الحافلات المهترئة مصدر ل"الموت السريع" وسائل نقل مرتع للصوصية والإجرام المنظم لعل الناقلون الخواص بولاية بومرداس على غرار باقي الناقلين بولايات الوطن، وجدوا ضالتهم أخيرا في تعليمة وزارة النقل القاضية برفع التسعيرة، والتي سارع جلهم في تعليق نسخ منها على حافلاتهم، التي معظمها هي عبارة عن “مركبات غير صالحة لنقل البشر” ولا تتوفر على شروط الراحة والوقاية. كما أن معظمهم لم يكلفوا عناء تجديد التذاكر وفقا للتسعيرة الجديدة. غلب الحديث، في الآونة الأخيرة، لدى أوساط المواطنين في مختلف ربوع الوطن، عن تعليمة وزارة النقل القاضية برفع التسعيرة بخطوط النقل، في الوقت الذي لم يحدث أي تغيير إيجابي في نوعية الخدمات أوطريقة المعاملة من طرف بعض أصحاب الحافلات التي أقل ما يمكن وصفها ب”السوقية”، حيث همهم الوحيد هو كسب دنانير إضافية مهما كان الثمن. واستنكر محدثو “الفجر” تصرفات بعض الناقلين الذين يتعاملون بطريقة تعسفية مع زبائنهم، وهو ما يحدث عبر الخط الرابط بين الجزائر العاصمة وبومرداس، وكذا الرغاية وبودواو البحري، حيث يتعمد الناقلون إنزال المسافرين وإرسالهم مع حافلة أخرى بحجة أنهم بصدد القيام بأشغال شخصية أو أن الحافلة بحاجة إلى صيانة، غير أن غايتهم هي الرجوع نحو محطة الانطلاق لجلب “شحنة” إضافية. كما أصبح مشكل انعدام، إن لم نقل غياب شبه كلي لوسائل النقل الجماعي والعمومي، بعدة بلديات تابعة لولاية بومرداس، على غرار منها بلدية الناصرية، أعفير، برج منايل، رأس جنات، بومرداس، الثنية، سي مصطفى، شعبة العامر، خميس الخشنة، قدارة، حمادي، خروبة، بودواو البحري وغيرها..، يثير متاعب السكان القاطنين بها على مدار فصول السنة، فلا حديث وسط هؤلاء سوى عن النقل واهتراء الطرقات، ومشاكل أخرى لا تعد ولا تحصى، خاصة بالنقل ومتاعبه اليومية، إلى جانب بعض السلوكات التي باتت تميزها المحطات كالفوضى، سوء التنظيم، السرقة، والمناوشات.. التي باتت تطبع يوميات مستعملي الحافلات بمحطات بلديات ولاية بومرداس. رفع التسعيرة يهدد بخروج المواطن إلى الشارع حذر محدثونا من موجة احتجاج قد يشتعل فتيلها خلال الأيام المقبلة، خصوصا بالمناطق النائية على خلفية رفع تسعيرة النقل، مثلما حدث مؤخرا بمنطقة أزرو التابعة لبلدية دلس ببومرداس، أين خرج عشرات الأشخاص إلى الشارع لغلق الطريق الولائي رقم 154 الرابط بين دلس وتاورڤة، باستعمال الحجارة والمتاريس، احتجاجا منهم على التسعيرة الجديدة لتذاكر النقل التي ارتفعت من 20 إلى 30 دج مقابل مسافة 10 كلم فقط، في الوقت الذي يشهد هذا القطاع تجاوزات ونقائص بالجملة من تدني في الخدمات وكذا اهتراء الحافلات وسوء المعاملة. كما أدى الارتفاع المفاجئ لتذاكر النقل إلى اندلاع شرارة المناوشات بين الناقلين ومواطنين الذين لم يهضموا قرار الزيادة، خصوصا مستعملي النقل بالخطوط القصيرة التي تقل عن مسافة 5 كلم، حيث أن الناقلين يرغمونهم على دفع التذكرة وفقا للتسعيرة الجديدة بحجة أن زيادتهم شرعية، غير أن الزيادة في أغلب الأحيان تكون غير موحدة بين أغلب الخطوط، وهو ما يوحي بالعشوائية في تحديد سعر التذاكر. يحدث