الزمان: 11 صباحا من أول يوم من رمضان.. المكان: شارع بوفرة بمدينة بوفاريك. زحمة السيارات في أوجها.. والجميع يبحث عن مكان لركن سيارته من أجل الظفر بلتر من شربات المدينة، سواء من بائعي التجزئة أو المواطنين. لم تعد شربات بوفاريك وحدها تعتلي عرش العصائر والمشروبات الرمضانية، بل تزاحمها شربات من نوع جديد، أدخل عليه مبتكروها ''تحسينات'' جعلتها ترتقي إلى مستوى أعلى من النوع التقليدي.. ألا وهو كوكتيل ال''مشاكس''. هو عبارة عن مزيج من الفواكه، أضفى على مائدة الإفطار لهذه السنة نكهة مميزة. أول ما لفت انتباهنا ونحن نقوم بجولة في بوفاريك، ذلك الإقبال الكبير على محل سمير قدور لبيع الشربات، إلى درجة أنه لم يستطع تلبية الطلبات. أما العمال الذين لم يسلموا من لسعات النحل، فيرتدون أقمصة برتقالية أضفت حلة جميلة على المحل، ما يميزه عن باقي المحلات، في حين تملأ الطاولات أكياس للشربات تزينها قطع من الليمون. أخذنا بعضا من وقت سمير الذي كان منهمكا في توزيع الطلبات على بائعي التجزئة، وامتصاص غضب البعض منهم بسبب طول انتظارهم. يقول محدثنا: ''أحرص على تنويع شربات بوفاريك هذه السنة، ولم تقتصر على عصير الليمون، بل شملت كوكتيلات من الفواكه، على غرار الموز، الأناناس، والفراولة والتوت، لتحمل بذلك تسمية شربات مشاكس هذه السنة عوض شربات بوفاريك''. ويضيف أنه يبدأ إعداد الكوكتيل في الرابعة صباحا، ولا يمكن تلبية كل طلبات الزبائن الذين يقصدونه من كل مكان، وهو حال بائع ثار غاضبا بسبب تأخر تزيدوه بالطلبية، كونه بصدد التنقل إلى مدينة بومرداس. وعن سر شربات بوفاريك، يقول سمير: ''تعلمت إعدادها من المدعو إبليس الذي ذاع صيته في مجال صناعة الشربات هنا''. نفس الأجواء تقريبا عرفها محل أسامة العرفي، المجاور للمؤسسة العقابية لبوفاريك، حيث اختلطت رائحة الزلابية مع الليمون، والطاولات المصطفة على حافة الرصيف بالقرب من المحل مليئة بأكياس الشربات وصينيات الزلابية. تعلم أسامة إعداد الشربات من والده قبل 10 سنوات. ورغم أنه يزاول تربصا في مهنة الفندقة، إلا أن ذلك لم يمنعه من بيع الشربات التي ارتفع سعرها هذا العام من 25 إلى 30 دينارا، مرجعا سبب الارتفاع إلى غلاء سعر مادة السكر. ويبقى التكتم عن سر إعداد الشربات القاسم المشترك بين جميع البائعين هنا في بوفاريك. وفي هذا الصدد، يقول رشيد موساوي الذي يقوم بمهمة إعدادها بأحد المحلات، في حين يتولى شباب في مقتبل العمر عملية البيع: ''تعلمت (الصنعة) من والدتي التي كانت تعد حوالي 10 لترات من الشربات لإهدائها للجيران''.