لم يستطع أحد أن يشفر سر حب العاصميين لمشروب ”الشاربات” الذي أصبح معشوق الصائمين بلا منازع، خاصة في الأحياء الشعبية التي تتزين طاولات المحلات بها بهذا المشروب ذي النكهة الخاصة جدا. فالمداومة على شرب الشاربات كبديل عن المشروبات الغازية، في رمضان أمر ضروري بالنسبة للعديد من الأشخاص فالبعض يعتبره مهظم للأكل، خاصة أن الكثير منهم يلتهم الأكل بشراهة دون مراعاة الكمية الطبيعية التي تستطيع المعدة استيعابها، والآخرين ينظرون إلى الانتعاش الذي يحمله هذا العصير السحري بعد يوم شاق من الصيام. ”الشاربات” الحقيقي عبارة عن ليمون خالص جولة قادتنا الى حي بلوزداد لمعرفة مدى إقبال الصائمين على ”الشاربات”، حيث صادفنا محل قام بترتيب اكياس الشربات على طاولة عريضة، بعد أن حول نشاطه في رمضان بعد كان محل لبيع الخضر، إلا أنه فضل ممارسة هذا النشاط في رمضان نظرا لإقبال الناس عليه، حيث أكد لنا أنه اعتاد على بيع الشربات خلال طول السنة خاصة وان هذا المشروب يشهد إقبالا كبيرا وعن كيفية تحضيره يقول ”هي تركيبة بسيطة مكونة أساسا من نكهة الليمون وكمية قليلة من الليمون الطازج، خاصة أن سعره حاليا يشهد ارتفاعا كبيرا، بالإضافة إلى بودرة الحليب والسكر حمض السيتريك، ثم نقوم بمزجه ضمن آلة خاصة موجودة في المحل، لتباع فيما بعد في أكياس مغلقة. وعن مدى مطابقة هذا المشروب مع الشربات الحقيقي الذي امتهنه اصحابه في بوفاريك، يقول صاحب المحل:”لا يوجد اختلاف و لكن ما نستطيع ان نؤكده أن ”الشاربات” الحقيقي، والذي كان أصله في بوفاريك، يختلف تماما لأنه كان عبارة عن ليمون خالص دون إضافة أي مكونات أخرى، خاصة أن بوفاريك مشهورة بأشجار الليمون. وهنا يكمن سر النكهة لمشروب الشاربات واختلافها في العصر الحالي. كيفية التحضير اختلفت فجعلت منه عصيرا عاديا طريقة تحضيره تغيرت، وبعد أن كان يصنع في البيت وفق كيفية دقيقة تتمثل في الليمون وماء الزهر والقرفة. وكان البعض يضيف إلى كل ذلك بعض الحليب حتى يعطيه نكهة خاصة، لكن تلك الكيفية الأصلية تم التخلي عنها لأسباب تجارية بحتة، فالتاجر لا وقت لديه للعمل بتلك الطريقة التي تصلح لكمية صغيرة غير موجهة للاستهلاك الواسع. والشاربات التي تباع حاليا في الأسواق وبشهادة مسوقيها لا تختلف كثيرا عن العصائر الاصطناعية المعروفة. وعن الأسعار قال صاحب المحل إنه اعتاد على بيعه ب30 دج، وهو الذي داوم عليه في البيع أيضا في شهر رمضان خلافا ما يقوم به بعض المحلات التي تصل أسعارها إلى 40 دج بحجة ارتفاع سعر السكر والليمون والمكونات الأخرى، في حين لا يحتاج لتحضيرها إلا لمستخلص للعصير يشتريه من السوق كما تشترى مستخلصات العصائر الأخرى، ولا يضيف إليها سوى شرائح الليمون لتتحول الشربات من صيغتها الطبيعية الأولى إلى صيغتها الاصطناعية الحالية، ومع ذلك حافظت على نسبة مبيعات عالية جدا في رمضان على وجه الخصوص. ويضيف صاحب المحل:”هناك فرق للمراقبة تقوم بدورية تفتيش على المشروب في كل مرة لمعرفة المعايير الصحية التي يحتويها، والحمد لله لم يتم تسجيل أي مخالفات”. من جهة قال أحد الزبائن الذين قابلنهم بالمحل:”الشاربات قد يكون بديلا للمشروبات الغازية التي أنهكت معدتنا وجهازنا الهضمي، إضافة إلى أن سعرها في متناول الجميع”. أما السيدة غنية، والتي اعتادت أن تفطر على كوب شاربات مثلج، فقالت أنه أحسن من بعض المشروبات التي تباع في الأسواق والتي لا تحتوي على أية نكهة. المشروبات المصنعة تسبب سرطان المخ والقولون والأمعاء الآراء اختلفت، لكن يبقى رأي الأطباء هو الصائب في كل مرة، حيث أكد الدكتور موسى قوادري، طبيب عام، أن الخطر في المشروبات والأغذية عامة هو استخدام الملونات الصناعية والنكهات والمواد الحافظة التي تضاف إلى الأطعمة، لتأثيراتها القوية على الصحة جراء الأمراض التي تسببها كأمراض الحساسية سواء الجلدية أو التنفسية وخصوصاً لدى الأطفال، إضافة إلى الالتهابات الحادة والمزمنة في المعدة والإصابة بسرطان المخ والقولون والأمعاء.. مؤكدا أن هناك تأثيراً مباشراً لتناول المواد الغذائية التي تحتوي على مواد حافظة للأطفال، وأن هذا التأثير يأتي من الصبغات والألوان التي يحتويها الغذاء، وهي تسبب مشاكل سلوكية عند الأطفال وربما تصل إلى مرض سرطاني. ولم يستبعد تناول مشروب شاربات بوفاريك، لأنه من المفروض أن يكون مراقبا من طرف مختصين في المجال منها مثلا معهد باستور لمراعاة المقاييس العلمية والصحية لصحة هذا المشروب.