هذا بعدما نادت في الوقت القريب مجموعة من الناقلين بولاية بومرداس، بضرورة رفع التسعيرة مهما كانت عواقبها، بعدما عجزت السلطات الوصية عن الاستجابة لمطالبهم، حيث أدت هذه الأفكار إلى شل حركة النقل بصورة كلية، ما حرم العديد من الالتحاق بمقر عملهم أوقضاء حاجياتهم. وندد الناقلون الخواص حينها بما أسموه تجاهل السلطات الوصية لمطالبهم التي وصفوها بالشرعية، ليقوموا بعدها بفرض منطقهم وكلمتهم تحت غطاء تعليمة الوزارة بالزيادة في أسعار النقل، وهو ما أثار حفيظة المواطنين الذين أقدموا على غلق الطريق. ولايزال قطاع النقل بولاية بومرداس يعرف العديد من المشاكل التي نغصت حياة المواطنين، الذين أصبحوا مخيرين بين سندان الزيادة المفاجئة لأسعار تذاكر النقل وبين إصرار الناقلين الخواص على الزيادة. نقل المسافرين مصدر سهل للربح السريع لم يعد ملف النقل مطروحا من باب نقص مركبات نقل المسافرين أو العجز في تغطية كل الخطوط ببلديات ولاية بومرداس وغيرها من الولايات، بما فيها الخطوط الريفية بالمناطق النائية، التي وصلت هي الأخرى حد التخمة نتيجة التوجه العام الذي أخذه القطاع في السنوات الأخيرة بفضل تحسن وضعية الطرقات. ويرى بعض المتتبعين لقطاع النقل أن هذا الأخير أصبح قبلة للمستثمرين والباحثين عن مصدر سهل للرزق، وبالخصوص الشبان منهم الذين بادروا إلى إنشاء مؤسسات في إطار وكالة دعم وتشغيل الشباب أوصندوق التأمين عن البطالة، وهي صيغ تشتكي هي الأخرى من الظاهرة. غير أن تعليمة وزارة النقل القاضية برفع التسعيرة قد تكون بمثابة خطوة لإخراج القطاع من “الإنعاش” بعدما سجلت العديد من الشكاوي بخصوص قلة المردودية في ظل ارتفاع التكاليف، حيث أن قطاع النقل قد يصبح في الوقت القريب وجهة للمستثمرين خصوصا الراغبين في دخول “عالم الربح السريع” من بابه الواسع. حافلات النقل مرتع للصوصية والإجرام المنظم أضحت حافلات نقل المسافرين بمثابة مرتع لممارسة الإجرام المنظم وسرقة ممتلكات المواطن تحت طائلة التهديد باستعمال الأسلحة البيضاء المحظورة، أبطالها منحرفون ومسبوقون قضائيا. وتعتبر منطقة الكروش بالرغاية، الواقعة بالمدخل الشرقي للجزائر العاصمة، من بين أهم النقاط المعروفة بعمليات السطو على حافلات نقل المسافرين وفي وضح النهار، كما كانت “الفجر” شاهدة على العديد من العمليات التي غالبا ما يستهدف فاعلوها الفتيات والشبان الغرباء عن المنطقة. ورغم كل الإجراءات الردعية التي تطبقها مصالح الأمن المختصة لمحاربة عصابات السرقة التي باتت تتخذ شكل الجريمة المنظمة، وكذا رغم العقوبات القاسية والمشددة التي تصدرها العدالة ضدهم، إلا أن نشاط العصابات لايزال قائما من خلال الاعتداءات التي لاتزال متواصلة إلى حد الساعة بمنطقة الكروش التي تتوسط كل من حوش المخفي، الرغاية وبودواو، شرق العاصمة. كما أن التحركات المشبوهة للعشرات من المنحرفين المدججين بأسلحة بيضاء محظورة يدعو للقلق أكثر من أي وقت مضى. وكتجربة حية خضناها بعين المكان، وكذا شهادة العديد من المسافرين، فإن هذه العصابات متكونة من ثلاثة إلى ستة شبان يغتنمون فرصة غياب دوريات مصالح