فضائح سوناطراك.. من تنحية شكيب خليل إلى تحقيقات إيطاليا وكندا وبريطانيا! مبتول: "800 مليار دولار فقط عائدات الجزائر من النفط خلال ال40 سنة" تحتفل الجزائر غدا بالذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات على وقع إعادة فتح ملفات كبرى على مستوى المجمع الطاقوي سوناطراك في مقدمتها التحقيقات التي باشرها القضاء الإيطالي بشأن فضيحة الرشاوى مع شركة ”سايبام” وملف الضرائب التي فتحتها السلطات البريطانية، وكذا تفجيرات قاعدة النفط بعين أميناس والتي صنعت الحدث في الجزائر طيلة شهر جانفي المنصرم، إضافة إلى تجديد عقود النفط والغاز طويلة ومتوسطة المدى التي ستنتهي آجالها بداية من مارس المقبل. احتفالات 2013 على وقع إعادة فتح ملفات كبرى بالجزائر والخارج فضائح سوناطراك.. من تنحية شكيب خليل إلى تحقيقات إيطاليا وكندا وبريطانيا! كانت فضيحة سوناطراك سنة 2009 أو ما يعرف ب”سوناطراك 1” القطرة التي أفاضت الكأس وكشفت عن الفساد الذي استمر في نخر قطاع المحروقات لعقود طويلة، باعتباره العمود الفقري للاقتصاد الوطني ويمثل أكثر من 97 بالمائة من صادرات الجزائر، في الوقت الذي يدر سنويا أزيد من 40 مليار دولار على الخزينة العمومية، حيث لعب وزير الطاقة السابق شكيب خليل الدور الرئيسي في مسلسل هذه الفضائح بعد تداول اسمه بقوة عبر وسائل الإعلام الوطنية والدولية وذكره كمشتبه به في التحقيقات الأجنبية. طفت الصفقات المشبوهة في قطاع المحروقات خلال السنوات الماضية إلى السطح وأصبحت التحقيقات التي فتحتها المحاكم الجزائرية والمخابرات الدولية وتقارير الهيئات العالمية أكثر خطورة بداية من 2009 لتمس مسؤولين جزائريين بارزين في الدولة وفي القطاع وأبناءهم وزوجاتهم.وكانت البداية خلال سنة 2009 مع الفضيحة الأولى لسوناطراك، حيث أدت التحقيقات الأولية إلى إقالة المدير العام السابق ب”سوناطراك” محمد مزيان، ونائبين له وخمسة مدراء تنفيذيين وسجنهم، لتتوالى بعدها التحقيقات التي طالت حتى أحد أقارب الوزير السابق شكيب خليل الذي ثبت تورطه في الفضيحة في وقت دفع الوزير الثمن عبر إقالته من الحكومة شهر ماي 2010. وبالرغم من عدم استدعائه لحد الساعة للتحقيق، إلا أن كافة وسائل الإعلام وعددا كبيرا من السياسيين والحقوقيين يطالبون القضاء الجزائري بفتح التحقيقات معه شخصيا ومحاسبته. وبعد هدوء دام سنتين عادت فضائح سوناطراك إلى الواجهة حيث كشفت تحقيقات فتحتها السلطات الإيطالية والكندية أن شركة ”أس أن سي لافالان” الكندية المتخصصة في المنشآت الهندسية الكبرى، و”سايبام ”فرع شركة ”إيني ”الإيطالية، استخدمتا قريب وزير الخارجية السابق أحمد بجاوي والمدعو فريد بجاوي وسيطا للظفر بعقود مع سوناطراك تصل قيمتها إلى المليارات. وبحسب الصحيفة الكندية ”جلوب اند ميل” فإن فريد بجاوي تلقى رشاوى على شكل عمولات في حدود مليار دولار من الشركتين، وهو الأمر الذي أكده المتحدث باسم الشركة الكندية ”ليسلي كوينتوم”حسب ذات الصحيفة. ومما كشفت عنه المعلومات التي قدمتها ذات الصحيفة، فإن العقود التي حصلت عليها الشركة الكندية مع سوناطراك تمت في الفترة التي كان فيها شكيب خليل وزيرا للطاقة والمناجم. وفي سياق غير بعيد عن ذلك، فجرت وسائل الإعلام الإيطالية مؤخرا فضيحة ما يعرف ”بسوناطراك 2”، فبعد التحقيقات التي بدأت في حق المدير التنفيذي لمجموعة ”إيني”، باولو سكاروني بشأن اتهامات رشوة تناهز 200 مليون أورو مرتبطة بعقود قيمتها 11 مليار دولار وقعتها شركة ”سابيم” التابعة للمجموعة في الجزائر مع شركة سوناطراك للفوز بمشروع ”ميدغاز” والتي يشتبه بأن يكون شكيب خليل أيضا وراءها، كشفت التحقيقات أن مسؤولين في سوناطراك بالإضافة لوسطاء وعلى رأسهم فريد بجاوي تلقوا رشاوى بقيمة 200 مليون دولار من شركة ”سيبام” الإيطالية مقابل 3 صفقات عام 2007. وبين هذا وذاك، أعلنت الضرائب البريطانية عن