا وهواري رجاء وسط +ديكور؛ من الأوراق المتناثرة؛ الدورين الأساسيين والوحيدين في هذه المسرحية التي اقتبس نصها مراد سنوسي عن رواية أنثى السراب لواسيني الأعرج. وإذا كان منطلق المسرحية قصة حب مخفية ومعاناة وسراب يحوم بها؛ فإنها لا تخلو من التحية والالتفاتات التكريمية لرجال الفكر والفن الذين تركوا بصماتهم خالدة في تاريخ الجزائر المعاصرة مثلما كان الحال بإشارة هذا العمل المسرحي إلى أعمال أعمدة الأدب والرواية وفنون الرسم أمثال كاتب ياسين ومصطفى كاتب وإسياخم وغيرهم من الأدباء والروائيين والفنانين بصفة عامة الذين أثروا التراث الأدبي الجزائري والعالمي. واختار هذا العمل الدرامي أن يستحضر الذاكرة ويتوقف ليحكي آلام الجزائر خلال التسعينيات ومن خلالها جراح خلفتها الاغتيالات التي استهدفت النخبة الجزائرية على أكثر من مستوى. وبأداء درامي يعكس بصدق عمق الجرح الجزائري وإرادة قوية لمحاربة النسيان استحضرت الممثلتان ذاكرة شهيدى المسرح عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي، وتدوم مدة عرض هذا العمل المسرحي الجديد الذي لاقى تجاوب هواة أب الفنون وترحيبا قويا في أوساط العائلة الفنية ساعة واحدة.