في لقاء جمع صحفي الفضائية “روسيا اليوم” ذي الأصول السورية، خالد الرشد، مؤخرا ب “الفجر” إثر زيارته السياحية لمدينة الجسور المعلقة، ارتأينا التحدث معه عن مظاهر التيار الإسلامي في قلب أوروبا، خاصة أنه كان سبّاقا لإعداد فيلم وثائقي يتحدث عن هذا الشأن، فكانت لنا معه هذه الدردشة.. في رأيك ما هي أبرز العوامل التي ساعدت في انتشار المنهج الصوفي بروسيا؟ أهم العوامل التي ساعدت في انتشار المنهج الصوفي بروسيا عموما وبلاد القوقاز خصوصا، هو تفكك الاتحاد السوفياتي خلال بداية التسعينيات، الأمر الذي أوجد فراغا روحيا عند السكان الذين هم الأصل من جذور، ووجود هذا الفراغ الروحي خلق أيضا صراع من أجل ملأ هذا الفراغ واستغل هذه الأوضاع التيار السلفي الخليجي الذي أتى بماله وشيوخه لمنطقة القوقاز. ما الرسالة التي أردت توجيهها من خلال فيلمك الوثائقي “الإسلام في روسيا صورة أم فسيفساء”؟ أردت الإشارة من خلال تناولي لهذا الفيلم الوثائقي الذي سلّط الضوء على ذلك التنوع في المناهج الدينية المعتمدة لدى السكان، إلى ذلك المزيج والتداخل العميق بين مختلف الطرق و التيارات الإسلامية المنتشرة في بلاد القوقاز، وهذا يدّل على عدم توفر إدارة دينية موحدّة للمسلمين في روسيا ككل، فهو عبارة عن صورة فسيفسائية تبرز حجم التنوع المختلف المضامين الشكلية للدين الإسلامي في روسيا، حيث أن الإسلام في القوقاز يختلف عن الإسلام في تترستان، وهو ذات الشأن بالنسبة للمنطقة السكانية الواحدة، غير أنه يتشارك بطبيعة الحال في الأسس والمعايير الرئيسية للشريعة الإسلامية. هل استطاع الصوفيون تفعيل مبدأ فصل الدين عن الدولة في روسيا؟ يمكن القول أن ذلك تحقق خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين 12 و18 في منطقة القوقاز على وجه الخصوص، غير أن الاحتلال الروسي لشمال القوقاز جعل آراء علماء الصوفية تختلف وتتفرق في هذا الشأن، فبعد أن بدأ التوسّع تساءل فقهاء تلك الحقبة عن مسألة حمل السلاح من دونه، فاختلف علماء الصوفية حوله، حيث دعم جزء منهم القتال فيما تمسّك البعض الآخر بالطريقة السّلمية وهي الطريقة التي فرضت نفسها بالمنطقة. هلاّ أخبرتني عن الأسباب التي دفعتك لمناقشة هذا الموضوع ؟ هناك عدة أساب جعلتني أختار هذا الموضوع، على رأسها قدم الموضوع من جهة وعدم استهلاكه من طرف الدارسين والباحثين من جهة أخرى، فهو موضوع لم يسل الكثير من الحبر من قبل، إذ أنّ البحث فيه بدأ مع تفكك الاتحاد السوفياتي، أي حوالي 20 سنة، بسبب عدة عوامل أهمها تلف وضياع جل الملّفات والمخطوطات المتعلقة بهذا الشأن أثناء الحقبة السوفياتية، الوضع الذي ترك الدارسين والباحثين يواجهون معضلة قلة المراجع والمخطوطات الملمّة بالموضوع. في المقابل ذلك الدور السلبي الذي لعبه ممثلو التيار الإسلامي المتشدد، الذين وقفوا عائقا دون التعمق في هذه الدراسة، التي من شأنها الإضاءة على الكثير من الجوانب الإيجابية لهذا الموضوع الثري بأبعاده، وباختصار فإن الوضع العلمي والسياسي لم يسمح للراغبين التعمق في دراسة هذا الموضوع، جراء تركيزهم على تناول الصراع الذي حدث بين التيار الإسلامي المتشدد والتيار التقليدي الصوفي في القوقاز. ما هي أبرز المدارس الصوفية الأكثر انتشارا في القوقاز؟ تاريخيا الصوفية في القوقاز هي الطريقتان النقش بندية والقادرية، اللتان كانتا في إطار المذهب الشافعي والحنبلي وبمستوى أقل الطريقة الشاذلية، التي هي عبارة عن مزيج من العادات المحلية القديمة تعود إلى ما قبل ظهور الدين الإسلامي في منطقة القوقاز. فالصوفية في بلاد القوقاز تعتمد في رواسيها على القرآن الكريم والسنة النبوية التي يتم اعتمادهما في التوجيه والإرشاد و ما إلى ذلك. في الختام هل لك أن تقدم للقارئ نبذة عن سيرتك الذاتية.. خالد الرشد من مواليد موسكو 1979، صحفي في قناة روسيا اليوم، أين أعكف على تقديم برنامج تحت عنوان “رحلة في الذاكرة”، درست في دمشق المراحل الأولى من تعليمي، ثم عدت مجددا إلى موسكو ودرست في جامعة روسيا الحكومية بكلية بلدان إفريقيا وآسيا، وتخصصت في علم الدين المقارن، قدمت أطروحة بعنوان “الصوفية بشمال القوقاز بروسيا بين الماضي و الحاضر“.