رغم التقدم الذي أحرزه الطب الحديث في مسألة زراعة الأعضاء البشرية، حيث صار بإمكان هذه التقنيات إنقاذ حياة المرضى، لكن في الجزائر ماتزال العملية محصورة بين الأهل والأقارب ولا تخرج عن محيط العائلة الضيق. تكشف أرقام الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء أن عام 2010 مثلا شهد زرع 933 عضو، 98 في المائة من العمليات التي تم إجراؤها كانت الأعضاء المزروعة قد تبرع بها أشخاص أحياء وغالبا هم من محيط عائلة المريض. وفي السياق نفسه شهدت مستشفيات الوطن بين 2001 و 2012 زراعة أكثر من 6 آلاف قرنية تم استيرادها من الولاياتالمتحدة. وتبقى عملية زراعة النخاع العظمي في نطاق محدود ولم تتطور بالشكل الذي يجعلها تستجيب لطلبات المرضى، حيث أجريت في الجزائر أكثر من 1600 عملية من هذا النوع التي كانت قد انطلقت عام 1998، تاريخ إجراء أول عملية زراعة النخاع العظمي في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة. ورغم أن عملية زرع الأعضاء، لاسيما الكلى والكبد والنخاع الشوكي، قد شهدت ارتفاعا منذ 2007 نتيجة المجودات المبذولة في هذا الاتجاه، خاصة في الشق المتعلق بالفتوى، حيث درجت وزارة الشؤون الدينية والمجلس الإسلامي الأعلى على التشديد على أهمية نشر ثقافة التبرع بالأعضاء، وأنها لا تتعارض مع الدين الإسلامي الذي يوصي بالحرص على إنقاذ حياة الناس.. لكنها تبقى رغم ذلك لا ترقي إلى المطلوب، حيث شهدت الجزائر مثلا زراعة 305 كلية و7 عمليات في الكبد و1420 عملية قرنية و 422 عملية نخاع بين 2005 و 2009.. وهي نسبة ضئيلة جدا، كما توضحها أرقام المختصين التي تؤكد أنه من بين 13000 حالة عجز كلوي مزمن نجد نسبة واحد في المائة فقط من الذين استفادوا من عملية زرع كلية جديدة، تتراوح أعمارهم بين 16 و50 سنة، بينما تبقى ما لا يقل عن 1500 حالة سنوية لطلبات زراعة القرنية تنتظر التجسيد. فيما يؤكد المختصون في هذا الاتجاه أن القرنيات المستوردة من الخارج لا يمكنها أن تفي بالغرض ويجب تشجيع التبرع المحلي، خاصة أن تكلفة حالة واحدة لزراعة هذا النوع من القرنيات تكلف خزينة الدولة ألفي دولار أمريكي، بينما لا تقل تكلفة حالة واحدة لزراعة الكلى عن مليوني دج. وحسب تقديرات خبراء الصحة فإن الجزائر من المرتقب أن تشهد الجزائر زيادة الطلب على زراعة الكلى خلال الخمس سنوات القادمة، في حين يبقى ما لا يقل عن 20 ألف مريض بحاجة إلى زراعة الكلى، وهذا حسب تقديرات رئيس الجمعية الجزائرية للعجز الكلوي وزرع الأعضاء، البروفسور طاهر ريان، والذي أكد في تصريحات سابقة أن عملية تصفية الدم لوحدها تكلف الخزينة العمومية 20 مليار دج في السنة. وتشير التقديرات إلى وجود 5ر1 مليون جزائري معرض للإصابة بالقصور الكلوي، فيما تسجل الجزائر 4000 حالة في السنة من القصور والعجز الكلوي. لهذا يبقى الحل الأمثل لمواجهة هذه الحالات، حسب البروفيسور، تشجيع ثقافة زرع الكلى والتبرع. وحسب البروفيسور طاهر ريان، فإن سنة 2011 شهدت 135 عملية، 133 منها تبرع بها أشخاص أحياء من محيط الأقارب، و يبقى - حسب المختص في أمراض الكلى - أن الجزائر يجب أن يصل إلى 500 عملية سنويا على الأقل، ولبلوغ هذا الهدف يشدد المختصون في أمراض الكلى في كل مناسبة على وجوب إنشاء بنك للأعضاء البشرية وتشجيع ثقافة التبرع خارج إطار الأسرة والأقارب.