الشروع في التحقيق مع شركة التنقيب عن الغاز ”أس بي سي” التابعة لسوناطراك بتهمة عدم دفع مستحقات السلطات البريطانية منذ أزيد من 13 سنة، وعدم التبليغ عن الشروع في النشاط بلندن منذ سنة 1999. وكشفت مصادر من المجمع الطاقوي سوناطراك عن مراسلة تلقاها المدير العام للمؤسسة عبد الحميد زرڤين منذ أشهر من طرف الضرائب البريطانية، للتساؤل عن نشاط فرع المجمع بلندن ”أس بي سي” لاسيما وأن سوناطراك كانت قد نفت في وقت سابق وتحديدا خلال عهدة شكيب خليل وجود أي فرع لها بالمملكة البريطانية. سارة نوي الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول ”800 مليار دولار فقط عائدات الجزائر من النفط خلال ال40 سنة” قال خبير الشؤون الاقتصادية عبد الرحمن مبتول أن الجزائر لم تحقق، بعد 42 سنة من تأميم المحروقات، الاستقلالية التامة والسيادة المطلقة على القطاع، من منطلق حاجاتها المتواصلة للخبرات الأجنبية في إطار الشركات للاستثمار واستغلال حقول الغاز في مناطق الجنوب، ما اعتبره مصدر خطر على الاقتصاد الوطني بشكل عام، إذ يعتبر الريع الرئة الحقيقية للدخل العام. وأشار المتحدث في تصريح ل”الفجر” إلى أن الطلب العالمي على النفط الجزائري مرتبط بتقلبات الاقتصاد الدولي، وتذبذب قيمة الدولار وكذا تغير أسعار المحروقات على مستوى البورصات العالمية، في وقت يعتمد الاقتصاد الوطني على ما يفرزه هذا القطاع، إذ بلغ 98 بالمائة في آخر حصيلة المقدمة السنة الماضية، وعليه فإن تسجيل أي عجز في هذا الشأن سيؤدي إلى آثار اقتصادية، سياسية واجتماعية كذلك. وحذّر الخبير من إصرار السلطات العمومية على المواصلة في نفس السياسة واستبعاد التوجه نحو بدائل أخرى، مذكر بالأزمة التي عرفها القطاع سنة 1986 حين هوت أسعار البترول إلى مستويات ضعيفة، بينما أشار أيضا إلى تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على الجزائر وعلى الإستراتيجية الاقتصادية العامة، مع العلم كما أضاف أن الجزائر ستحصي 50 مليون نسمة خلال 25 سنة، لاسيما بعد تأجيل مشروع غالسي بالإضافة إلى انخفاض تكاليف التعامل مع الشركات إنتاج النفط الروسية التي تتراوح ما بين 11 إلى 16 بالمائة، ما يؤثر بشكل مباشر على العقود طويلة الأمد وتوجهات الدول نحو ممونين جدد تدعمها الفضائح المالية التي تتخبط فيها سوناطراك منذ عدة سنوات. وأوضح عبد الرحمان مبتول أن الشركة الوطنية للمحروقات تعاني منذ سنة 1986 من أزمة تسيير مردها عدم الالتزام بإستراتيجية واضحة في مختلف مجالات النشاط في قطاع المحرقات، سواء في التنقيب والبحث، الاستخراج وكذا النقل، امتدت إلى عقود الشراكة مع المؤسسات الأجنبية على اعتبار أن الجزائر لا تملك القدرة التكنولوجية للتحكم في إنتاج النفط، بينما يظل إنتاجه وتصديره على شكل منتوجات ”ريعية” أو خام في ظل اقتصار الشراكة مع كبريات المؤسسات النفطية العالمية على ذلك، بعيدا عن التحول إلى تكنولوجيا تحويله إلى منتجات مصنعة، وتبقى السلطات العمومية في هذا الصدد محكومة بالتعامل مع إطارات المؤسسات الأجنبية وفقا لشروطهم، وتحمل تبعا لذلك تكاليف وأجورا مرتفعة لا يتقاضاها عمال وكوادر وطنية تتمتع بنفس الكفاءة والخبرة، ليرجع المتحدث سبب ذلك إلى ضعف تسيير الموارد البشرية. وقال الخبير الاقتصادي أن الحديث عن تمويل عائدات تصدير المحروقات الاقتصاد الوطني بحوالي 800 مليار دولار خلال أربعين سنة حققت خلالها الجزائر أكثر من 300 اكتشاف منذ تأميم المحروقات سنة 1971 فيما، يجانب الحقيقة بمفهومها الاقتصادي. سعيد. ب بعد 42 سنة من تأميم المحروقات سوناطراك لا تزال تنفق نصف ما تجنيه على تشغيل الأجانب واستيراد التجهيزات لا يزال المجمع النفطي سوناطراك بعد 42 سنة من تأميم المحروقات يواجه مشاكل نقص الإمكانيات وضعف الإنتاج مقارنة مع الثروات الباطنية التي تتمتع بها الجزائر، فحسب ما يجمع عليه خبراء