انحرفت الأوضاع الأمنية، أمس، في ليبيا نحو سيناريو الحرب الأهلية وبشكل خطير جدا بعد أن تجددت الاشتباكات القبلية في مدينة زليتن غرب ليبيا واستخدمت القبائل المتناحرة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بما أسفر عن وقوع 196 قتيل وجريح وتدمير العديد من المنازل الليبية في تلك المنطقة. على صعيد آخر بدأ شبح التدخل العسكري الخارجي يحوم فوق لبنان التي تعصف بها موجة من الصراعات الطائفية منذ حوالي أسبوع. من ليبيا إلى سوريا وحتى شمال لبنان بدأ سيناريو الحرب الأهلية يجد لنفسه مناخا جيدا في حضن ”الربيع العربي” ، وبينما كانت الأحداث الأخيرة في مدينة طرابلس اللبنانية تحاول خطف أنظار الرأي العالمي والجهود الدولية التي أعربت عن تخوفها من أن تؤدي المواجهات الطائفية في شمال لبنان وتوسعت رقعة الاشتباكات التي تستخدم فيها القبائل المتناحرة الرشاشات وحتى الأسلحة الثقيلة و الصورايخ، بدأت المواجهات القبلية في ليبيا تتجه نحو تعكير صفو الجهود السياسية في ليبيا التي لم يمض على انتخاب أول برلمان ليبي بها سوى بضعة أسابيع حتى اندلعت، أمس، موجة جديدة من المواجهات القبلية مخلفة معها حصيلة جديدة من القتلى هي الأكبر في تاريخ المواجهات الأهلية في ليبيا كما ذكرت تقارير إعلامية ومصادر أمنية ليبية أن حصيلة الجرحى والقتلى في تلك الاشتباكات التي استمرت من الليلة الماضية وصلت إلى 16 قتيلا و180 جريح وأن مستشفى زليتن العام يعانى من نقص حاد في الدم. وأضافت أنه تم تدمير 6 منازل و3 مصانع بالمدينة، منها مصنع للمواد الغذائية بسبب الاشتباكات وإزالة واجهة أحد الأضرحة وجزء من المسجد المقام عليه، وتم إغلاق عدد من شوارع المدينة، بينما لم تتدخل أية جهات أمنية لوقف تلك الاشتباكات. ولم تعد الصراعات القبلية تحاصر قادة ليبيا الجدد فقط بل حتى في لبنان، لاتزال السلطات اللبنانية تجري سلسلة اجتماعات طارئة منذ حوالي أسبوع من أجل تدارك تدهور الوضع الأمني في شمال لبنان خصوصا في مدينة طرابلس التي بدأت تدق بها الحرب الأهلية ناقوس الخطر أمام احتدام المواجهات بين القبائل السنية والعلوية، فيما يبدو الجيش اللبناني عاجزا عن ضبط الوضع الأمني في المنطقة. كما قال السفير البريطاني في بيروت توم فليتشر بعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانية أن الأزمة باتت تستلزم من النظام اللبناني التحرك الفعلي لطلب دعم المجتمع الدولي لمساعدته لإعادة الهدوء والاستقرار إلى الأراضي اللبنانية كافة محذرا من تدهور الأوضاع الأمنية في المناطق اللبنانية الحدودية مع سوريا قد يصعد من احتمالات التدخل العسكري الأجنبي لحسم المعارك وإعادة الأمن. إلى ذلك يعتزم الجيش اللبناني نشر المزيد من قواته في منطقة طرابلس خلال 48 ساعة القادمة في محاولة لضبط الأوضاع الأمنية وتجنيب لبنان سيناريو التدخل الأجنبي. كما قال وزير الدولة أحمد كرامي إن الجيش اللبناني لن يتخلى عن مسؤولياته في حفظ الأمن، متهما أطرفا أجنبية - في إشارة إلى سوريا – بمحاولة زعزعة الأمن في لبنان للتغطية على الأزمة السورية، وهي الرواية التي لاتزال تستخدمها وسائل الإعلام في لبنان والتي تحملت سوريا المسؤولية في تأجيج نار الفتنة في العاصمة الثانية للبنان. كما اعتبر مفتي طرابلس، مالك الشعار، أن ما يحدث في طرابلس انعكاس لما يحدث في سوريا، لافتا إلى أن ثمة من يريد تصدير ما يحدث في سوريا إلى لبنان وطرابلس بشكل خاص. وشدد على أن النظام السوري يريد ايجاد القلاقل والفتن في طرابلس حتى يقال إن ما يحدث في سوريا مستورد من طرابلس بدعوى أنها تحتضن الإرهاب والقاعدة والمتطرفين وما شابه، موضحا أن طرابلس تثبت دائما عكس ما يريدون. وتأتي هذه التحديات الدولية في منطقة الشرق الأوسط لتزيد من حجم الخناق على جهود المجتمع الدولي العاجزة عن الوصل بالأزمة السورية إلى حل ينهي حالة اللاأمن في المنطقة التي تعيش حربا منذ نحو عام ونصف، كما اضطر أمس الجنرال بابكر جاي رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا إلى مغادرة دمشق مع انتهاء مهمة البعثة التي يرأسها بقرار من مجلس الأمن الدولي بينما لا تبدو مهمة المبعوث الأممي الجديد الأخضر الإبراهيمي قادرة على التوصل إلى حل وإنهاء الصراع بين المعارضة السورية والنظام المدعوم وبقوة من إيران وروسيا تحديدا.