استطاعت السينما الإيرانية أن تفرض وجودها على الساحة الفنية مؤخرا على الرغم من حالة الحصار والحدود التي تفرض أحيانا على مواضيعها حيث استطاع بعض المخرجون بعث مواضيع إنسانية تصور الروح الإيرانية بعيدا عن الصورة النمطية التي تعرفها أفلام المغتربين، يعتبر المخرج رضا ميركريمي أحد الذين اختاروا هذا المسار في دردشة جمعته مع ”الفجر”، على هامش عرض فيلمه الموسوم ب”قطعة سكر”، بالعاصمة ضمن فعاليات أيام السينما الإيرانية التي تقام بالعاصمة منذ نهاية الأسبوع الفارط وتدوم حتى ال15 من الشهر الجاري، تحدث المخرج عن رؤيته وتجربته مع السينما، خاصة وأنه يعد حد أهم السينمائيين الإيرانيين الذين قدموا الفيلم الوثائقي وتميزوا له قبل أن يلج عالم السينما الروائية الطويلة. هل يمكن في البداية أن تحدثنا عن رؤيتك السينمائية والخط الذي انتهجته خلال مسيرتك؟ لقد حاولت أن أقرن بين مستويات متعددة ولعلي أقول هنا إنني اشتغلت منذ البداية على مستويين رئيسيين تعلق الأول بالأفلام القصيرة ونحا الثاني منحى الانتاجات الوثائقية دون أن يمنعني هذا بالطبع من التشوّف للأفلام الروائية. ماذا عن رؤيتك الخاصة حول السينما الروائية؟ أعتبر السينما الروائية شديدة الالتصاق بالواقع المعيشي باليومي في جميع تفاصيله الحميمة هي باختزال شديد قائمة بالأساس على الواقعية بمختلف تشكلاتها وهذا هام جدا في السينما اليوم، هي سينما تكشف عن التفاصيل الإنسانية الصغيرة بعيدا عن المثاليات. كيف يمكن للسينما الإيرانية أن تتطور حسب رأيك؟ أعتبر السينما لغة عالمية على السينما الإيرانية أن تحاول الانفتاح على التجارب العالمية علينا أن نتعرف على مختلف الأطروحات المقدمة دون أن نفرط في هويتنا لأن العدو اللدود للسينما هو التحجر والانغلاق ورفض منطق الآخر قبل التعرف عليه، في إيران ننتج كل سنة ما يتجاوز 100 فيلم تشارك معظمها في مهرجانات دولية وتحوز غالبا على جوائز. ما الذي سيساهم اليوم في جعل السينما لغة مشتركة؟ يجب أن نعي بضرورة إرساء أسس تعاون وشراكة سينمائية حتى نكسر الحدود الثقافية الوهمية في النهاية نحن بشر الإنسانية تجمعنا مهما اختلفنا. هل يشكل دعم الدولة للسينما نوعا من الرقابة التي تفرض خطوط حمراء على المواضيع التي تعالجها؟ الرقابة موجودة في كل بلاد العالم حتى في أمريكا ثمة مواضيع لا تقبلها الرقابة لكن المبدع الحقيقي يجد حلا ليمرر أفكاره دون المساس بالخطوط الحمراء ثمة دائما طريق لقول ما نشاء. ما رأيك في الحملة السينمائية التي تشن مؤخرا على الهوية الفارسية ؟ الملاحظ في هذا النوع من الأفلام افتقارها للتميز والنظرة السينمائية الجادة أنها أفلام تعتمد على الإثارة والفرقعة الإعلامية يمكنني أن أعطي مثالا على فيلم بن أفليك الأخير ”أرغو” والذي نال جوائز كثيرة الفيلم يفتقر لحبكة السينمائية وأهل الاختصاص يفهمون الثغرات الموجودة بالفيلم لكن الحرب الإعلامية عل إيران نجحت في جعله فيلما شهيرا . هل يملك رضا ميركريمي فكرة عن السينما الجزائرية ؟ أعرف أن السينما الجزائرية ليست وليدة البارحة أعلم أيضا أنها سينما عريقة وتعود كما أني تمكنت من الاطلاع على كوكبة من الانتاجات والالتقاء بوجوه سينمائية جزائرية ذات توجهات مختلفة. سينما المغتربين أو سينما ”المنفى” هل تشكل منافسة على سينمائيي الداخل الإيراني ؟ ثمة اختلاف كبير في الرؤية التي ينتهجها سينمائيو الداخل والخارج فسينما المغتربين تقدم غلبا صورة نمطية عن المجتمع الإيراني الغارق في التطرف الديني المتعصب الذي لا يحترم المرأة والحريات الفردية هذه النظرة تكون غالبا مضخمة مبالغ فيها بشكل كبير المؤسف أن بعض الجهات التي يهمها ابراز المجتمع الإيراني على تلك الشاكلة تقدم تمويلا ماديا واعلاميا كبيرا لهذه الأفلام وتقوم بدعمها في المهرجانات الدولية بينما تحاول السينما الإيرانية تخطي الرقابة والتخلص من الحصار بطرح مواضيع مختلفة ذات بعد اجتماعي انساني، روحي، عرفاني حققت معظم أعمالك على غرار فيلم اليوم ”قطعة سكر” نجاحا كبيرا وفزت بالكثير من الجوائز في المهرجانات الدولية الى ماذا ترجع سر نجاحك؟ ليس ثمة سر في الموضوع ولا وصفة سحرية لتحقيق النجاح أحاول في أعمالي التركيز على شاعرية الصور التعبيرية أحاول الإقتراب من التفاصيل الإنسانية الصغيرة تلك الحميمية التي نعيشها كل يوم ولا ننتبه اليها عادة كما أني أهتم بالمواضيع الوجدانية والعرفانية قد يرى البعض ذلك تميزا في أعمالي وقد لا يرى البعض ذلك لكنني أعمل دوما على تطوير نظرتي السينمائية بابقائي ذهني منفتحا على التجارب الأخرى