أدوية: الوزارة تحذر من الممارسات التي يمكن أن تؤدي إلى إحداث ندرة في الادوية    ازداد السنوار في غيابه حضورا    معرض المنتجات الجزائرية بالدوحة: فرصة لشراكة حقيقية بين البلدين وعلاقات تبادل تجاري بمبدأ رابح-رابح    حوادث المرور: وفاة 46 شخصا وجرح 1608 آخرين خلال أسبوع    الرئيس الصحراوي يستقبل وفدا إسبانيا وآخر إيطاليا بالشهيد الحافظ    وفد من قطاع الطاقة والمناجم في زيارة عمل الى جمهورية التشيك    أمطار رعدية ورياح قوية هذا الثلاثاء على العديد من ولايات الوطن    سفير جنوب افريقيا: "اللجنة الثنائية ستلتئم نهاية 2024 بالجزائر العاصمة"    اليوم الوطني للصحافة: أدوار جديدة للإعلام الوطني في ظل ترسانة قانونية قوية    تنسيق بين البورصتين الجزائرية والتونسية    دبلوماسي تونسي يثمّن زيارة النفطي للجزائر    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة    انطلاق الدورات التكوينية عن بُعد    أهوال في غزّة    الأمين العام للأمم المتحدة يدين استمرار الخسائر في الأرواح في غزة ويدعو لحماية المدنيين    فلسطين: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة    أساتذة وطلبة يُثمّنون التدابير الرئاسية    بخوش يرافع لمشروع قانون المالية 2025    وزارة السكن تقاضي المُتسبّبين    مُستعدّون للتحرّك من أجل تسقيف الأسعار    السنوار منع أطفاله من التكنولوجيا    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    انطلاق حلقات تحفيظ القرآن    نقل 8 مليون مسافر عبر مطارات الجزائر    صادي وأعضاء "لوناف" يجتمعون بموتسيبي    بيدرو دياز مدرب إيمان خليف حتى 2028    انتصار صعب على "الباك" وتألق القائد ذيب    الحوار الوطني مكسب ضامن للاستقرار    دعوة إلى تقنين التعليم الإلكتروني وتوفير البنية التحتية له    ترقية علاقات التعاون في المجالات الاقتصادية    كشف 18 قنطارا من التوابل الفاسدة    تسليم 25830 بطاقة شفاء للطلبة الجامعيين    تشديد الرقابة على المذابح    إنقاذ 3 متسممين بالغاز    قطار يدهس شابا    تصدير زيت الزيتون الجزائري إلى كوبا وفنزويلا قريبا    أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    .. الكثير من الحُبّ والحياة    ألف مشارك في أهم عمل يحتفي بثورة الجزائر    يجب احترام قرارات محكمة العدل الأوروبية    مختصون في الصحة: الدولة حريصة على تفعيل سياستها الوقائية    تجميد قرار إقصاء الأطباء المستقيلين من مسابقة التخصّص    مخطط وقائي استباقي للتصدي للكوليرا بالجنوب    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    وزارة الصناعة والانتاج الصيدلاني: اتخاذ عدة اجراءات لضمان وفرة أدوية مرضى السرطان    فتح باب الترشح أمام الجمعيات للاستفادة من دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    عميد جامع الجزائر يشرف على انطلاق حلقات تحفيظ القرآن لطلبة المدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية    انطلاق التصفيات المحلية    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    رقم مميّز للخضر    أعلى لاعبي كرة القدم أجرا في العالم    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصر تسأل باحثين و مختصين من مختلف أنحاء العالم
نشر في النصر يوم 24 - 12 - 2012


هل أصبحت الصوفية حليفة للسلطة ؟
عادت الصوفية للواجهة من جديد بعد محاربتها و انتقادها طيلة سنوات من الزمن بالكثير من البلدان العربية و الإسلامية التي تشهد عودة الطرقية بشكل مكثف دفع بالمتتبعين لمسار الطرق في التاريخ الحديث لترجيح فرضية استخدامها سياسيا لمواجهة تحدي صعود الحركات الإسلامية بتجلياتها المختلفة السياسية و العلمية والجهادية . النصر سألت باحثين من مختلف أنحاء العالم شاركوا في ملتقى احتضنته قسنطينة مؤخرا، عن الاستغلال السياسي للتصوف.