الدرك لتنفيذ عملية السطو، إذ تلجأ إلى التوغل وسط المسافرين من خلال استعمالها للحافلات حتى تتمكن من ترصد واختيار ضحاياها من المسافرين، ولدى وصول الحافلة لمكان تنفيذ العملية يقوم أفراد العصابة بتوقيف الحافلة بالقوة تحت تأثير المهلوسات، إذ ينتشر هؤلاء المجرمون في مختلف أرجاء الحافلة لتتم عملية السطو والاستحواذ على ممتلكات الأشخاص من هواتف نقالة، مجوهرات، أموال وكل الأغراض الثمينة. وما هو مؤكد فإن هذه العصابات الخطيرة لا تعترف بالرحمة والشفقة غير واردة في قاموسها، حيث تم تسجيل عدة إصابات بجروح متفاوتة الخطورة في صفوف مستعملي الحافلات بمختلف الأعمار في عمليات متفرقة نُفذت في وضح النهار، وكانت فتاة في عقدها الثاني من العمر قد تعرضت لاعتداء من طرف مجموعة أشرار على متن الحافلة الرابطة بين الرويبة وبومرداس، حاولت سلبها هاتفها النقال قبل أن يواجهوا مقاومة من طرف الضحية التي وجدت نفسها غارقة في الدماء بعدما تعرضت لطعنات خنجر في مناطق متفرقة من أنحاء جسدها، ونقلت بعدها على جناح السرعة إلى المستشفى في حالة حرجة. ومن خلال كل هذا يبقى قابض وسائق الحافلة محل المتفرج، حيث فقد سائق الحافلة والقابض تلك الهيبة والوقار، وهما صفتان كانتا تميزانهما سابقا، وبالخصوص في عهد المؤسسة الوطنية لنقل المسافرين (sntv) وبعض المؤسسات الخاصة التي كانت معروفة في تلك الفترات وحتى مؤسسات النقل التابعة للبلديات سواء من حيث الهيئة واللباس، أومن حيث المستوى الأخلاقي والتربوي.. وهي ميزات كانت تشعر المسافرين وبالخصوص العائلات بالأمن والإحترام.. لكن للأسف يقول بعض المواطنين هي صفات غائبة حاليا بعدما تحول قطاع النقل إلى مرتع لكل من هب ودب دون شرط أو قيد يؤكد هؤلاء. وفي سياق متصل، أشار محدثونا إلى مشكل الانتظار الطويل داخل محطات نقل المسافرين، وهي ظاهرة أخرى أقلقت كثيرا المسافرين وأربكتهم لحد فاق كل التوقعات..مؤكدين أن كل هذا يحدث في ظل غياب الجهات المعنية إلى جانب انعدام عقوبات صارمة ضد هؤلاء الذين يتجاهلون القانون، على حد تعبير جل من التقيناهم، إذ أكدوا غياب الاحترام بسبب سلوكات أصحاب الحافلات الذين لا يعيرون أي اهتمام للمسافر. حافلات “عجوز” تصر على الاستمرار في العمل أثارت الحافلات القديمة والمهترئة التي يصفها البعض بالحافلات “العجوز” استياء الجميع، وذلك بسبب اشتغالها لمدة طويلة جدا عبر خطوط ولاية بومرداس، ولا تزال تمارس مهزلة وسط المسافرين الرافضين لخدماتها نظرا لقدمها وعمرها الطويل وعدم جودتها واهترائها سواء من الداخل أو الخارج، ومع هذا كله يصر أصحابها على مزاولة عملهم، وبالأخص بالبلديات الواقعة على الخط الشرقي على غرار الناصرية، بغلية، راس جنات.. وكذا الواقعة على الخط الغربي كبودواو، أولاد موسى، وأولاد هداج. زيادة على هذا وأمام وجود هذه الظروف غير المواتية للعمل ولتقديم خدمة وراحة للمسافرين، يعاني هؤلاء من السلوك الطائش وتصرفات بعض السائقين الذين يدخلون في الكثير من الأحيان في مشادات وملاسنات كلامية مع بعض المسافرين نظرا لإصرارهم على الانتظار الطويل بالمحطات والمواقف، وكما