لست أعرف ما الذي حمله لنا الأمير حمد في زيارته هذه لبلادنا؟ ولا أدري أيضا ماذا سيجني الرجل من ورائها، وماذا سيشتري منا وماذا سيبيع لنا، بعدما اشترت أموال قطر كل أزمات أوروبا، آخرها أزمة عنوسة جانيت جاكسون التي ألبسوها العباية الخليجية وصارت شيخة من شيخات قطر؟! لا أحد سيعترض على استثمارات قطر، ولا على أي استثمارات عربية أخرى، لأننا مع هذه الاستثمارات إذا كانت منزهة من أي تدخلات سياسية، ومع الاستثمار الحقيقي الذي يخلق القيمة المضافة، ويوفر فرص تشغيل، ومرحبا بالمال القطري عندما لا يوجه لتمويل الجماعات الإرهابية ولا يدخل في منح أسلحة لقلب الأنظمة وعندما لا يصب في حسابات الجماعات الأصولية، والأحزاب الإسلامية التي تريد قطر ومفتيها تنصيبها على رأس الحكم في البلدان العربية. أمير قطر جاء أمس، من غير عباءة عراب الثورات التي يلبسها منذ أزيد من السنتين، والتي جلبت له عداء في الشارع العربي، وفي الجزائر تحديدا، مجبر اليوم وهو يوقع على الاتفاقيات الاقتصادية الثماني، إن كان يريد لهذه العلاقة أن تستمر وتتطور وتتوسع مستقبلا، أن يحترم ليس فقط المواقف السياسية للجزائر من القضايا الدولية، بل أيضا أن يحترم مصالح الجزائر الاقتصادية في الخارج، فهناك سلوك صارت تسلكه قطر خاصة في مجال الغاز، حيث صارت تستولي على زبائن الجزائر في هذه السوق، وتسعى إلى تكسير سعر الغاز الذي لم تنجح الجزائر لإعادة ربطه مرة أخرى بسعر البترول، مع أن قطر تدرك جيدا أن اقتصاد الجزائر يرتكز على صادرات الغاز. ليس على أمير قطر وحده احترام مصلحة الجزائر، بل على الطرف الجزائري أن يفرض على الأمير وجهة نظره، واحترامه لمصالح بلادنا، وأن يسعى مقابل هذه الكعكة المقدمة إلى الأمير، في هذه الزيارة، أن يقنع هذا الأخير لكي تكون قطر حليفا استراتيجيا لنا في سوق الغاز، وأن تشكل مع الجزائر وروسيا كأهم بلدان منتجة ومصدرة للغاز، جبهة موحدة أو ”كارتل” للغاز يحمي سعر هذه المادة من الانهيار. صحيح أن قطر ليست في حاجة لمداخيل الغاز، ولديها الملايير التي لم تعد تجد أين تنفقها، وهي أصلا ليست في حاجة إلى استثماراتها في الجزائر مثلما هي ليست في حاجة إلى استثماراتها في أوروبا أو أية قارة أخرى، لأن ما تبحث عنه هذه الدولة هو مواطئ قدم للتأثير على سياسات البلدان عندما يتعذر عليها التحريك السياسي أو إحداث انقلابات مثلما فعلت في ليبيا، ومثلما تسعى لفعله في سوريا. فهل ستكون الجزائر اليوم القوة الناعمة التي ستفرض على قطر عدم تجاوز الخطوط الحمراء، مثلما كان الوضع سابقا مع مصر، خاصة وأن الإمارة فشلت منذ بداية ”الصقيع” العربي أن تجعل من الجزائر ليبيا أخرى، ولم تنجح في تنصيب نظام إسلاموي على رأس الجزائر. لن أقول ”لا أهلا ولا سهلا” لأمير قطر إذا ما أبقى رياح شتائه بعيدا عن الجزائر!؟