استطلاع: مريم بحشاشي
الباحث الروسي ذو الأصول السورية خالد الرشد(جامعة موسكو)
الاسلام غير العنيف أصبح اليوم حليفا للسلطات
خلافا للماضي، عندما كان التصوّف يقود الحركات التحررية في العالم العربي و الإسلامي، يعتبر التصوّف أو الإسلام غير العنيف اليوم حليفا للسلطات، مثلما حدث في منطقة القوقاز الشمالية لأن الإسلام السياسي حلّ محل التصوّف الذي كان يناهض الامبريالية، و الاستعمار في نهاية الفرن 19و بداية القرن العشرين لماذا؟ لأن أمريكا اليوم حلت محل الإمبراطوريات القديمة و جاءت التيارات الإسلامية المتطرفة كرد على أمريكا الامبريالية فوجدت أوروبا القديمة كفرنسا و بريطانيا... أن النفع من الإسلام المتصوّف اليوم أكثر من الضرر لأنه يرفض العنف، و منطق الإسلام السياسي، و منطق الدولة الإسلامية، و بالتالي إذا لم تحاربه الدولة فهو لا يحاربها، سواء كانت الدولة الروسية أو الجزائرية... و طالما تسمح لهم بممارسة شعائرهم بكل حرية فلا بأس و إن كانت الدولة أساسا كما عندنا بروسيا أرثوذوكسية و ليست إسلامية.
و قد حاولت الدولة القيصرية الروسية مثلا "روسنة" شعب القوقاز بإدخال اللغة الروسية و فرضها لغة رسمية على الجميع و بالتالي إدخال الثقافة الروسية و كانوا يصفون الطرق الصوفية بالمنطق المتخلف البائس الذي لا بد من إزالته بتعميم الثقافة الروسية، لكن اليوم اختلف الوضع و بات يقال للصوفيين مارسوا شعائركم كما تريدون و هو ما يجعل الناس يظنون بأن الإسلام الصوفي بات حليفا للنظام ، لكن ذلك ليس صحيحا. لأن لا تحارب لا يعني بالضرورة أنك توالي.
هناك من كتبوا بأن أمريكا وراء تشجيع الإسلام الصوفي و استغلال الصوفية لمحاربة التطرّف و السلفية بشكل خاص، لكنني شخصيا اعتبر عبارة استغلال في غير محلها، لأن التصوّف بالأساس ضد التطرّف و يقف ضد الإسلام السياسي، باعتبار الجهاد الأكبر بالنسبة لهم هو جهاد النفس و ليس جهاد السلاح الذي يعتبرونه الجهاد الأصغر، و يقولون بأن هذا الجهاد لا يمارس إلا عندما يكون الدين تحت الخطر، لذلك عانت الصوفية الكثير من قبل تهجمات السلفيين الذين وصلوا إلى حد تكفيرهم، و زندقتهم و يعتبرونهم من عبدة الأوثان و زوار القبور ...لذا هناك صراع داخلي و في أحيان
أخرى مسلّح ، فخلال سنة واحدة قتل اثنان من أكبر رجال الصوفية بالقوقاز الإمام الزعيم سعيد أفندي و الإمام سراج الدين اللذين قتلا باسم الإسلام حيث أهدر دمهما بحجة أنهما يشوّهان الإسلام، انظروا لهذا التطرّف المسلم يقتل آخاه المسلم لأنه يتبع طريقة مختلفة.
