رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الفرنسي بمناسبة عيد الفطر المبارك    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الإماراتي بمناسبة عيد الفطر المبارك    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: تسجيل قرابة 13 ألف مشروع استثماري إلى غاية مارس الجاري    الجلفة..زيارات تضامنية للمرضى والطفولة المسعفة لمقاسمتهم أجواء عيد الفطر    عيد الفطر بمركز مكافحة السرطان بوهران : جمعيات تصنع لحظات من الفرح للأطفال المرضى    معسكر: وزيرة التضامن الوطني تشارك أطفالا و مسنين فرحة العيد    عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة خلال اليوم الاول    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الإيراني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    رئيس الجمهورية ونظيره التونسي يتبادلان تهاني عيد الفطر المبارك    فرنسا: إدانة مارين لوبان وثمانية نواب في البرلمان الأوروبي من حزب التجمع الوطني باختلاس أموال عامة أوروبية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50357 شهيدا و 114400 جريحا    برلمانات دول حوض المتوسط تعقد إجتماعا لمناقشة الأوضاع في فلسطين    رئيس الجمهورية يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الجزائر    رئيسة الهلال الأحمر الجزائري تتقاسم فرحة عيد الفطر مع أطفال مرضى السرطان بمستشفى "مصطفى باشا" بالعاصمة    الجزائريون يحتفلون بعيد الفطر المبارك في أجواء من التغافر والتراحم    "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر", إصدار جديد لياسمينة سلام    مظاهر الفرحة و التآخي تميز أجواء الاحتفال بعيد الفطر بمدن ولايات شرق البلاد    عيد الفطر: رئيس الجمهورية ينهئ أفراد الجيش الوطني الشعبي والاسلاك النظامية وعمال الصحة    مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة .. منارة إيمانية و علمية تزداد إشعاعا في ليالي رمضان    الفلسطينيون يتشبّثون بأرضهم    الشباب يتأهّل    الجزائر حريصة على إقامة علاقات متينة مع بلدان إفريقيا    الدرك يُسطّر مخططا أمنياً وقائياً    طوارئ بالموانئ لاستقبال مليون أضحية    الجزائر توقّع اتفاقيات بقيمة مليار دولار    فيغولي.. وداعاً    66 عاماً على استشهاد العقيدين    تجارة: تحديد شروط سير المداومات والعطل والتوقف التقني للصيانة واستئناف النشاط بعد الأعياد الرسمية    تندوف : إطلاق أشغال إنجاز أكبر محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بغارا جبيلات    موبيليس تتوج الفائزين في الطبعة ال 14 للمسابقة الوطنية الكبرى لحفظ القرآن    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة    القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    الجزائر تستحضر ذكرى العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التاريخية    صايفي: كنت قريبا من الانتقال إلى نيوكاستل سنة 2004    مدرب هيرتا برلين ينفي معاناة مازة من الإرهاق    المخزن واليمين المتطرّف الفرنسي.. تحالف الشيطان    تحويل صندوق التعاون الفلاحي ل"شباك موحّد" هدفنا    ارتفاع قيمة عمورة بعد تألقه مع فولفسبورغ و"الخضر"    فنون وثقافة تطلق ماراتون التصوير الفوتوغرافي    أنشطة تنموية ودينية في ختام الشهر الفضيل    بين البحث عن المشاهدات وتهميش النقد الفني المتخصّص    تقييم مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    اجتماع تنسيقي حول بطولة المدارس الإفريقية لكرة القدم    مولودية الجزائر : بن يحيى يجهز خطة الإطاحة بأورلاندو بيراتس    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    عمورة ثاني أفضل هدّاف بعد صلاح    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التربيع والاستنزال.. طقوس للتنقيب عن الكنوز بتسمسيلت
"الفجر" تنفرد بتفاصيل جلب الكنوز من قبل المشعوذين
نشر في الفجر يوم 11 - 09 - 2013

”حارس الكنز”، ”المطلب”، ”التربيع” و”الاستنزال”.. مصطلحات لا يفهمها إلا الخبراء من السحرة والمشعوذين في جلب والتنقيب عن الكنوز، كنوز تعود إلى حقب زمنية مختلفة الحضارات الرومانية منها والفينيقية، دفنت منذ أزمنة غابرة بقرى ومداشر أعالي الونشريس بتسمسيلت. الشجع والطمع في الظفر بسيف ذهبي مرصع بالزمرد أو سينية من عصر الرومان منقوشة ومزينة بالياقوت، صندوق مزخرف وملون بأحجار كريمة لا ترى إلا في الأحلام، كنوز أرق البحث عنها أناس كثيرون، والمشعوذون استهوتهم لعبة الضحك على ذقون المغفلين ممن هانت عليهم أموالهم ليصرفوها في شراء عقاقير، وقربان لإرضاء الجن الذي يطبق على الكنز ويفرض سلطانه عليه، إن كان موجودا فعلا.
