تصاعدت حدة الخلافات بين فرنساوروسيا اللتان تبادلاتا الانتقادات في مسألة شحنات الأسلحة الروسية إلى سوريا، ونقص الرؤية الاستراتيجية الفرنسية في مالي، ورفعت كل منهما درجة تذمرها من تصرفات غريمتها رغم قوة العلاقة بين البلدين الذين يتنافسان على النفوذ في مناطق آسيا وإفريقيا. أوضح مصدر في الخارجية الفرنسية، أن التوتر في العلاقة بين موسكو وباريس أنتجه المناخ العام للوضع الأمني والسياسي، وما من أمر شخصي في الموضوع، وتبقى العلاقة التي لا طالما كانت قوية تطغى عليها البرغماتية على الرغم من كل التشنجات والتي أعقبت تصريحات وزيري الخارجية الروسي والفرنسي، حيث تحدث سيرغي لافروف بسخرية عن ”فرنسا التي تقاتل في مالي أولئك الذين سلحتهم في ليبيا”، وأعرب عن ”صدمته” من فقدان الرؤية الاستراتجية لدى الغربيين حيال الربيع العربي، وبعد يومين، رد لوران فابيوس انطلاقا مما يحصل على الساحة السورية، وقال ”هناك الكثير من الأسلحة في سوريا ونعرف من أين تأتي”، مستهدفا بالتأكيد شحنات الأسلحة الروسية إلى نظام دمشق. وتبقى سوريا نقطة التشنج الرئيسية، واعتبر فيليب ميغو الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية أن ”هناك سوء تفاهم حقيقي” بين الروس والغربيين، وخصوصا مع باريس. وقال ”إنهم يعتبرون أن موقف فرنسا غير متجانس، إذ أنها تذهب لمقاتلة ”الجهاديين” في مالي من جهة وهو ما يوافقون عليه، وذهبت من جهة أخرى بعيدا جدا في دعمها المعارضة السورية”، حيث يقاتل ”إسلاميون متشددون”. وخلال الأشهر الأخيرة، دعمت باريس لفرقة ”بوسي رايوت” الروسية التي يقبع اثنتان من أعضائها في السجن بعدما أدت الفرقة أغنية معارضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية في موسكو، وكذا الاستقبال الحار في روسيا للممثل الفرنسي جيرار دوبارديو الذي قرّر مغادرة فرنسا لأسباب ضريبية ومنحته روسيا جنسيتها، وفي بداية فيفري عمقت السلطات الروسية الخلاف أكثر عندما رفضت منح تأشيرة دخول للمديرة الجديدة لمركز الأبحاث الفرنسي في موسكو من دون توضيحات. إلا أن مستوى التشنج في العلاقات بين روسياوفرنسا لا علاقة له مع تبادل الانتقادات التي تذكر بالحرب الباردة التي تطبع في غالب الأحيان العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة أو بريطانيا. وبعد العلاقة ”الندية” التي كانت قائمة بين الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وفلاديمير بوتين، جاءت علاقة تتسم بابتعاد وفتور أكبر مع الاشتراكي فرنسوا هولاند، واعتبر ارنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو أن ”الكرملين ينتظر باهتمام بالغ” زيارة فرنسوا هولاند إلى روسيا المتوقعة في الأسابيع المقبلة لأن ”باريس تبدو شريكا رئيسيا لروسيا في أوروبا”.