و استغلال المنظمات للصوفية ليس بالشكل المبالغ فيه مثلما يعتقد البعض، و لا يشبه ما فعلته أمريكا مع تيارات الإسلامية السلفية لمحاربة الاتحاد السوفياتي سابقا، حيث جعلت من المسلمين أداة داخل منظومة صراعات الحرب الباردة، اليوم عندما تعود الحرب الباردة بين التيارين الكبيرين روسيا، إيران و الصين من جهة و أمريكا و غيرها من الدول من جهة ثانية يتم اللجوء أيضا لورقة الدين و قد تابعنا ذلك من خلال ما جرى في بعض البلدان العربية كليبيا و ما يجري حاليا بسوريا.و من الطبيعي أن تدعم الأنظمة التيار الصوفي باعتباره تيار معزول عن السياسة و لا يريد أن يقاتل من أجل إقامة إمارة أو دولة إسلامية، و ما نعيشه من عولمة حيث أن الشركات هي التي تحكم العالم اليوم ، و بالتالي المادة هي السيّدة و لا مجال للإسلام السياسي في ظل كل ذلك.
خليفة شيخ الزاوية الشاذلية بفرنسا محمد فالسون
الأنظمة استغلت الصوفيين لأنهم لينون ومعتدلون
يرى ابن الشيخ مصطفى فالسون مؤسس الزاوية الشاذلية بمنطقة ديجون الفرنسية بأن الحديث عن الصوفية كسلاح لمواجهة التطرّف بمعناه المتعارف عليه في وقتنا الراهن، لا يمكن إنكاره، لأن بوجود الصراعات التي تغذيها التيارات المتضاربة شجع الأنظمة إلى اللجوء للصوفية كطرف معتدل، بدل محاربة طائفتين ينتمي كلاهما للدين الإسلامي ، لأن الصوفية في مثل هذه المواقف تبدو كمحاور ليّن مهم لكن هذا لا يعني اعتباره كإسلام لائكي و معزول عن السياسة ، لأن دوره السياسي متجذّر في المجتمعات و يمكن رؤية ذلك في شخص الأمير عبد القادر على سبيل المثال لا الحصر.
و الصوفية التي حوربت و كانت محل محاولات استئصال كلي لأسباب سياسية أو غيرها استعادت مكانتها بشكل ملفت و مثير للتساؤل حقا في زمننا هذا، غير أنني شخصيا أعتبر تشجيع الأنظمة للصوفية فرضته دوافع كثيرة أهمها البحث عن طرف معتدل، يتمتع بثقة الكثيرين من جهة و كونهم مجبرين لاحترام ما تفرضه الديمقراطية من احترام حرية المعتقد و ممارسة الشعائر الدينية و الطقوس من جهة أخرى.
و استغلال النظام للصوفية يبقى غير مباشر لأنه بتشجيع الصوفيين بالحفاظ على إرثهم تضمن عدم مواجهتهم لأسباب سياسية لها علاقة بالحكم لأن هم هؤلاء الأساسي ينحصر في الروحانيات.
و لعل ما يصنع اعتدال الصوفية حرصهم على الحفاظ على التوازن بين القديم و الحديث باعتمادهم على الكتاب و السنة، و الأمير عبد القادر حافظ على الإرث الديني و كان له بعد نظر و اهتم بكل ما هو حديث في عصره.
و قد طالت الصوفية كل أنواع الاتهامات و السبب لا يرجع لا للدين و لا للثقافة و إنما للأشخاص الذين يستغلون كل شيء للوصول لغاياتهم تماما مثلما تفعل الأحزاب السياسية. و الصوفية كان محور تعاون للبعض و مقاومة للبعض الآخر.