الحكايات يعتقد الكثيرون أنها خيالية إلا أن الواقع يؤكد غير ذلك. فالمشعوذون أو ”الطُلبَا” بمصطلح أهل الغرب الجزائري يستعينون بخرائط تعرف ب”المطلب” وكتبا مغربية الأصل تحوي تعاويذ تستعمل في استحضار الجن لتحديد مكان الكنوز المخبأة، كتب على غرار ”أسرار المعارف الكبرى”، و”تاج الملوك” لمؤلفه الشيخ محمد بلكبير المغربي التلمساني.
فضولنا لاكتشاف ذاك العالم المليء بالتناقضات قادنا في جولة الاستطلاعية عبر ربوع الولاية تسمسيلت، بدأناها من قرية سيدي عبد القادر ببلدية ثنية الحد شرق العاصمة، وبالتحديد المقبرة المنسية. كان المكان يومها موحشا ومعزولا عن الأنظار، مكان عاث الإرهاب فيه فساد في سنوات الجمر والدم، ما أدى إلى عزوف العديد من السكان الرجوع إليه، إلا أن العديد من الطامعين في الثراء لم يجدوا مانعا في الزحف اتجاهه من أجل استنزاف ثرواته الباطنية في مقابل التلاعب بحياتهم للظفر بقطعة ذهبية تنسيهم الفقر والعوز.
روايات عدة تداولتها ألسنة سكان القرية حول أشخاص قضوا نحبهم أثناء عمليات التنقيب عن الكنوز، حيث أكد العديد ممن التقيناهم تعرض أحد المنقبين لإعاقة لأنه لم يحسن التعامل مع هذا ”الحارس” أو الجن الذي يدافع بشراسة عن أملاكه، أو ما اصطلح عليه الشارع التسمسيلتي ب”القُلل”، والتي لا مجال للإنسي أن يقاسمه إياها. الغريب في قرية المنسية، يقول أحد الشيوخ، إن الوافدين إليها إطارات في الدولة من محامين وموثقين وكذا أساتذة في الشريعة الإسلامية، وهناك منهم ممن تخرجوا من زوايا ومدارس قرآنية. تسألنا حينها عن سبب تواطئ أناس مثقفين من رعاة القانون مع تلك الشرذمة من المشعوذين، فكانت الإجابة شفاء لقلوبنا، بعدما علمنا أن بعض المحامين يعملون على جلب الزبائن من ممولين لمشروع التنقيب في غطاء قانوني محض لا يمكن لشريك حينها أن يتراجع عن شراكته إلا بالخسارة، كأن يساهم مثلا بالسيارة أو يرهن بيته شريطة أخذ نصف الثروة المتحصل عليها من التنقيب.. وهكذا إلى أن يتم جلب عدد كبير من السفهاء.