الطاقة، الجزائر لم تستغل إلا جزءا من احتياطي الغاز الطبيعي والبترول المتواجد بالصحراء في وقت تتمتع هذه الأخيرة بثروات كبرى ممثلة في الغاز الصخري وإمكانية التنقيب في البحر والطاقة الشمسية والرياح التي بإمكانها ضخ ملايير الدولارات سنويا على الخزينة العمومية. وفي هذا الإطار قال مصدر من المجمع الطاقوي سوناطراك أن هذه المجموعة العمومية تنفق مبالغ طائلة لإنتاج النفط، حيث تدفع سوناطراك ضعف ما تنفقه الشركات العالمية الأخرى لاستخراج البترول والغاز بسبب ضعف التكنولوجيا واعتمادها على الشركات الأجنبية والعمال الأجانب الذين يتقاضون أجورا مرتفعة ويتحصلون على عمولات ضخمة، ناهيك عن عدم توفرها على أسطول بحري كفيل بنقل إنتاجها إلى الدول التي تربطها معها صفقات تجارية. وأضاف المصدر أنه رغم الطلبات التي تم تقديمها للمسؤولين الذين تعاقبوا على سوناطراك للتمكن من تجديد الأسطول البحري للشركة، إلا أنه لحد الساعة لم تتمكن المجموعة من ذلك بفعل التضييقات التي يفرضها قانون الصفقات العمومية وسياسة الحذر واليقظة التي يعتمدها المسؤولون في الإنفاق نتيجة الفضائح المتوالية التي مست أكبر مجمع اقتصادي في الجزائر منذ سنة 2009 وإلى غاية 2013، الأمر الذي أدى إلى فتح تحقيقات قضائية دولية مع مسؤولين سابقين للمجموعة وشركائها بكل من إيطاليا وكندا وبريطانيا في انتظار ما ستسفر عنه هذه الأخيرة خلال الأيام القادمة. إيمان كيموش مفاوضات العقود طويلة المدى انطلقت وألمانيا أعلنت رفضها التعامل مع شركات مشبوهة إيطاليا وإسبانيا تستغلان حادثة تيڤنتورين وفضائح الفساد للضغط على سوناطراك تشكل التطورات السلبية في مقدمتها فضائح تحقيقات سوناطراك وتفجيرات تيڤنتورين عائقا حتميا أمام تأهب الجزائر، بداية مارس المقبل، لمباشرة تجديد عقود الغاز والبترول المتوسطة والطويلة المدى مع الشركاء الأجانب. أكد خبير الشؤون الاقتصادية فارس مسدور في اتصال مع ”الفجر” أن كرونولوجيا الأحداث السلبية التي شهدها قطاع الطاقة على غرار قضية الصفقات المشبوهة التي نسبت للمجمع الطاقوي ”سوناطراك” والتي أبرمت مع الشركة الإيطالية ”إيني” لاستحواذ أكبر عدد ممكن من حقول البترول زيادة إلى حالة اللاأمن التي جسدتها حادثة الاعتداء الإرهابي على محطة الغاز ب”تيڤنتورين”، باتت تهدد بنسبة كبيرة نجاح مناقصات وعقود البترول التي لا تزال قيد المفاوضات. وفي ذات السياق، أضاف مسدور أنه زيادة على التوقعات المتداولة بخصوص ارتفاع أسعار النفط نهاية العام الجاري، والتي كانت مرشحة للوقوف كحاجز أمام الوصول إلى اتفاقيات عمل مشتركة في ظل الضغوطات التي تمارسها الدول الأجنبية للعمل على تخفيض الأسعار، عوضت قضايا الفساد التي أصبحت تحتل صدارة أجهزة القضاء الدولي كل الاحتمالات الواردة والتي كشفت تورط عدد من المسؤولين في معاملات غير شرعية تخص جملة من جرائم الرشاوي والاختلاسات وغيرها. وأشار أستاذ العلوم الاقتصادية إلى الضغوط التي يمارسها عدد كبير من الدول الأوروبية في مفاوضاتها مع سوناطراك لإبرام صفقات عمل طويلة المدى، على غرار إسبانيا وإيطاليا، مضيفا في الوقت نفسه أنه زيادة إلى عامل الأسعار والقوانين التي تفرضها السلطات الجزائرية لتنظيم الاستثمار، فإن القضية الأخيرة التي تتداولها المحاكم الخارجية بخصوص فضائح مجمع سوناطراك وغيرها من قضايا الفساد وحادثة تيڤنتورين، ستساهم بشكل كبير في انسحاب وتراجع عدد كبير من المتعاملين الأجانب في صدارتها ألمانيا التي لا ترضى أن تتعامل اقتصاديا مع دول تنسب إليها تهم الفساد، مشيرا في الوقت ذاته أن هذه الأخيرة تعتمد مبدأ مكافحة الفساد في معاملاتها الخارجية على غرار القانون الذي تعتمده في عقد صفقاتها القاضي بالكشف عن أسماء كل المشاركين في قضية الرشوة بعد مرور خمس سنوات من الاتفاق، ما يبرز سعي مثل هذه الدول على العمل لتحقيق مصلحتها الخاصة على حساب دول أخرى.