رئيس مؤسسة الأمير عبد القادر محمد بوطالب
الحكام والساسة يلجأون للشيوخ طلبا للحكمة
أظن أن من يروّجون لفرضية استغلال السياسة للدين لا يعرفون عن الصوفية شيئا. لأن الصوفية كانت و ستبقى مناوئة للظلم و العنف سواء كان خارجيا أو داخليا. و لجوء الساسة و الحكام لشيوخ الصوفية في رأيي أمر عادي لما يتمتع به هؤلاء من حكمة و مكانة في أوساط الأهالي الذين يثقون كثيرا في مواقفهم.
و نحن بحفاظنا على طريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني خاتم الأولياء و الصالحين نحافظ على أسمى المبادئ المحترمة للإنسانية و تحاور أو تعايش الأديان و نبذ العنف و العصبية و التطرّف، و نحافظ على الهوية الوطنية التي لولا الصوفية ما بقيت اللغة و لا الثقافة الوطنية و لا حتى الدين لأنها أهم الركائز التي استهدفها الاستعمار منذ البداية.
و اليوم و قد استعادت الصوفية مكانتها بالمجتمع الجزائري و عادت الزوايا لأداء دورها الفعال في تربية و تعليم و ترسيخ معالم الدين و الثقافة، و لابد من تشجيع ذلك و الابتعاد عن رؤية الجانب السوداوي و السلبي لبعض الطرقية لأن الروحانيات أساس التصوّف و لا مكان للممارسات الجاهلية التي كانت محل نقد و جدل كبير طيلة سنوات طويلة، و حتى العصر لم يعد يسمح أو يشجع على ممارسة ما كان يمارس ببعض الزوايا في زمن مضى من طقوس لا تمت بصلة بالطريقة الصوفية المستمدة من السنة المحمدية .
و في الواقع ما ارتبط بالزوايا من إشاعات بخصوص ممارسة الطقوس روجته بشكل خاص فرنسا الاستعمارية و قد حاربهم الشيخ ابن باديس لإدراكه بخطورة ذلك. و اليوم فإن عودة الزوايا لا يعني عودة الطقوس و الاحتفالات خاوية المغزى و إنما الحفاظ على الإسلام الحقيقي البعيد عن العصبية و التطرّف.
الدكتور عبد السلام بديوي يوسف الجنابي(جامعة العلوم الإنسانية بالسليمانية- العراق)
الذين ينحازون للساسة ليسوا بمتصوفة
التصوّف كمذهب لم يخضع أبدا للسياسة، أما إذا كان هناك من المتصوّفين من ينحاز إلى طرف سياسي أو ذاك فهو ليس من أهل التصوّف.
لكن مسألة استغلال التصوّف في السياسة، لابد من التوضيح بأن التصوّف لا يدخل تحت عباءة أحد ، لا الطائفية و لا القومية و لا العرقية و هذا ما تشهده كل الدول الإسلامية العربية بما فيها العراق التي رغم الفتنة الكبيرة التي حدثت و لا زال طيفها يخيّم عليها حتى اليوم، لم يدخل التصوّف كطرفا في الصراع مع أي جهة كانت، و بقي خطه مستقيما ، أما مدى استغلال الأنظمة للتصوّف سياسيا فأرى أنه مبالغ فيه لأن الأنظمة قد تكون قد لجأت للتصوّف للتصدي للتيارات الطائفية المتطرّفة، و هذا شأنهم و ليس شأن التصوّف لأنه يسير على خط مستقيم، فكان أول من وقف في وجه الغزو الخارجي سواء في الجزائر أو العراق أو...غيرها من الدول دون الدخول في مزايدات، و لا تزال نزعته التحررية مستمرة إلى يومنا هذا بمواجهته للتطرف لأنه يؤمن بالوسطية.
و فيما يخص الانتقادات التي طالت الصوفية فكانت بسبب ما ألصق بها من ممارسات و طقوس يرفضها المتعلم و المتديّن لأنها توحي بالجاهلية، فهي راجعة للطرقية التي يبقى لكل منها مشربها و ليس من اللائق ظلم الطرق الصوفية الحقيقية التي تبقى السنة الحميدة مشربها الأساسي.
