أحيى شعراء في إطار البرنامج الأدبي الموازي لتظاهرة المسرح المحترف الوطنية في دورتها الثامنة، أمسية شعرية افتتح البرنامج الأدبي الذي احتضنته قاعة الحاج عمر، بالمسرح الوطني، طوال أيام الفعالية، رفعوها إلى روح الفقيدة الكاتبة يمينة مشاكرة، رافقها العازف والناياتي أمين الشيخ بمعزوفات موسيقية جميلة، أبدع هذا الأخير في استحضار روح صاحبة المغارة المتفجرة، حيث سار معها في نغمة شاوية تصدح من جبال الأوراس الأشم، عمّت أرجاء القاعة، من جهته أبدع سليم احمد بدوره في نصوص ”آيت منقلات” نقلها من الأمازيغية إلى العربية، استطاع خلالها أن يجعل عشاق الفنان القبائلي ايت منقلات يفهومن ما كان يرويه بلسان أمازيغي. وقد حمل توفيق ومان تجربته الجديدة في الشعر الشعبي، التي تتحدث عن الحب و الغزل من خلال استحضار محسان الحبيبة والتغزل بها مع لمسة القصيدة الشعبية الغزلية، في نفس الإطار، كما رفع مسعود طايبي تحية للوطن وأخرى في خمسينية الاستقلال لشهداء الوطن الأبرار. وسط دموع تعصر ألَمًا أمسية الشعر الفصيح ترفع لروح الفنان حبيب رضا نزل الشعر الفصيح مرة أخرى على ضيافة المسرح من خلال خشبة قاعة الحاج عمر التي استضافت مجموعة من شعراء الجزائر في فعاليات الدورة الثامنة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف التي تزامنت مع خبر ألم الأسرة الفنية التي فقدت الفنان حبيب رضا الذي غادرنا الأسبوع الماضي. عرفت الأمسية التي رفعت إلى روح الفقيد حبيب رضا وسط حزن شديد بدا على وجوه الشعراء الضيوف الذين أبوا إلا أن يحتفوا به على طريقتهم الخاصة بتنهيدات حزينة صدرت من حناجرهم الشجية، مزجوا فيها بين الحب والحسرة والدموع، بمرافقة موسيقية وقف عليها العازف عبد الرحمان بولحبيب، حيث افتتح اللقاء الشاعر العراقي عزيز خيون بقراءات شعرية وطنية بتغمة بلاد الرافدين التي بدأها ب” كاريكاتير عراقي”، ثم قدم نصر الدين باكرية قصيدته ” استارحة محارب”، ثم ” وصايا النبي المفلس”، كما قرأت لميس سعيدي قراءات من ديوان مشاكرة الموسوم ب”المغاراة المتفجرة” ودعت بها الراحلة يمينة مشاكرة، بطريقة أقرب إلى المحاكاة والمخاطرة و التقمص منها إلى الترجمة، أمّا بن شعلال فاطمة فقرأت نصوصا شعرية تتضح بالحزن والألم والمعاناة فاتحة عبرها نوافذ على عوالم المرأة رفعتها إلى الأمومة ”ن حيث تلت ” آخر الشهقات”،” الأمومة المغتالة” وأخرى. ثالث أمسية تتوج المبدعون في الشعر الجزائري وتتذكر أعمدة الجزائر حلقت روح مرة اخرى روح يامينة مشاكرة في فضاء قاعة الحاج عمر خلال الأمسية الثالثة للبرنامج الأدبي الخاص بمهرجان لمسرح المحترف في طبعته الثامنة التي أسدل الستار عليها أمس، على ركح محي الدين بشطارزي بالعاصمة، ضمت شعراء شباب رفعوا قصئدهم لابرز قامات الشعر والأدب والمسرح الجزائري على غرار كاتب ياسين، شريف قطربي، وعبد الكريم جدري، عز الدين مجوبي، ابن باديس، بوزيد حرز الله، فتقدمت في البداية الشاعرة عفاف فنوح لتقرأ مختارات من ديوانها ” هذا للحب وإنا إليه راجعون”، ”” قلب فايس” وأخرى، وقرأ عبد القادر مكاريا ”المرايا”، كما رفع الشاعر رشدي رضوان رفع قصيدته عزالدين مجوبي. فض للناي، وتلا أيضا قصيدة ”أودانيات”، في حين ذهب الشاعر نصر الدين حديد إلى الغزل وقرا نصوصا حوله، صفق لها الحاضرون مطولا. بينما اختتم اللقاء الشاعر بوزيد حرز الله بقراءة قصائد عن الوطن الذي سكن جوارحه. ”متاهات ” و”وصية المعتوه” يختتمان برنامج الرواية في ضيافة المسرح في أمسية رابعة تعد الأخيرة في الطبعة الثامنة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي اختتم أمس بالجزائر العاصمة، جنس إبداعي أخر دخل قاعة الحاج عمر، بالمسرح الوطني الجزائري، فبعد المسرح و الشعر حل الدور على ”الرواية” التي مثلها كل من الكاتبين ”أحميدة عياشي” و”إسماعيل يبرير”، بحضور مثقفين وعشاق الفن الرابع ومنشط الندوة الكاتب عبد الرزاق بوكبة، حيث تحدثا ضيفا ”المسرح” عن تجربتهم الروائية، فقال أحميدة عياشي صاحب النص الرواي الموسوم ب” متاهات”، الذي جسده على الركح بطريقة جميلة مزجت بين الواقع والجنون والغرابة، عن الشكل الكلاسيكي الذي كتبه به العمل، من خلال نسجه للوحة فنية غنية بالألوان، وكان العرض المسرحي لذي قدمه بداية بصرخة جنونية تعبر عن أشياء كثير مليئة بالحزن وألم جراح الماضي، كما أنّ انتقاله من صورة لأخرى في مشاهد متعددة قدمت في قالب درامي مشوق يستثير العاطفة والعقل معا، وسط إيقاعات موسيقية تصدر من آلة ”القمبري” التي عانقت أصواتها رائحة البخور العائمة في أرجاء المكان، صنع نوعا من التمازج والتناسق في العرض المقدم على الركح الذي استطاع لفت انتباه الجمهور وجعله يغوص في خبايا أحداث الرواية وشخوصها، ناهيك عن الحضور المميز لأحميدة عياشي على الخشبة وقعا خاصا، حيث تمكن من أن يعود بالحاضرين إلى زمن ماضي عميق. بينما إسماعيل يبرير وصف بداية في عالم الإبداع من خلال العلاقة التي تربطه بالكتابة الروائية قائلا” كانت بدايتي الإبداعية من الشعر والكتابة القصصية، لأعرّج بعدها إلى الكتابة الروائية”. منوها في السياق أنّ كتابات بعض الروائيين الجزائريين تستحق أن تكون أعمالا مسرحية نظرا لما تتمتع به من جمالية فنية.