وشهد "مشعل" ضد السلطة الفلسطينية، وقال في حوار له مع القناة القطرية "التحرير ثم الدولة" وأن "القرار الفلسطيني يجب أن يكون مستقلا وغير تابع لأية جهة خارجية"، لكن الذي يحرك "مشعل" هو جهات خارجية وهو يتكلم من منبر قطري، والتأثير القطري على مواقف حماس لا غبار عليه. حماس في موقفها هذا تتخندق في نفس الخندق الإسرائيلي، وموقفها يخدم إسرائيل أكثر مما يخدم القضية الفلسطينية، وكلام مشعل هذا، يؤكد ما ذهبنا إليه سابقا أن الحرب الأخيرة على غزة الهدف الأول منها عرقلة مساعي محمود عباس وذهابه إلى الأممالمتحدة لافتكاك عضوية ملاحظ للسلطة الفلسطينية. وحماس مثل إسرائيل لا يخدمها أن يعترف المجتمع الدولي بعضوية فلسطين، فهذا سيعطي مستقبلا الحق لدولة فلسطين لمتابعة إسرائيل أمام المحاكم الدولية بسبب ما تقترفه من جرائم في حق الفلسطينيين، وحماس لا يخدمها أن تمثل فلسطين في الأممالمتحدة من قبل عباس والسلطة الفلسطينية في رام الله، وهي ومؤيدوها من أمير قطر وحكومات الربيع العربي تريد أن تكون اللسان الوحيد الناطق باسم الشعب الفلسطيني الذي اختصرته في غزة، وتريد أن يعترف المجتمع الدولي بها دون غيرها، وهذا أيضا كان من أسباب الحرب الأخيرة على الشعب الفلسطيني في غزة. ثم من أين لمشعل بتحرير فلسطين والصف الفلسطيني منقسم، بل ليس الصف الفلسطيني وحده المنقسم، وفلسطين صارت قضيتين ودولتين، الضفة وغزة، وصارت غزة وحدها القضية، وصار حل الدولتين واقعا مفروضا على الجميع، دولة برام الله، ودولة لغزة. ربما يريد مشعل من وراء حديثه عن التحرير تحرير غزة واستقلالها عن باقي التراب الفلسطيني، فإن كان هذا ما يريده، فدولته في غزة معترف بها ويستقبل بها الأمراء والوزراء والوفود المؤيدة لهذه الدولة، فما عليه إلا أن يتسلح بالشجاعة ويدخل غزة لفرض سلطته عليها وعلى من فيها. لكن يبدو أن هناك شرخا كبيرا في مواقف زعماء حماس نفسها من مسألة ذهاب أبو مازن إلى الأممالمتحدة، فأبو مرزوق قال في حديثه أمس لصحيفة "الخبر" إنه غير معترض على ذهاب أبو مازن إلى نيويورك، بل إنه شجع قرار الذهاب السنة الماضية وما زال التشجيع قائما حتى هذه المرة، لكن الاختلاف في المواقف ربما راجع لاختلاف مواقف البلدان التي يقيم بها زعماء حماس، فالأول "مشعل" يعبر ليس فقط عن موقفه هو، وإنما أيضا عن موقف قطر وأميرها، وهو موقف كان وما زال يخدم دائما الخيار الإسرائيلي والخيار الأمريكي، وموقف أبو مرزوق يعبر عن الموقف المصري، أو على الأقل عن موقف الشارع المصري، في انتظار أن يفصح مرسي عن موقف واضح من مطلب أبو مازن. إذا جارينا مشعل فإن مبدأ الاعتراف بدولة فلسطين ما زال أمامه طريق طويل، وفي انتظار ذلك يمكن لمشعل أن يتنقل بين الدوحة وبيروت ويستمتع بفنادقها ومطاعمها، وبملايين الدولارات القطرية. وتستمر غزة وباقي المدن الفلسطينية هدفا لمدافع إسرائيل كلما رغبت في تجريب أسلحة جديدة؟!