تواجه المعارضة السورية موجدة جديدة من الانتقادات، ولكن هذه المرة يرفعها المعارضون وضحايا الأزمة السورية التي مر عليها 18 شهرا، وسط فشل "شبه ذريع" من "المجلس الوطني السوري" وباقي أطياف المعارضة السورية المشتتة بين الأجندات السياسية والأيديولوجية، وبدأت العديد من المظاهرات في ريف دمشق وداريا والمدن السورية المنهكة اقتصاديا وأمنيا، بسبب الأزمة السورية، في رفع شعرات تطالب بالكشف عن جرائم "الثوار" وعدم التعامل مع الأزمة من زاوية واحدة فقط. منذ انتهاء مهلة المراقبين الدوليين ومغادرتهم لسوريا عقب استقالة المبعوث الأممي كوفي عنان، بدأت موازين القوى السياسية والأمنية في سوريا تتجه نحو الميل إلى صف الرئيس بشار الأسد ونظامه الذي يرفض الاستسلام رغم التحديات الكبيرة الدولية والداخلية. ومقارنة بوضعية المعارضة السورية التي تزال تواجه شبح "الشتات"، يبدو الرئيس بشار الأسد غير متأثر بالانشقاقات التي تواجه نظامه وهو يستعيد زمام الأمور في سوريا إلى حد كبير، وسط استياء من طرف العديد من النشطاء والمعارضين الذين بدأوا يتهمون المجلس الوطني السوري بالانشغال بأهدافهم ومصالحهم الخاصة على حساب "الثورة السورية". وعرض نشطاء سوريون صورا جديدة لأعضاء المجلس السوري المعارض الذي يترأسه عبد الباسط سيدا، في جلسة تتوسطهما قارورات الخمر من النوع الرفيع، وما أثار حفيظة العديد من النشطاء السوريين، سيما الذين تعرضوا للتشريد من سوريا بسبب الأزمة، وبدا استياء النشطاء من سلوك قادة "المجلس الوطني السوري" واضحا على العديد من صفحات التواصل الاجتماعي التي أعادت نشر الصورة تحت عناوين تتحدث عن الوضعية المزرية التي يعاني منها اللاجئون السوريون، بينما ينعم قادة المعارضة السورية في الخارج بخدمة "خمس نجوم"، كما يشير أحد النشطاء السوريين في معرض تعليقه على الصورة: "لم نعد نثق في نوايا المجلس الوطني السوري الذي يبدو أن قادته يستفيدون فعلا من إطالة الأزمة". وتزامن نشر هذه الصور مع تواصل المظاهرات التي تندد بسياسية الرئيس السوري بشار المتهم وفق تقارير المعارضة بقيادة حملة "إبادة" لهم وتحرك آلية الجيش السوري لقمع المظاهرات المعارضة، ولكن وسط ظاهرة جديدة من الشعارات التي يرفعها المعارضون في سوريا تحديدا في مدينة داريا السورية التي عرفت، الأسبوع الماضي، "أبشع المجازر" منذ اندلاع الأزمة السورية، ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بالكشف أيضا عن جرائم "الثوار" وعدم التعتيم على الحقائق الكاملة نظرا تعقد الأمور في سوريا التي أصبحت مسرحا للجماعات المسلحة، كما تشير إلى ذلك التقارير الاستخباراتية، كما أن الفيديوهات التي تنشر للثوار في سوريا وللمسلحين من جماعات المعارضة السورية وهم يقومون بقتل المدافعين عن النظام السوري لا تزال تثير استياء المنظمات الحقوقية الدولية التي تشير في تقاريرها إلى أن مسلحي المعارضة ارتكبوا جرائم مروعة ضد الإنسانية في مدينة حلب ضد كل من يقوم بدعم النظام السوري. وتأتي هذه التطورات فيما لا تزال تقف الحلول السياسية للأزمة السورية عند منعرج مبادرة المبعوث الأممي الجديد الأخضر الإبراهيمي الذي يستعد للقيام بجولات للدفع بالحوار نحو حل الأزمة السورية، وسط ترحيب من النظام السوري و"تعنت" من المعارضة التي تطالب بالتدخل العسكري السريع لحماية المدنيين، مشيرة إلى أنها ترفض الجلوس إلى طاولة التفاوض مع النظام السوري، فيما تواصلت المعارك العنيفة في مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن بين "الجيش الحر" وجيش النظام في العاصمة دمشق، والتي خلفت إلى حد الآن أزيد من 30 ألف قتيل و216 ألف مفقود وحوالي 300 ألف لاجئ سوري، كما يشير إلى ذلك مركز التواصل والأبحاث الإستراتيجية المتابع لتطورات الأوضاع في سوريا بشكل يومي.