رغم تحذيرات وزارة التجارة المتكررة بقيت العاصمة أيام بعد العيد مدينة مغلقة في وجه الخدمات، فلا نقل ولا خبز ولا محلات، ما يجدد الموعد مع معاناة المواطن غداة كل عيد، والذي يجد نفسه رهين وعود الوزارة التي فشلت حتى الآن في تطبيق القانون، والناقلون والتجار لم يتمكنوا حتى الآن من الامتثال لسلوك المواطنة وضمان الخدمة العمومية. وخلاف المدن والعواصم العربية والإسلامية، حيث يتحول العيد إلى مناسبة اجتماعية تستيقظ على إثرها المدن و تنشط التجارة وتفتح المحلات ودور السينما والمنتزهات تتحول العاصمة الجزائرية إلى مدينة أشباح لا نقل لا بيع لا خدمات كل شيء مغلق وكأننا على أهبة حرب أو إعلان حضر التجوال، فبمجرد ما ينقضي شهر رمضان تنسى العاصمة هدنتها المؤقتة مع الحياة الليلة وتعود مجددا إلى سباتها الشتوي وإعلان حالة الطوارئ، حيث تغيب أدنى الخدمات التي تسمح للمواطن بقضاء مصالحه يوم العيد، مثل المحلات التجارية والنقل فكل من لا يملك سيارة أو وسيلة نقل، خاصة يحد نفسه مضطرا للغلق على نفسه في بيته إلى حين. يبرر المتتبعون حالة التصحر التي تعيشها العاصمة غداة كل مناسبة وطنية أو اجتماعية أو دينية، إلى تكديس كل الوظائف والإدارات في العاصمة، ماعطل مصالح الناس فأغلب موظفي الإدارات العمومية مثل البنوك ومراكز البريد والوزارات والإدارات الكبرى يقطنون خارج العاصمة ويغادرونها لقضاء إجازة العيد رفقة الأهل والأقارب لهذا تبقى العاصمة مدينة خاوية على عروشها. ”الكلوندستان” يفرضون منطقهم وتكديس المواد الغذائية لمواجهة غلق المحلات أكبر معاناة يواجهها الجزائريون يومي العيد هي غياب النقل، حيث يجد الراغبون في زيارة الأهل والأقارب والتنقل بين أحياء العاصمة مجبرين على تأجيل ذلك إلى وقت لاحق أو الاعتماد على الوسائل الخاصة، ما يدفع الكثير من أصحاب سيارات النقل إلى استغلال الفرصة للربح السريع في هذه المناسبة واستغلال الناس لإجبارهم على الامتثال لمنطق السائقين وأصحاب السيارات، حيث يفرض في هذا اليوم أصحاب ”الكلوندستان” منطقهم في ظل نقص العرض وازدياد الطلب، حيث تتضاعف أسعار التوصيلات وقد تصل إلى مبالغ خيالية يدفعها المواطن المسكين المجبر على قضاء عطلة العيد رفقة الأهل، خاصة أن الجزائريين يعتبرون قضاء مناسبة العيد رفقة الأهل واجبا مقدسا لا يمكن الاستغناء عنه.في سياق مماثل يجد المواطن يومي العيد نفسه مجبرا لقطع مسافات بعيدة من أجل البحث عن الأساسيات من المواد الغذائية، مثل الخبز والحليب وحتى الماء، مثلما حدث العام الماضي. وقد تستمر الأزمة لأيام نظرا لكون أغلب أصحاب المخابز في العاصمة وبعض المحلات من خارج العاصمة هذه الظاهرة المتكررة تدفع دائما سكان العاصمة إلى أخذ الاحتياطات اللازمة وتكديس المواد الغذائية في البيوت والمنازل، وكأنهم في حرب أو طوارئ، خاصة أن النداءات التي توجهها وزارة التجارة لأصحاب المحلات بإبقاء المحلات مفتوحة يومي العيد تذهب دائما أدراج الرياح ولا تخرج دائما من مكاتب أدراج الوزارة التي تعلنها. إجراءات صارمة تنتظر المخالفين لقانون فتح المحلات يومي العيد قال صالح صويلح، الأمين العام لاتحاد التجار، إن القانون الذي سنته وزارة التجارة مؤخرا وصادق عليه البرلمان، والذي يجبر أصحاب المحلات على إبقاء محلاتهم مفتوحة يومي العيد وفق جدول مداومة مضبوط يسمح للوزارة باتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين للقوانين، قد تصل العقوبة إلى غلق المحلات أو فرض غرامات مالية إجبارية على أصحاب المحلات المخالفين للقانون. ويؤكد الأمين العام لاتحاد التجار أنه قبل سن القانون الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه، كان اتحاد التجار وغيره من جمعيات حماية المستهلك تقوم بعمليات تحسيسية إلى جانب وزارة التجارة من أجل دفع التجار والناقلين إلى ضمان الخدمة العمومية للمواطنين يومي العيد، لكن دون أن يكون لتلك العملية أي أثر في الميدان، لكن من شأن القانون الأخير أن يؤتي ثماره في الميدان نظرا لتوفره على الطابع الإلزامي. وقد بدأت وزارة التجارة - يقول المتحدث - في إعداد قوائم التجار المداومين، وكان من المقرر أن يتم خلال أيام العيد الثلاث تنظيم حملات تفتيش ومراقبة لتطبيق القانون ومعاقبة المخالفين. ومن شأن هذه الإجراءات ضمان حق المواطن في الخدمة العمومية.