أوضح أمس كاتب الدولة للإحصاء والاستشراف، بشير مصيطفى، أن هدف اللقاءات التي يعقدها مع الولاة وأعوان الدولة المشرفين على الهيئات والقطاعات الإدارية والتقنية والاقتصادية، إنما تهدف إلى البحث عن نموذج ملائم للنمو في الجزائر، والوصول إلى تصور مشترك يسمح للبلاد بالوصول من هنا إلى غاية سنة 2050 إلى مصاف الدول المتقدمة والخروج نهائيا من دائرة الدول المتخلفة. وأشار مصيطفى خلال لقاء عقده مع ممثلي الهيئات المحلية الإدارية والمنتخبة بقصر الثقافة بسكيكدة، إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد يتميز بالاعتماد الكلي على الثروات النفطية، وعلى مؤسسات ذات قدرات إنتاجية ضعيفة، ولها متوسط دخل محدود، وهناك نسبة تتعدى 55 في المائة من خريجي الجامعات من حملة شهادات في العلوم الاجتماعية و28 في المائة من حملة الشهادات العلمية والتقنية والتكنولوجية، وإن فكرة المؤسسة الإنتاجية ودورها ما زالت تحتاج إلى توضيح وترسيخ، بسبب استمرار الخلل في العرض والطلب وضعف الابتكار والرداءة، مع وجود نسبة قليلة من المخاطرة في الاستثمار. ولاحظ كاتب الدولة أن المؤسسة المنتجة للثروة ما زالت ضعيفة في الجزائر، بسبب المحيط المالي والتشريعي غير الملائم وغير المواكب تماما للتطور العصري الدولي في ميدان المؤسسة المنتجة، وأن الاستغلال الجذري للثروات الاقتصادية التي تزخر بها مناطق البلاد ما زال بعيدا جدا وغير مشجع وينبغي التركيز عليه من هنا إلى غاية 2030، للخروج تماما من حالة الاقتصاد الراكد وغير المهيكل وغير المبني على أسس اقتصادية سليمة إلى اقتصاد عصري يضاهي اقتصاديات البلدان المتقدمة، وهو أمر يمكن تحقيقه بالنظر للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والجيواستتراتيجية. وكشف كاتب الدولة بالمناسبة أن النسيج الصناعي خارج قطاع المحروقات لا يساهم في الناتج الوطني الخام أكثر من خمسة في المائة، وأن نسبة الادخار بلغت حاليا نسبة سبعين في المائة، مقابل 23 في المائة للاستثمار، بينما ما زالت البنية الاستثمارية ضعيفة في ميدان امتصاص رأس المال الموجه للاستثمار، والذي يصاحبه تزايد مقلق في النفقات العمومية في مجال الحماية الاجتماعية، ووجود مجانية في عدة قطاعات خدماتية، وارتباط شديد للدخل الوطني بالجباية البترولية، ما يعرض البلاد واقتصادها الوطني للصدمات الاقتصادية ذات الشدة والتأثير القوي وأحيانا الدراماتيكي. وأوضح مصيطفى أن الهدف من هذه اللقاءات هو الوصول إلى بناء اقتصاد متين يرتكز علي النظرة الاستشرافية البعيدة المدى، وعلى الإبداع وحقائق الساحة الاقتصادية والاجتماعية، مشيدا في السياق ذاته بالنتائج الباهرة التي تحققت في ظل المخططات الرباعية والخماسية التي انتهجتها الدولة منذ الاستقلال، إلا أن الوقت الراهن أصبح يتطلب نظرة أكثر شمولية وعصرنة بالنظر للتطورات المصاحبة للتنمية الاقتصادية، وتحدد الأهداف التي ينبغي الوصول إليها بالتدرج في السنوات القادمة، وكلها تكمل بعضها البعض، وتعد بناء مرحليا متماسكا يوصل الجزائر في النهاية إلى مصاف الدول ذات السيادة لاقتصادية والاجتماعية. وفي ما يخص الأهداف قريبة المدى، شدد كاتب الدولة على أن العمل في مجال التنمية الوطنية يرتكز من هنا إلى غاية 2014 على إنجاز 121 عملية ذكية تخص بالأساس تصميم مخطط وطني دقيق ومضبوط للتنمية، تحسبا للمستقبل وإعادة هيكلية نموذجية، مع الأخذ في الحسبان التأثيرات الشديدة لأسعار البترول على اقتصادنا وتحقيق التوازنات بين العوامل الاقتصادية الثلاثة، وهي الشغل والخدمات والمال.