اعترف، أمس، ”محمد شرفي” وزير العدل وحافظ الأختام، تفشي ظاهرتي الفساد والرشوة على جميع الجبهات في ظرف مؤسساتي خاص تعيشه الجزائر حسبه، ما جعله يشدد على ضرورة مكافحة الآفة بتحصين العدالة وحماية الإطارات الفعالة في الحرب على الفساد من مختلف أشكال الضغوطات، وهي العبارات التي أجهش معها بالبكاء. خص وزير العدل حافظ الأختام، في أول ظهور له بعد تكليفه بحقيبة العدل في حكومة عبد المالك سلال، بمناسبة افتتاح أشغال الدورة العادية للمجلس الأعلى للقضاء، حيزا كبيرا لملف الفساد ما أعطى انطباعا أن الحرب على المفسدين هي الخطوط العريضة لأجندة وزير العدل الجديد محمد شرفي، العائد إلى نفس المنصب بعدما احتل منصب مستشار لدى رئاسة الجمهورية، وبعبارات صريحة قال ”شرفي” لقضاة المجلس الأعلى: ”الفساد منتشر ويهدد النسيج الاجتماعي ويمسخ مجهودات تشييد دولة القانون ”، مضيفا ”الفساد كذلك يعبث بتسيير الاقتصاد الوطني ويقهقر الصلة بين المواطن والدولة”. وبنفس الصراحة قال ”شرفي” بحضور الصحافة لأول مرة في الاجتماعات المغلقة لقضاة المجلس الأعلى للقضاء ”هناك راشين ومرتشين لم يتركوا أي مصلحة عمومية في منأى عن هذه الآفة” الأمر الذي جعل وزير العدل وحافظ الأختام، يدعو سلك العدالة وفي مقدمتهم القضاة إلى مكافحة هذه الآفة حيث توقف هنا طويلا وقال ”محاربة الفساد لن تكون لها معنى ولا نجاعة مالم تكن العدالة محصنة وبعيدة عن هذه الآفة”، مضيفا ”المفهوم المتجذر لمكافحة أزمة الفساد لا يعني القيام بحملات ظرفية، لأن العمل القضائي يفرض الرصانة بما يتماشى وإرادة السلطات العليا للبلاد وأخلاق الدولة”، وفهم من كلام خليفة بلعيز انتقاده لحملات مكافحة الفساد السابقة، خاصة وأن الجزائر عانت من هذه الآفة ولم تعرف لها مثيل، وامتدت إلى أكبر مؤسسات الدولة كقضية سوناطراك، الخليفة وغيرها من الملفات التي لم يفصل فيها بعد. حماية الإطارات النزيهة العاملة في حقل محاربة الفساد هي الأخرى كانت ضمن توجيهات الوزير شرفي، لقضاة المجلس الأعلى بصفة خاصة وقضاة جهاز العدالة بصفة عامة حيث قال في هذا الصدد ”إذا كانت المطلبية الشرعية للمجتمع التطبيق الصارم للقانون في قضايا الفساد، فمن الأجدر لكم حماية الإطارات النزيهة الملتزمة بمكافحة الفساد من الضغوظات المتعددة الأشكال”، وتهدف هذه الضغوطات حسب الوزير ”إضعاف العزائم في هذه المعركة” وهي العبارة التي أنهاها بالبكاء، متخذا العديد من القرارات وسط حضور الاجتماع من قضاة المجلس الأعلى. كما أشار الوزير على ضرورة مكافحة البيروقراطية التي تبقى معوقا آخر أمام تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث قال لدى حديثه عن المواطنة ”يجب معاقبة كل مساس بممارسة حق المواطنة مهما كان مرتكبها وطبيعتها”. وعرّج الوزير على مشاكل قطاع العدالة التي قال بخصوصها ”أصبحت من التاريخ بفضل برنامج إصلاح العدالة”، مضيفا في نفس الشق ”لكن لايجب أن نكتفي بما وصلنا إليه”. جدير بالذكر، أن اجتماع المجلس الأعلى للقضاء درس عدد من القرارات الهامة منها الملفات المتأخرة كالتحويلات والتعيينات الجديدة في مناصب مسؤولية حساسة بجهاز العدالة.