مثقفون يتهمون خليدة تومي باستعمالها لسياسة المحاباة في منح دعم وزارتها ! سافر سهرة أول أمس، عشاق الفن الأوبيرالي، إلى رحلة بعيدة خرقت الأزمنة الغابرة من خلال أول أوبيرات جزائرية احتضن المسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالعاصمة عرضها الشرفي العالمي وسط حضور جماهيري كبير، وعرف مشاركة أكثر من 300 طفل تم انتقائهم من عدّة مدارس ابتدائية بالعاصمة، بهدف تمكينهم من اكتشاف عالم الأوبرا والاوركسترا السيمفونية، في انتظار أن يزور هذا العرض عدّة عواصم عالمية، أبدت رغبتها في متابعة جمهورها لهذا العمل الفني المتميز. ^ حمل الموسيقار والمؤلف طارق بن ورقة الحضور الغفير الذي غصت به أروقة المسرح الوطني، على بساط الأشعار الصوفية لعمالقته أمثال جلال الدين الرومي، في رحلة بعيدة في عرضه الاوبرالي الموسوم ب”النفس”، الذي جمع بين سحر الأشعار وكونية الموسيقى والأنغام أعطى الموسيقار والملحن وكاتب الكلمات والأشعار في هذه الملحمة العنان لخياله وأحلامه في رحلة إلى الأزمنة الغابرة، واستطاع صاحب أول أوبرا جزائرية تكتب باللغة العربية الفصحى أن يضع كل موهبته ومعرفته الموسيقية وخياله الفني الذي صقله بكبريات عواصم العالم، في هذا العمل الإبداعي المبهر حيث جمع في عمل واحدة بين الأجواء السحرية للشرق وحرفية وأكاديمية الموسيقى الكلاسيكية العالمية في انسجام ورونق قلّ نظيره. وقاد المايسترو بيير ديموسو رفقة كوكبة من العازفين الحضور إلى عالم امتزج فيه الخيال بالطقوس والمعتقدات والأساطير، وأضفت الأصوات الجميلة والقوية لمغنيين الأربعة وهم، الفنانة اللبنانية غادة شبير، التي مكنها صوتها العميق ذي الألوان المتعددة من أداء عدة أنواع غنائية منها الأندلسي المغاربي إلى جانب المغنية الأردنية ذات الأصول الفلسطينية والتي ذكرت الكثير بأداء فيروز المميز واستمتع الجمهور أيضا بالصوت الجذاب للفنان اللبناني غابي عظيمي قبل أن يبلغ العرض الذروة عند ما تقدم التينور المصري الايطالي جورج ونيس بصوته الصادح الذي دوى القاعة، وفي ختام العرض عبر طارق بن ورقة الذي يطمح أن يكون لعمله مسار عالمي ناجح عن سعادته لتقديم العرض الفني ببلده الجزائر وأمام جمهور راقي يملك ذوقا فنيا رفيعا وأضاف قائلا ” اليوم عدت بهذا العرض إلى أيام الصبا وشعرت من خلال تجاوب وحماس الجمهور بتلك الحرارة والتي تميز الجزائريين”. وعلى هامش العرض، نوهت، حاج صحراوي حسينة، مديرة نشر مجلة”سلامة”، التي تعد مجلتها أحد الشركات الراعية لهذا العرض الفني الذي يأتي كعربون محبة من مهندس العرض طارق بن ورقة، ومجلتها للجزائر والجزائريين في الذكرى الخمسين لعيدي الشباب والاستقلال. وتطرقت المتحدثة في تصريح لها ل”الفجر”، عن الصعوبات والعوائق التي واجهتهم أثناء تحضيراتهم الأولية للعرض حيث قالت صحراوي أن الوزارة الوصية رفضت تقديم يد العون لهم وحرمتهم من الحصول على قاعة لعرض هذا العمل الفني المبهر كونه عرض تجاري حسب ما أعلمتهم إدارة وزارة الثقافة التي تشرف عليها الوزيرة خليدة تومي، ورغم أن العرض لم يكن تجاريا بدليل أن الدخول كان مجاني لمشاهدة العرض الشرفي الذي تم سهرة أول أمس، إلا أن حصول القائمين على تحضيره على الدعم من الوزارة تم متأخراً جداً وبعد مراسلات عدّة من قبلهم ومن قبل الفنان طارق بن ورقة الذي راسلهم من فرنسا أكثر من مرة لكن القائمين على وزارة الثقافة رفضوا حتى الردّ على مراسلاتهم كتابياً مكتفين بالردّ على استفساراتهم بخصوص تأخرهم في منحهم قاعة العرض أو الأدوات التي يقدمون بها هذه العروض أياما قبل انطلاقه. واستفسر عدد من المثقفين والمهتمين بالفن الأوبيرالي عن فحوى هذا التجاهل الذي توليه وزارة تومي إلى الإبداع الحقيقي لأبناء الجزائر في حين لا تتوانى الوزيرة أو حاشيتها عن تقديم دعم المادي والمعنوي لكل دخيل عن الإبداع الحقيقي، كما نتسائل نحن اليوم إن كانت الوزيرة ستخصص بعضا من ميزانية الوزارة التي تعد بالملايير من أجل منح الجمهور الجزائري فرصة للاستمتاع بهذا العرض في مختلف ربوع الوطن أو على الأقل في المدن الكبرى بالشرق والجنوب والغرب الجزائري أم أنها ستفضل منح هذه الخصوصية من مال الحكومة لغرباء عن الجزائر هم وعروضهم التي أنجزت في إطار خمسينية الاستقلال.