قال وزير العدل حافظ الأختام السيد محمد شرفي أمس أن محاربة الفساد لن يكون لها معنى إلا عندما تكون «العدالة في منأى عن هذه الآفة ومحصنة منها «معتبرا أن الفساد يعد «السبب الأول في المساس بالممارسة الكاملة للمواطنة». وأوضح السيد شرفي في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الدورة العادية للمجلس الأعلى للقضاء أن محاربة الفساد «لا يعني القيام بحملات ظرفية» كون العمل القضائي يفرض «الرصانة» بما يتماشى وإرادة السلطات العليا للبلد مشددا على دور العدالة في محاربة هذه الآفة باعتبارها «العنصر الأساسي في هذه المعركة». واضاف أنه «إذا كانت المطلبية الشرعية للمجتمع التطبيق الصارم للقانون من طرف القاضي ضد المتسبيين في الفساد ظاهرا وباطنا فمن الأجدر لنا في نفس الوقت حماية الإطارات النزيهة الملتزمة بمكافحة الفساد من الضغوطات المتعددة الأشكال و التي يمكن أن يكون هدفها إضعاف العزائم في هذه المعركة». واعتبر السيد شرفي الفساد المنتشر الذي «يهدد النسيج الإجتماعي و يمسخ مجهود تشييد دولة القانون ويعبث بتسيير الإقتصاد الوطني و يمخر الصلات القائمة بين المواطنين و ممثلي الدولة» هو» السبب الأول في المساس بالممارسة الكاملة للمواطنة». وقال الوزير أنه بالرغم من وجود راشين ومترشين مندسين «يكادون أن لا يتركوا مصلحة عمومية في منأى عن هذه الآفة « فانه يوجد بالمقابل « في مواجهة هؤلاء «أغلبية من إطارات الدولة ومن كل الأسلاك...المتشبثون بقيم النزاهة النبيلة» وهو الامر الذي «يؤسس إعتقادنا الراسخ بأن محاربة هذه الآفة سيكون نتاجها لا محالة التقليص من تفشيها و إضعافها على المدى غير بعيد» كما قال. واستدل وزير العدل حافظ الاختام في قوله بالآلاف من القضاة وأمناء الضبط و موظفي إدارة السجون الذين» ينصب همهم الوحيد على إعطاء كل ذي حق حقه». أما غيرهم فلا بد --كما قال--»أن يفقهوا بأنهم لن يتمكنوا في الاستمرار في تحدي القانون و الأخلاق و انه آن الأوان أن يعودوا إلى رشدهم». وبخصوص مهام القاضي أوضح السيد شرفي بأنه وبالنظر لكون أحكام الامس واليوم تشكل أرضة شرعية ومرجعيات لما يصدر غدا فإنه من الطبيعي أن « يتعدى مجهود القاضي البعد المادي للأشياء ليسمو نحو مقياس أخلاقي» لسلوكات الرجال المكلفين بإصدارها وهو الأمر الذي يتطلب -- حسبه-- « البحث الدائم و المستمر قصد التغلب على الأنا لتحقيق الغاية الجماعية المتمثلة في منح المجتمع نظاما قضائيا عادلا». واعتبر أن إزداوجية هذا المطلب القائم على النوعية و الأخلاقية «ضرورة ملحة» طبقا للدستور ليكون القاضي الضامن للمواطنة الكاملة التي يتوجب معاقبة كل مساس بها مهما كان مرتكبها و طبيعتها. وقد تواصلت أشغال المجلس الأعلى للقضاء بعد ذلك في جلسة مغلقة للنظر في جملة من المسائل المتعلقة بالمسار المهني للقضاة لاسيما التعيين والترسيم و طلبات الإحالة على الإستداع وكذا دراسة قائمة الأهلية وحركة القضاة وذلك طبقا لأحكام القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 6 سبتمبر 2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء و القانون العضوي رقم 04-12 المررخ في 6 سبتمبر 2004 المتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء و عمله وصلاحياته.