قال لنا أحدهم بالعامية “عمي مليح زادلو الهواء والريح”، أي أنه لا يكفي قدم واهتراء الحافلة ليضاف إليها النوعية السيئة للخدمة وسوء المعاملة. ومن جهتهم، أبدى مسافرو ومرتادو معظم محطات النقل المنتشرة عبر تراب بومرداس استيائهم وتذمرهم من معاناتهم من عدة مشاكل بالمحطات، على غرار اهتراء الحافلات العجوز التي يفوق عمرها 20 سنة أو أكثر، انعدام الخدمات على مستواها، لاسيما النظافة وانعدام التهيئة وغياب الخدمات بمحطات النقل والمواقف، حيث تنعدم بمختلف المحطات المنتشرة عبر تراب الولاية واقيات من شانها أن تحميهم من تساقط الأمطار ومن حرارة الشمس، إلى جانب الكراسي التي من شأنها أن تنسيهم معاناة الانتظار الطويل. خدمات متدنية ومحطات أشبه بالمخابئ وفي سيلق متصل، يشتكي المواطنون والناقلون على السواء بولاية بومرداس من نقص التهيئة بالمحطات وغياب الهياكل المرتبطة أساسا بمجال الخدمات التي تستجيب لراحة المسافرين والناقلين على السواء. فمن غير المعقول افتقار ولاية بومرداس، بموقعها وسمعتها، إلى محطة عصرية للمسافرين مثلها مثل باقي ولايات الوطن، لأنها تعتبر ربما الوحيدة التي تفتقد لهذا المرفق الحيوي إنما حظها كان فقط مساحة من التربة تقع بجنب وادي “طاطاريق” بحي 800 مسكن لا يلاحظ الزائر فيها إلا بعض اللوحات والإشارات مدون عليها أسماء البلديات وشبه مخابئ يلجأ إليها المسافرون رغم أنها لا تقي حر الصيف ولا قر الشتاء. وقالت مصادر “الفجر” إن هذه المساحة الجديدة التي خصصت لاستقبال حافلات نقل المسافرين قيل عنها أنها مؤقتة في انتظار تجسيد مشروع المحطة المعلق، وهذا بعدما كانت تتقاسم مساحتها السابقة السوق شبه الأسبوعي، حيث تختلط السلع بالمركبات والمخلفات اليومية في شكل مفرغة عمومية. ونفس الأمر ينطبق أيضا على باقي المحطات ببلديات الولاية، مثل برج منايل، يسر وبودواو البحري، التي تفتقر لمحطة رسمية لنقل المسافرين، لأن البلديات الأخرى لم تحظ إلى اليوم بمحطة بل اكتفت بأروقة امتدت وتوسعت على حساب الطرقات والأرصفة، كما هو في بلديات دلس، سدي داود، رأس جنات، سي مصطفى، الثنية.. تتكدس فيها الحافلات في مظهر مزعج يكون سببا رئيسيا في ظاهرة الاختناق وعرقلة حركة السير. وبالتالي تحولت حركة نقل المسافرين في بعض المحاور إلى جحيم وكابوس يومي للمواطنين من عمال وطلبة يصارعون يوميا في سبيل الوصول إلى أماكن العمل أوالدراسة. وكخلاصة لما سبق ذكره، فقد أجمع محدثونا أن زيادة تسعيرة النقل كانت بدون مقابل بالنظر إلى أن القطاع خدماتي بالدرجة الأولى، مؤكدين أنه كان الأجدر تحسين نوعية الخدمات أولا قبل الحديث عن الدنانير المضافة. كما أن دخول التسعيرة الجديدة في قطاع النقل حيز التطبيق منذ أسابيع بولاية بومرداس تسبب في حدوث حالة من الفوضى وسوء التطبيق من طرف بعض الناقلين وبالخصوص عبر الخطوط البلدية في المناطق النائية، حيث تغيب الرقابة القانونية من طرف الجهات المعنية، مستغلين بعض الهفوات المتعلقة بالتسعيرة المفتوحة أي غير المحددة، الأمر الذي خلق تباينا ملحوظا في تذاكر النقل بين خطوط النقل رغم المسافة المتساوية.