لا تقتصر حديقة التجارب بالحامة، في العاصمة، على كونها ملجأ العائلات الباحثة عن الهدوء والسكينة تحت أشجار وخضرة المكان، فشبان كذلك قد اتخذوا من مداخل الحديقة الممتلئة بالزوار فضاء لعرض سلعهم وممارسة بعض نشاطاتهم التجارية التي تعود عليهم ببعض الربح المادي الذي يضمنه التوافد الكبير للعائلات خاصة. تشهد حديقة التجارب بالحامة إقبالا كبيرا للزائرين، خاصة خلال الأيام الأخيرة، حيث يعرف عدد الزوار عدد غير مسبوق، لاسيما بالتزامن مع فصل الربيع الذي يزيد من جمال وبهاء هذا الفضاء الترفيهي الساحر. وبعيدا عن ما هو معتاد والمتمثل في زيارة العائلات لهذه الحديقة، نلاحظ مؤخرا زيادة إقبال التلاميذ والطلبة ضمن رحلات مدرسية للتعرف على المكان والاستفادة من بعض المعلومات، وكذا التمتع بجو الخضرة والابتعاد عن ضغط الدراسة. وربما نجحت حديقة الحامة في خلق ثقافة التنزه والتجوال في فصل الربيع الذي يعتبره الكثيرون موعدا هاما لقصد مثل هذه الأماكن، ولأن أغلب الحدائق العمومية صارت تشترط حاليا دخول العائلات فقط حفاظا على الآداب العامة، فإن إدراة “الحامة” تريد تكريس مبدأ أن سلوكيات الشخص هي التي تسمح له بالدخول مهما كانت رفقته. العطلة الأسبوعية أهم موعد لتلاميذ الولايات الداخلية تقوم عائلات باصطحاب أبنائها لقضاء وقت ممتع في وسط طبيعي رائع، يضم الأشجار والحيوانات النادرة. كما يقصد التلاميذ كذلك رفقة زملائهم أو تحت إشراف مدارسهم، هذه الحديقة كذلك متخلصين من مشقة الدراسة وضغطها، وآملين في التمتع بيوم هادئ تحت أشجار الحديقة الساحرة. وقد اتخذ هؤلاء من يومي الجمعة والسبت موعدا للتهافت على الحديقة، اغتناما لوقت فراغهم في أمر يفيدهم. كما تستقطب الحديقة زوارا من مختلف الولايات الداخلية نظرا للشهرة التي بلغتها، حيث يتوافد الزوار عليها، حيث استغلت العديد من المدارس من مختلف ولايات الوطن، لاسيما القريبة من العاصمة، على غرار بومرداس، تيبازة، البويرة وبرج بوعريريج على سبيل المثال لا الحصر، فرصة العطل الأسبوعية للقيام برحلة إلى العاصمة، وبالضبط لحديقة الحامة، حيث تقوم كل مدرسة باستئجار حافلات تقلّ التلاميذ رفقة أساتذة وأفراد من الطاقم التربوي. وفي ذات السياق كنا لنا حديث مع عبد الحق برناوي، أستاذ العلوم الاجتماعية بثانوية بالمدية، فأشار إلى أنهم قاموا بإحضار تلاميذ من المؤسسة قسموهم إلى أفواج، حيث يرأس كل أستاذ 15 تلميذا. كما أعرب التلاميذ عن إعجابهم في حديثهم مع “الفجر” بجمال الحديقة وكذا الحيوانات الموجودة بها. الميترو والترامواي يسهلان التنقل انخفاض التكاليف التي تدفعها العائلات الجزائرية مقابل التمتع الذي تقضيه بهذه الحديقة جعل العديد منهم لا يتوانون عن الحضور إليها في كل عطلة، حيث أن سهولة التنقل إلى حديقة الحامة وذلك عبر “الميترو” و”الترامواي” اللذين تعرف خطوطهما هذه الأيام إقبالا كبيرا من طرف العائلات التي فضلته بدل سيارات الأجرة أوالحافلة التي يعرف الطريق الذي تسلكه ازدحاما كبيرا، إذ حدثتنا السيدة سعاد، التي القتينا بها في حديقة الحامة، عن الصعوبات التي كانوا يلاقونها في السابق خلال تنقلهم إلى الحديقة، لكن الآن بفضل وسائل النقل الجديدة زالت المعاناة وأصبح الوصول إلى الحديقة لا يستغرق وقتا طويلا ولا مالا كثيرا، وأصبح التردد على الحديقة ممكنا وسهلا في ذات الوقت. وفي السياق ذاته أخبرتنا إحدى السيدات التي التقينا بها في ذات المكان، أنها أتت من ولاية أخرى خصيصا لتركب الميترو وتزور حديقة التجارب التي سمعت عنها الكثير. تجارة مربحة على أبواب الحديقة استغل بعض الشبان العاطلين عن العمل فرصة التوافد الكبير للزوار من أجل ممارسة بعض الأنشطة التجارية، التي تعود عليهم بعض الدخل المادي الذي يكفيهم ذل السؤال، على غرار بيع المشروبات والمرطبات على أبواب المدخل الرئيسي للحديقة، لاسيما في ظل أسعارها المرتفعة التي يفرضها الباعة في الأكشاك المتواجدة داخل الحديقة، فيما ذهب آخرون إلى إغراء الصغار بالألعاب والبالونات المشكلة بمختلف الألوان والأشكال. وفي ذات السياق كان لنا حديث مع سمير، أحد هؤلاء الباعة الذين قام بعرض مختلف أشكال الحيوانات التي يقوم بصنعها انطلاقا من البالونات، والذي قال إنه يأتي إلى ذات المكان يوميا من أجل بيع سلعته التي تلقى رواجا وسط الصغار الذين ينبهرون بما تصنعه أنامل سمير في ثوان. ويضيف محدثنا أن هذا النشاط التجاري البسيط يكفيه لعيش حياة كريمة دون الاتكال على أحد، بعد أن فشل في إيجاد منصب شغل بعد تخرج منذ أربع سنوات. كما ذهب شبان آخرون إلى ممارسة نوع آخر من النشاط، يتمثل في الرسم على وجوه الصغار بألوان بهيجة تدخل الفرحة على قلوب هؤلاء. وفي ذات السياق كان لنا حديث مع مجموعة “السنابل”، والتي كان أفرادها منهمكين في رسم صور حيوانات مفترسة وأليفة على وجوه الصغار، كل حسب رغبته وطلبه، حيث يقول فؤاد إنهم معتادون على نصب خيمتهم على شاطئ البحر خلال فصل الصيف، غير أنهم وجدوا ضالتهم في باقي أيام السنة مع هؤلاء الصغار في حديقة التجارب.