كان الأستاذ الدكتور روبرطو طوسْكِيلَس رائدا في علم النفس المؤسساتي. فهو الذي وضع الأسس الأولية لعلاج الأمراض العقلية عن طريق خلق جو عائلي واجتماعي يملأ بالحنان والمعاملة الحسنة عالم المرضى بالجنون أو الانهيار العصبي. درسَ عنده في سان ألبان Saint-Alban، مفكر الثورة الجزائرية المرحوم فرانز فانون في سنة 1951 وطبّق نظريته في مستشفى الأمراض العقلية بالبليدة من سنة 1953 إلى سنة 1957. كان الأستاذ الدكتور روبرطو طوسكيلس مناضلا جمهوريا حارب فاشية الجنرال فرانكو بإسبانيا قبل أن يلجأ إلى سان ألبان بفرنسا سنة 1939. لقد عالج الأستاذ طوسكيلس عشرات المئات من الجزائريين والجزائريات منذ نزوله لاجئا بفرنسا فاكتشف من الوهلة الأولى أن قسوة المستعمِرين الفرنسيين كان لها دور كبير في انهيار أعصاب معظم مرضاه، لقد كانوا حسب شهادته »أقل من الحشرات والزواحف في عيون أولئك الذين كانوا يتبجحون بالحضارة وخلق حقوق الإنسان«. لم يمض على اندلاع ثورة نوفمبر الكبرى سوى عامين ليؤمن الدكتور روبرطو طوسكيلس بأن نهاية الاستعمار في الجزائر قد دقت ناقوسها فانضم إلى المدافعين عن الحق، حق الجزائريين في تقرير مصيرهم، في الانعتاق من عبودية طالما أهانتهم إلى درجة فقدان المئات بل الآلاف منهم أعزّ ما يملكه البشر أي العقل! ساعد الدكتور طوسْكيلس الجزائريين بالمال رغم مدخوله المتوسط ورغم غربته كلاجئ سياسي في فرنسا كما حضر كل المحافل والمتلقيات التي أقيمت من أجل استقلال الجزائر، من أجل أن يتحرر شعبها الأبي من ذلك الاستعمار الذي يصعب وصف وحشيته. عاش الأستاذ الدكتور روبرطو طوسكيلس حتى سنة 1996، وحتى آخر رمق من حياته، ظل طبيبا رؤوفا بمرضاه، ظل عالما شهد له الجميع بالريادة في علم النفس المؤسساتي كما ظل مناضلا نادرا من مناضلي الحق ولا شيء غير الحق حتى يعيش الناس سواسية ومتحابين فيما بينهم.