“كبرنا ونحن صغار في هذه الجحور”، “وهنا تنتهي الحياة”، “8 سنوات كرهنا من الشاليهات..”، هي إحدى العبارات التي يرددها بل يكتوي بنارها سكان الشاليهات ببلدية برج البحري شرق العاصمة، لعلها أن تكون كافية لإيصال ولو جزء بسيط من المعاناة التي يعيشونها يوميا من أجل إكرام العشرات من هذه العائلات بمسكن يليق بهم. تجد أزيد من 146 عائلة نفسها صامدة تعيش لمواجهة كل صعوبات الحياة بصبر فاق العشر سنوات وبين لسعات الزواحف وسموم الجرذان بين روائح النفايات وغياب أدنى شروط الحياة يكتوي هؤلاء بشاليهات برج البحري. شاليهات منتهية الصلاحية... جدران وأسقف متهرئة عبر ممثل سكان الشاليهات ببلدية برج البحري (خ. رضوان) عن استيائهم البالغ لما يواجهونه من صعوبات خاصة مع غياب أدنى ضروريات الحياة، وحسب ذات المتحدث، فإن الحي يضم قرابة 146 عائلة يجمع بين العائلات المتضررة من زلزال 2003، وسكان البناءات الفوضوية التي تم هدمها ببلدية الكاليتوس عام 2005، إلا أن المحير في الأمر، وحسب ما تؤكده عقود ملكية الشاليهات التي تم استلامها عند عملية الانتقال أن مدة صلاحية الشالي الواحد لا تتعدى الست إلى ثمانية أشهر كأقصى حد، لكن الواقع المعاش يعكس تماما ما تتداوله تلك العقود، بل وأصبحت غير صالحة بعد عشر سنوات من الإقامة، ما سبب في اهتراء كل الجدران والأسقف،التي باتت تشكل خطرا على حياة القاطنين، خاصة أيام فصل الشتاء التي أصبحت تقضيه العائلات بين تسرب المياه من أعلى الأسقف وبين لحظات الانتظار لترقب حدوث فيضان. وفي ذات السياق، أكد أحد القاطنين أن اهتراء الأسقف والجدران أصبح من الأمور الاعتيادية، لكن، وفي الفترة الأخيرة، أصبح السكان يعيشون وضعا جديدا مع هذا المشكل الذي تطور إلى اهتراء الأرض وانهيارها، ما تسبب في إصابة العديد منهم بكسور على مستوى الظهر. حياة وسط غياب أدنى متطلبات الحياة مشاكل السكان لم تنته عند اهتراء الشاليهات، بل تتواصل المعاناة في ظل غياب ضروريات الحياة، الغاز على سبيل المثال يعد من سابع المستحيلات ويبقى مجرد حلم من بين أحلام سكان يعيشون في حلقة مفرغة من وعود خالية تماما من الوفاء. فاقتناء قارورات غاز البوتان يعد صعبا للغاية نظرا للعزلة التي يعيشها الحي، وزيادة على ذلك مشكل انقطاع التيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب خاصة خلال الأشهر الأخيرة، ما سبب في حدوث شرارات كهربائية أكثر من مرة، الأمر الذي أدى إلى نشوب حريق، فمنذ حلول موسم الصيف فقط سجل الحي احتراق أكثر من أربعة شاليهات بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. البلدية تتخلى عن التكفل بانشغالاتهم النفايات كذلك أصبحت من الخصائص التي تطبع الحي، فالتبعثر العشوائي للقمامات شكل عائقا كبيرا لدى السكان بسبب عدم وجود مكان مخصص للرمي، حتى شاحنات النفايات لم تعد تصل إلى المكان نظرا للتهميش. وفي ذات السياق، وحسب ما أكده لنا مراد، أحد المعنيين، فإن السكان وللحد من ظاهرة النفايات قاموا وبإمكانياتهم الخاصة باقتناء حاملات بلاستكية مخصصة للقمامة وكذا كراء شاحنات من أجل حملها في ظل غياب مهام البلدية. فالمعاناة اليومية لسكان الشاليهات ببرج البحري لم تنته عند مشكل انقطاع المياه الصالحة للشرب والنفايات وغيرها، بل تتواصل إلى وانتشار الزواحف والجرذان والحشرات السامة، حيث أصبح هذا الأمر يهدد حياة السكان ويشكل خطر الموت. يقول رضوان “إنه ومنذ حلول موسم الصيف نعيش مع كابوس الأفاعي وسموم الجرذان”، خاصة بعدما أصبحت الثعابين تتواجد داخل البيوت، ورغم تقدم المتضررين بطلب لدى البلدية من أجل تطهير المنطقة لم يأخذ الطلب الاعتبار، زيادة على ذلك انتشار الحشرات السامة الذي تسبب في أمراض جلدية وتشكل أوراما لدى السكان. الشيء الذي لفت انتباهنا كثيرا عند زيارتنا كذلك للمنطقة، الأمراض التي يعاني منها كل السكان خاصة الأطفال، وحسب قول (خ. رضوان) ممثل لجنة الحي، فإن القاطنين يعانون من أمراض نفسها وتتمثل في الربو والحساسية الروماتيزم، إضافة إلى الأمراض الجلدية الأورام التي تنجم عن انتشار الحشرات السامة، والتلوث المحيطي الذي يعيشه الحي. ليضيف ذات المتحدث أن هذه الأمراض تعاني منها أكثر فئة الأطفال لعدم قدرتهم على تحمل الرطوبة العالية. العائلات تهدد بالخروج إلى الشارع ظاهرة انتشار الانحلال الخلقي كانت إلى وقت قريب من الظواهر المألوفة من طرف الأشخاص الذين يستغلون هذه الشاليهات بالقيام بكرائها واتخاذها كأوكار لممارسة الدعارة وترويج المخدرات، إلا أن الحي وحسب ما أكده لنا السكان لم يشهد مثل هذه الظواهر عدا مرة واحدة، عندما قامت شقيقتان بتحويل مسكنهما لبيت لممارسة ااقدم مهنة في التاريخ لمدة عامين، وبعدما تفطن السكان لهذا الأمر وخوفا منها قامت بالرحيل وحرق بيتها. وأوضح سكان الشاليهات على مستوى بلدية برج البحري، ونظرا لعدم تكفل ذات البلدية حتى بالنظر في انشغالاتهم التي تم رفعها منذ عشر سنوات، خاصة بعد تفاقم مشاكلهم ويومياتهم المعاشة والتي تزداد قساوة يوما بعد يوم بين خطر الموت من لسعات وسموم الثعابين وتدني شروط الحياة وانتشار الأمراض وغيرها، توعد السكان بتنظيم احتجاجات والخروج إلى الشارع، من أجل إيصال مطالبهم لدى السلطات المحلية بعد فشل المحاولات السالفة للمطالبة بحقوقهم. روبورتاج: ياسمين صغير/تصوير: موسى ساحلي