التصوّف ليس تخلفا بل هو نظرة للمستقبل، و عمل و اجتهاد لأجل نيل الأفضل في الآخرة بكل صدق و ليس كمن يدعون ابتغاء الآخرة و يقتلون الأطفال و الأبرياء و العزل و الشيوخ و...
و أنا كعراقي أقول عانينا كثيرا من الغلاة في كل المذاهب الذين قتلوا الفقراء و الأبرياء بادعاءات باطلة حتى المتصوّف الذي يقول ياهو يقتل لذلك، أو شاب يستباح دمه لا لشيء سوى لأن شعره طويل، و الجزائريين مثلنا عانوا الكثير باسم الدين.
الباحث التركي محمد فاضل جيلان (مؤسس مركز الجيلاني للبحوث العلمية و النشر و التوزيع باسطنبول)
أهل التصوف أهل العدل ولا يقبلون الانحياز لطرف سياسي أو طائفة
يرى الحفيد الثالث و العشرون للشيخ عبد القادر الجيلاني الذي يعكف على إعادة إصدار و طباعة كتب جده الثمانية و العشرين، أن الملتقيات الدولية الخاصة بمذهب أهل التصوّف تساهم بشكل كبير في عودة مكانة التصوّف إلى المجتمعات العربية و الإسلامية التي عرفت محاربة الطرقية طيلة سنوات باسم محاربة الجهل. و أضاف بأنه لا يشارك القائلين باستغلال الأنظمة للتصوّف سياسيا الرأي، باعتبار أهل التصوّف أهل عدل، و لا يقبلون على أنفسهم الانحياز لأي طرف كان سياسي أو طائفي.
لأن المتصوّف وهب نفسه للخالق و لبلوغ رضا الله فهو يخدم البشرية لكن إذا وهب الأمر لغير أهله فالنتيجة طبعا ستكون غير مرضية و قد يقع من ينسب إلى التصوّف خطأ في يد المستغلين سواء كانوا سياسيين أو غير ذلك.
و منذ عهد عبد القادر الجيلاني أو بعده فإن كل المتصوّفين جاءوا لنشر العدالة على وجه الأرض، و كل ذلك بفضل حضارة الإسلام التي يريدنا البعض أن نتخلى عنها و نستعمل مصطلحات جديدة كالديمقراطية التي لم تأتي بجديد عن العدالة لأنها راسخة في ديننا.
و هناك بعض الأفكار القادمة من الخليج و التي تشكل خطرا على المسلمين و المتصوفين خاصة و لا تخدم المسلمين بقدر ما تخدم اليهود و النصارى، لأنها تدعي أن ذلك من البدع و هو ما اعتبره افتراء على الصوفية أتباع رسول الله عليه الصلاة و السلام.
الباحث السوري بكري علاء الدين(أستاذ بجامعة دمشق)
الحكام استغلوا شيوخ الطرق للوصول إلى قلوب المريدين
انتبه الصوفية لمشكلة الحرية فرفضوا المعاني السياسية و الفلسفية و المعاني الشعبية السائدة و التفتوا للعبادات التي كان الغرض منها التحقق بالحرية للوصول لرضا الله، فكان رفض العبودية إلا لله سبحانه و تعالى و ليس لمخلوقاته، و بات للحرية معنى اصطلاحي يميزه كمقام عن الأحوال، لأنه كما يقول الصوفية المقامات مكاسب و الأحوال مواهب، الشيء الذي جعل الصوفية يبتعدون عن السياسة لاقتناعهم بأن السلطة فيها مفسدة و الأمثلة كثيرة عن كبار الصوفية الذين رفضوا السلطة. و في المقابل كانت بعض الطرق تتمتع بنفوذ كبير لا سيما في العهد العثماني، كما كان هناك تحالف كبير مع السلطة رغم المسؤولية التي تلقى على الصوفية و اتهامها بتسببها في تخلف المجتمع و التي كان لها جانب محق نسبيا بالنظر لبعض الطرق التي خرجت عن المغزى الحقيقي للصوفية الذي هو الارتقاء بالروح البشرية و إعتاقها من سيطرة الماديات التي تحوّلها إلى عبد لها. لكن لا يحق جعل الصوفية مشجاب تعلّق عليه مشاكل المجتمع. لكن الملوك هم من كانوا يلجأون لشيوخ الطرق للنفوذ إلى قلوب المريدين و الموالين للصوفية على كثرتهم حينها ، و بالتالي كان السلطان في حاجة للصوفية أكثر مما كانت الصوفية في حاجة إليه و الأمور لم تتغيّر اليوم أيضا فالسلطة و السياسيين يلجأون للصوفية لمواجهة التيارات المتطرفة لتأكدهم من عدم منافستهم على السلطة عكس البقية.
