كشف، أمس أول، الشاعر العراقي عبد الرحمان جعفر الكناني، خلال إشرافه على تقديم و توقيع كتابه عن الفنان التشكيلي محمد راسم بعنوان “منمنمات محمد راسم روح الشرق في الفن التشكيلي العالمي”، أنه أول كتاب يصدر عن مسيرة الفنان راسم باللغة العربية. أكد الشاعر العراقي الكناني، خلال الندوة التي عقدها بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين، أنه أراد من خلال هذا الكتاب أن يطرح الاشكالية الكبرى والقائمة حاليا عبر أعمال راسم، والتي تتضمن مبادئ حوار حضاري لفنان بالمستوى الراقي، وهو حوار مع الآخر والتبادل الثقافي. أراد الكاتب محمد جعفر الكناني أن يؤكد أن محمد راسم كاتب التاريخ بلغته التشكيلية، استطاع أن يجسد مضامين الكفاح عبر الرسالة التي حملها و جال بها نحو العالم، مبرزا تلك الدلائل المادية الحقيقة التي استطاع أن يصل لها في زمن مبكر. عبرها فند مصطلح “صدام الحضارات”، واستطاع أن يدحض خطيئة “صاموئيل هنتغتون” المبشرة ببواعث شر آتية من الشرق الإسلامي دعت حضارة الغرب إلى إعلان حرب تروجها الأوهام. وجاءت ريشة محمد راسم المتحركة، ريشة سلام يسعى إلى بلوغه الكائن البشري في أرض يهددها انفجار “الخطيئة” تفطن لها محمد راسم الذي برهن أن لغة “حوار حضارات”، لغة تألق تجيد الإنسانية فن النطق بإحساسها العاطفي المنزه من شائبة الشر. حيث كانت هناك مقاربة بين ما طرح بما يسمى تلاقي الحضارات و راسم هو فنان يقود حوار الحضارات و عندما نجعل منهذا الفنان - يقول الكيناني - دليل للغة السماح والانفتاح التي يدركها الغرب، قبل أن يدركها الانسان الشرقي لان محمد راسم استطاع أن يتفاعل مع اللغة التشكيلية الغربية وأن يوظفها للعمل التشكيلي الجزائري هذا التمازج في الأفكار، يؤكد عدم القبول للاندثار والسماح والانفتاح. ويرى صاحب الكتاب أن الفن التشكيلي عند راسم كان أداة من أدوات الكفاح والمقامة، مزج التقليد مع الحداثة في ريشته، وتحول إلى شخصية فنية انتزعت وجودها انتزاعا وحصنتها من همجية “محو الشخصية” التي مارسها الاستعمار الفرنسي، وأطلقت إعلانها التاريخي لفن وطني منزه من أثار همجية، أصيل بأصالة جذوره الضاربة في عمق التاريخ، تأكيدا منه أن محمد راسم حافظ فعلا على خصوصيات الفن التشكيلي الجزائرية، وارتقى بتشكيل البنية الأخلاقية الجمالية بأسلوب جمالي حي لا مثيل له من قبل حتى أضحت لوحته وكأنها تاريخ يكشف عن مكوناته البيئية والبشرية والتقليدية، ليبقى إبداع محمد راسم - يقول الكناني - حوار حضاري لا ينقطع، ذلك الإبداع الإنساني الذي يعد مواكبة مثلى لحوار حضاري بدأ منذ تنوع الخلق دون انقطاع، فالفن لغة تواصل حضاري تنبذ القطيعة وتفرض الانكفاء على الذات إلى أشكال ملحمية رمزية تعبيرية، عاطفية، شاعرية تطوف في فضاءات شاسعة من الخيال الحالم. فالإبداعات الجمالية لا تكن مجرد تراث أوأسلوب فني، بل يجب على هذا التراث ان يواكب التغيرات دون التخلي عن مبادئه الجمالية و عندما نتحدث عن محمد راسم - يضيف محدثنا - هو الفنان الذي احتوى الساحة التشكيلة الجزائرية، رغم أن هناك أسماء تشكيلية جزائرية أدت إلى إبراز بصماتها في الفن و قدمت أعمالا كثيرة مثل الفنان الكبير اسياخم و بن خدة و عائشة الحداد و الفنانة باية وغيرهم، بالإضافة إلى الأسماء الجديدة التي بدأت تظهر حيث نلاحظ من خلال متابعة الأجندة الثقافية الجزائرية الحالية، أن الملتقيات المعاصرة بالولايات الجزائرية أن هناك جيل جديد يسعى لتقديم الافضل من خلال تجديد الهوية، وهو ميزة من مزايا الفنان الجزائري الذي لم يتنازل عن شخصيته خصوصيته.