تصاعدت حدة أعمال العنف في سوريا بشكل خطير وسط استمرار المواجهات والمعارك الضارية بين الفرقاء السوريين في مشهد ضبابي اختلطت فيه لغة الرصاص بدماء القتلى من أبناء الشعب السوري وأصبح من الصعب التكهن بمستقبل بلد أصبح غده مجهولا. فلا يمر يوم في سوريا إلا ويسقط فيه مزيد من القتلى في عمليات قصف أو مواجهات عنيفة في هذه المنطقة وتلك مخلفة مجازر في حق المدنيين تتقاذف مسؤولياتها السلطة والمعارضة المسلحة كل يحاول تبرير نفسه ووضع الطرف الثاني في قفص الاتهام. وتوالت موجة الاستنكار الدولية، أمس، لمجزرة "داريا" بضاحية دمشق التي عثر فيها على جثت ما لا يقل عن 320 شخصا من بينهم نساء وأطفال نقلت صورهم مختلف وسائل الإعلام الدولية. وأدان مايكل مان، المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، ما وقع بداريا وقال "نأسف وندين بشدة أعمال العنف هذه... إنه أمر غير مقبول"، وأضاف أن "ظروف مجزرة داريا لم تتضح بعد"، موضحا أنه "يجب معاقبة مرتكبيها بغض النظر عن هويتهم". وكانت هذه المنطقة قد تعرضت لعمليات قصف شنتها القوات النظامية بهدف تطهيرها من مقاتلي المعارضة، حيث قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إن الجيش النظامي "طهر مدينة داريا بريف دمشق من فلول المجموعات الإرهابية المسلحة التي ارتكبت الجرائم بحق أبناء المدينة وروعتهم وخربت ودمرت الممتلكات العامة والخاصة". لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إنه تم توثيق أسماء نحو مائتين من القتلى بينهم نساء وأطفال وشبان ورجال ممن وصفهم ب«مقاتلين من الكتائب الثائرة في المدينة التي شهدت قصفا عنيفا واشتباكات عنيفة وإعدامات ميدانية بعد اقتحامها من قبل قوات النظام". وتواصلت، أمس، أعمال العنف بنفس وتيرة الأيام الماضية، حيث سقطت طائرة هليكوبتر تابعة للجيش السوري بالعاصمة دمشق خلال المواجهات العنيفة التي نشبت بين القوات النظامية والمسلحين الذين قالوا إنهم أسقطوا الطائرة انتقاما لقتلى داريا. ومع استمرار أعمال العنف، ازداد الوضع الإنساني للاجئين السوريين تفاقما مما دفع بالأمم المتحدة للمطالبة بتوفير مبلغ 54 مليون دولار لتلبية حاجيات عشرات الآلاف من النازحين السوريين في الأردن، وجاءت الدعوة الأممية بعد أن بلغ عدد النازحين في مخيم الزعطري بالأردن 70 ألف شخص وفي وقت اضطرت فيه تركيا إلى وقف موجة النزوح باتجاه أرضيها مؤقتا بعد أن أعلنت عدم قدرتها على استيعاب أزيد من 100 ألف نازح سوري في المخيمات التي نصبتها عبر مدنها الحدودية مع سوريا لاستقبال اللاجئين. ومع اشتداد سخونة الوضع الميداني تستمر المساعي على أكثر من صعيد في محاولة لاحتواء وضع دام تجاوز كل الخطوط الحمراء. في هذا السياق، اجتمع نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية القاهرة، أمس، مع وفد من ممثلي 14 تنظيما وائتلافا سياسيا ومدنيا وعسكريا من المعارضة السورية. وقال سمير العيطة ممثل "المنبر الديمقراطي السوري" عقب اللقاء إن المشاركين في الاجتماع طالبوا الأمين العام للجامعة العربية وكل المعنيين بأن يساعدوا أطراف المعارضة السورية "لتحقيق أهدافها في المرحلة الانتقالية". وبشأن المبعوث الأممي العربي الجديد إلى سوريا قال العيطة إن التصريحات الأولى التي صدرت عن المبعوث الدولي المشترك الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا تدل على أنه "قرأ جيدا وثيقة المرحلة الانتقالية التي توافقت عليها المعارضة"، وأضاف أن المعارضة السورية عبرت للأمين العام للجامعة العربية عن مطالب "الجيش الحر" السوري بضرورة "توحيد الجهود الداعمة له ماليا وعسكريا من الدول العربية والغربية".