الباحثة الكندية ذات الأصول السنغالية آوا بوكار لي تال(جامعة أوتاوا كندا)
رغبة الساسة في محاربة التطرف وضعتهم أمام المتصوفة
الكل يعرف أن هناك عداوة كبيرة ضد الإسلام في العالم و الذي كان الرئيس السابق جورج بوش طرفا مهما في تأجيجه مثلما كان طرفا في اندلاع حروب دامية قامت لحجج واهية لا أساس لها من الصحة أهمها حيازة بعض البلدان للأسلحة النووية في الوقت الذي يملك هو أسلحة مدمرة لشعبه و لكل شعوب العالم و التي ورث مشاكلها للرئيس أوباما. و باعتبار التصوّف لا يتجزأ عن الدين الإسلامي فإنه خضع و عانى من الحقد و تمت محاربته . و قد يكون للمسلمين أنفسهم دور مهم في ذلك لأنهم تعوّدوا على انتقاد و إبراز النقاط السلبية في كل ما يخص معتقداتهم، وهذه النظرة التشاؤمية شجعت مستغلي الفرص على استغلال الصوفية التي هي اليوم تغزو العالم بكل أقطابه و نحن بحديثنا عن الصوفية نعني الإسلام الذي بات يقلق الغرب لما يسجلونه من انتشار سريع لهذه الديانة التي نجحت في استقطاب اهتمام و قلوب المثقفين و الأميين و حتى المنحرفين الذين يتعاطون المخدرات ممن تمكنوا بفضل اعتناقهم للإسلام من التخلص من معاناتهم للأبد، و عليه تبقى الصوفية جزء مهم في نشر تعاليم الإسلام مهما تنوّعت الطرقية و الطقوس و العادات المتبعة حسب كل دولة أو مجتمع.
و هناك أبحاث كثيرة تحضر حاليا بكندا حول علاقة الغرب بالصوفية و الإسلام و هو ما يؤكد مكانة الصوفية ليس في العالم الإسلامي فحسب بل حتى بالخارج، و عليه فأنا شخصيا أرى بأن الاستغلال للصوفية يظهر فكريا و علميا أكثر منه سياسيا لأن السياسيين يدركون جيّدا غاية المتصوّف و التي هي أساسا بعيدة عن السياسة و إغراءات الدنيا، و كل ما يحدث اليوم هو التقاء الأفكار بخصوص الرغبة في محاربة التطرّف بكل أشكاله.