ومن جهة أخرى كشف أحد المطلعين على مشاهد التنقيب أن قدامى المماليك كانوا يخزنون كنوزهم حفاظا عليها من الضياع بالكهوف وأعالي الجبال تحسبا لأي انجراف للتربة أو فيضانات، إلا أن البعض الآخر كانوا يكدسون أموالهم ومجوهراتهم في خزائن وأقبية يشيدونها تحت الأرض يصعب الوصول إليها، ما جعل الجن يستحوذ عليها. وأضاف محدثنا أن تسمسيلت بحكم موقعها وتضاريسها جعلتها من أهم المواقع الأثرية التي يحج إليها الطامعون في الثراء لنهبها في الخفاء.
من أهم تلك المواقع غار الضبع المتواجد ببلدية تملاحت، ومقبرة صنابرة ببلدية العماري وعين الذيب ببلدية لرجام. تركنا سيدي عبد القادر واتجهنا إلى إحدى البيوت العتيقة ببلدية ثنية الحد، أين كانت معبد لليهود لعقد اجتماعات وكذا لإقامة الصلاة، حسبما جاء على ألسنة المواطنين، دخلنا البناية التي غيرت العولمة كل معالم الأصالة فيها وطمست معها ذكريات ولدت بين جدران البيت، أو كما يشاع عند تيسمسيلتين ”الحوش”. تفاجأنا بالقصص التي رويت لنا عن قيام أصحاب البيت من اليهود بحفر خنادق تحت الأرض لدفن خرائط تعود لحقب تاريخية تتحدث عن أصل المنطقة وعن حياة الناس في تلك العصور، وكذا كنوز على شاكلة جرة مملوءة بالذهب و”الويز”، مع استعمال تعاويذ وطلاسم لإبقاء الكنز في مؤمن بعيد عن متناول الناس. تعاويذ قالت إحدى السيدات إنها منعت بناتها من الزواج والدراسة، كون اليهود لم يستوعبوا الخروج من أراضي الجزائر دون ترك وراءهم الخراب والنحس لمن يسكن بيوتهم المخيفة..
خط اليد والعيون الزهرية فأل لإرضاء الحارس
من المشعوذين من يستعين بالأشخاص لهم ميزة و علامات معينة في أجسادهم لحضورعملية التنقيب. فحسب تصريحات بعض ممن عايشوا هؤلاء السحرة وممن احٌتيل عليهم بعدما نهبت أموالهم دون أن يكون لهم الحق في استرجاعها، أن الجن الذي يستعين به الساحر يتخذ من الشخص ذي العينين الزهريتين كفأل من أجل تسهيل تقصي المعلومات وحتي فيما يخص التنقيب عن الكنوز. فبمجرد وقوف الشخص المذكور آنفا على حافة حفرة التنقيب فقط دون أن يكلفونه عناء الحفر، ويعتبر هذا من بين الطقوس المتعارف عليها عند معشر السحرة الجالبة للرزق والخير الوفير. كما أن من السحرة من يلجأ إلى وسائل أخرى، كأن يزهق روح شخص لديه علامات في يده اليمنى خط طويل يقطع كف اليد، علامات يحتاجها السحرة لتسهيل مهمتهم القذرة، وهو ما يشير إلى أن ظاهرة التنقيب على ”القلل” أخذ بعدا خطيرا، ما يرجح ظهور عمليات الاختطاف التي تحدث في بعض مناطق الوطن.
لبان الذكر ولمُسن.. عقاقير للكشف عن صفات الكنوز
يعتبر الاستنزال من أهم الطقوس المتبعة في التنقيب عن الكنوز من قبل السحرة، فهو بمثابة الخطوة الأولى لمعرفة مواصفات الكنز ونوعه ”لويزة بو زوج، بو عشرة”، كميته، وزنه وحتى عدد الحراس من الجن المطبقين عليه، فهناك من الحراس ما يتصف بالضعف ومنهم من يتصف بالقوة المسمى بالعفريت. هنا لابد من معرفة نوع البخور وطريقة استخدامه، وكذا نوع القربان ”الذبيحة” المستعملة في طرد الجن من مكان الكنز ليتمكن المنقبين من سرقته، فقد تكون الذبائح خرفانا أو جديانا، أي حسب ما يشتهيه الحراس لمبارحة الكنز للحظات فقط ريثما ينجز الساحر مهامه على أكمل وجه!.
