تمكنت الإدارة الفرنسية من تجنيب مركب أرسيلور ميتال إضرابا عماليا شاملا مفتوحا، كان سيكون ضربة قاضية لهذا الأخير، بعد أن أقنعت النقابة بضرورة قبول اقتراح زيادة 16 بالمائة في الأجور، مقسمة على 3 سنوات مقابل إعادة إدماج 11 عاملا مطرودا في مناصب عملهم السابقة. جاء العدول عن شن إضراب شامل عن العمل كانت قد توعدت به النقابة حتى بعد اقتراح الإدارة الفرنسية زيادة نسبة 16 بالمائة إلى غاية 2015، عقب عرض الوضعية المالية المتدهورة للمركب من جهة، واستخدام ملف العقد الاجتماعي وورقة 11 عاملا كان قد تم طردهم من مناصب عملهم السنة قبل الفارطة، ما اعتبرته النقابة فرصة أخيرة من أجل الحصول على مكتسبات قد لا يمكن تحصيلها، في حال شن الإضراب الذي كان سيقود، حسب ما أكده مدير التنظيم والعلاقات الخارجية للمركب إلى الغلق التام لأبواب هذا الأخير، على اعتبار أن إطفاء الفرن العالي يعني في جميع الأحوال استحالة إعادة تشغيله مرة أخرى. من جانب آخر، يشكل توقيع الإدارة الفرنسية على عقد استقرار اجتماعي في المركب يتضمن بنودا متعلقة باحترام قانون العمل الجزائري، والتعهد بإشراك العمال ممثلة في النقابة بجميع مراحل الحوار الاجتماعي، ناهيك عن إعطاء الأولوية للشركات المناولة الجزائرية دون تلك الأجنبية وفقا لقانون الصفقات الجزائري، مع العمل على بذل كامل الجهود التي تصب في مصلحة مركب الحجار من حيث الجانب التقني وتجديد وسائل العمل، تعهدا بعدم الخوض نهائيا في مسألة مخطط تسريح 1400 عامل ضمن مخطط أوميغا، وبالتالي الحفاظ على هذا الصرح الاقتصادي الذي يمر بمرحلة صعبة كانت الإدارة الفرنسية قد كشفت معالمها المتمثلة في تحمل خزينة أرسيلور ميتال لديون بالملايير يوازيها انخفاض مخيف في الإنتاج يتم بالتدريج لأسباب تسويقية وأخرى تعود لعدم استتباب الاستقرار في هذا الأخير، غير أن النقابة وخلال حملتها الأخيرة كانت قد أكدت أن هذه الأسباب مجرد ادعاءات بدليل تخصيص ميزانية مهولة لصرف رواتب العمال الأجانب التي تشكل أضعاف ما يتقاضاه العامل الجزائري، كما أن السوق الجزائرية هي سوق منتعشة لم يتم إلى غاية الآن تلبية 25 بالمائة مما تطلبه من مادة الحديد بالنظر للوتيرة التنموية خصوصا في مجال الإسكان التي تعرفها الجزائر. أمام هذه الحقائق، وتمسك الشريك الهندي ومن ورائه الإدارة الفرنسية باستحالة الاستجابة لزيادة ال24 بالمائة مقابل عرض مزايا أخرى، اختارت نقابة الحجار المنصبة منذ 3 أشهر الموافقة على عرض الإدارة الفرنسية وتجنب الدخول في إضراب شامل عن العمل، خصوصا في ظل الصمت المقلق الذي تمارسه الحكومة الجزائرية، بخصوص استرجاع أسهمها في أرسيلور ميتال، وهو ما ذكرت به الإدارة الفرنسية الشريك الاجتماعي في ملفات المفاوضات التي انتهت على غير العادة لصالحها.