الأستاذ صالح شكاك (جامعة القنيطرة المغرب)
السماح لها اليوم بممارسة ما حرمت منه سابقا يطرح تساؤلات
السماح للصوفية بممارسة ما حرمت منه و حوربت لأجله طيلة سنوات و في زمن طغت عليه الماديات يبعث على التساؤل خاصة بعد كثرة الجدال في الغرب بخصوص مدى أهمية الصوفية في محاربة التطرّف، غير أن هذا يحملنا للنظر للموضوع من شقين، الأول الرغبة في استعادة القيم النبيلة في ظل المد العولمي و الذي من تابعياته السلبية هدم هذه القيم التي تحافظ على الأسرة و الدين. أما الشق الثاني فيخص التفكير في قطع الطريق على التيارات المتطرّفة التي أساءت لبلدانها أكثر من غيرها من البلدان الغربية التي استغلت ذلك لصالحها. و عليه فإن استغلال التصوّف سياسيا ليس بالغريب و لا بالجديد لأن الزاوية كانت دائما ملجأ الحكام لفض النزاعات أو امتصاص الغضب لما تتمتع به هذه الأخيرة من مكانة في نفوس الأوفياء البسطاء و المثقفين و مختلف الفئات، و لا يتعدى الأمر الاستعانة بها لإيجاد الحلول و ليس لإدخالها كطرف سياسي هدفه السلطة أو مساعدة البعض على اعتلاء سدة الحكم لأن هم المتصوّف الأول و الأخير الاستقرار و العدالة الاجتماعية.
الباحث الهندي غلام نبي خاكي (مركز أسيا الوسطى للدراسات بجامعة كشمير)
استغلالها كان مدنيا وليس سياسيا
قد يكون استغلال الأنظمة للصوفية استغلالا مدنيا أكثر منه سياسيا لما هو معروف عن الصوفية منذ القدم من اجتهاد جبار في نشر السلام و التعايش و التآخي و التلاؤم بين الطوائف، و بالأخص في زمننا هذا الذي يشهد استقطابا طائفيا و عدائيا واسعا، يهدد استقرار بلدان العالم الإسلامي. و لأن الصوفية تصنع التوازن في ظل كل هذه الصراعات تبدو كالعائد من بعيد مع أنها لم تختف أبدا، بل استمرت كما كانت دائما تعمل في الظل بعيدا عن الأضواء عكس التيارات الأخرى، لأنها تعمل بمبدأ لا تقابل السيئ بالسيئ عملا بكلام الله عز و جل "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" و بنصيحة رسول الله عليه الصلاة و السلام "فالحسنة تمحو السيئة أو " وأتبع السيئة الحسنة تمحها".
و ظروف الوقت الراهن تحتاج أكثر من أي وقت مضى من يحث على التعايش بين الأديان و الطوائف و هو ما نجده عند الصوفية في كل مكان، فمثلا بالهند يقول بعض الصوفية الكشامرة"مثل المسلمين و الهندوس كمثل مزيج الحليب و السكر"إشارة إلى بحث كلاهما عن حقيقة واحدة حتى لو كانت مناهجهم المختلفة.
و الصوفية تستمد قوتها من اعتدالها و عدم رفضها الآخر، مما يجعلها غير قابلة للاستغلال لا من الأطراف الداخلية أو الخارجية مثلما يحدث مع التيارات و الطوائف الإسلامية التي تحوّلت إلى ورقة يلجأ إليها الغرب كلما أراد ذلك، مثلما يحدث مع طالبان أفغانستان.
و قد حاولت من خلال مداخلتي التي قدمتها في ملتقى قسنطينة إبراز دور الصوفية و معاهدهم في إدخال روح المدنية و الوئام الثقافي و الحضاري عبر التاريخ و الذي اعتبره دورا جبارا من المنظور العملي و الإنساني، و الأمثلة كثيرة عن مواقف كبار الصوفية في منع الاعتداء على حقوق الآخر مثلما فعل على سبيل المثال الملا عبد الحكيم الذي أفتى بعدم جواز هدم معبد للهندوس من أجل بناء مسجد أو العكس حثا على احترام العقائد و الديانات و دعوة للتعايش السلمي.
و مكانة الصوفية ستتضاعف أكثر فأكثر، لأن الناس ملوا قساوة و جفاء زمن الماديات و خواء الروح و سيبحثون عن السلم الداخلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.