فالبخور أو العقاقير المستعملة في طرده تكلف الطامعين في الثراء ملايين قد تصل إلى 180 مليون سنتم، لاسيما أن حبة لبان الذكر الواحدة التي تشبه حبة الفول السوداني تكلف 2 ملايين سنتيم، ما يستلزم على الساحر استعمال 10 أو 20 حبة، أي ما يعادل 40 مليون سنتيم، ناهيك عن استعمال عقاقير أخرى، كالجاوي ولمسن و الزئبق الأحمر المشع المحظور المستورد من بلاد المغرب أو من دولة كوريا.. وهذا فقط للبدء في مرحل الثانية من التنقيب وهو التربيع.
كما أن للاستنزال ميزة أخرى تكمن في معرفة أوقات الحفر باليوم والساعة، ولا يخلو الاستنزال من استعمال ”المطلب” أي كتب يستعان بها لإلقاء التمائم والتعاويذ. فحسب أحد المطلعين على فحوى بعض منها، فقد أفردت عدة أبواب من كتاب ”أسرار المعارف الكبرى” تطرق إلى تقنيات الدقيقة في البحث عن الكنوز عن طريق اتخاذ غروب الشمس لاستحضار الجن واستعمال اليابسة وفوقها العظام وإيقاد النار. كما يشير كذلك المؤلف إلى أقاليم في بلاد الروم والمغرب، ويخصها بأنواع من المعادن الموجودة على أرضها دون سواها، مادة كيميائية محظورة وهي الزئبق المشع ذي اللون الأحمر يستخدم في التنقيب عن الكنوز، حيث أصبح صعب المنال من قبل السحرة، هؤلاء الذين يدفعون أموالا باهظة من أجل الحصول عليه، إذ يستخدمونه في استحضار الجن و”تركيعه” لينفذ مطالبهم.
فاللبان الذكر واللمسن من أهم المواد المستخدمة في عملية الاستنزال، أي استدعاء الجن لمعرفة تفاصيل ومعطيات عن الكنز المدفون وحراسه، والجني المستدعى من قبل المشعوذ يكون بمثابة جاسوس فقط يسترق السمع ويجلب أخبارا وينفذ مطالبه.
التربيع لمعرفة تمركز الكنز
أضحت حبات القمح والحمص من أهم المواد المستعملة في التنقيب عن الكنوز، فهي - حسب العارفين - تستخدم لمعرفة الموقع الحقيقي للكنز المراد جلبه، حيث يستعمل في أوقات غروب الشمس، فهو الوقت المناسب حسبهم الذي تنقطع فيه الحركة و يسدل الليل ستار الظلمة والسكون، فالساحر يستعمل الحمص أفضل من استعماله للقمح كون هذا الأخير يستغرق يوما كاملا لتحديد تمركز الكنز خلافا للحمص الذي لايستغرق إلا نصف ساعة. فالمشعوذ يقوم بإلقاء تعاويذه على حبات الحمص، والتي تبدأ تلقائيا بالتجمع واحدة تلو الأخرى على شكل هرم دليل على وجود الكنز بتلك البقعة ليبدء الحفر وجلب أموال، وإن لم تشكل هرما فيكون بذلك الساحر قد أخطأ في تكهناته أو أن حارس الكنز ”الجن” حول مكان أملاكه الى وجهة غير معلومة لدى إحساسه بخطر يحوم بها.
سفهاء الثراء.. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
هناك العديد من الأشخاص ممن قابلناهم، سردوا علينا قصصا لأناس قضوا نحبهم في مغامرة جلب الكنوز. أشخاص لم يكونوا يحوزون درهما ولا دينارا، بين عشية وضحاها طلّقوا للأبد حياة البؤس والشقاء ودخلوا عالم الثراء من بابه الواسع، ففتحوا محلات لبيع المجوهرات وشيّدوا فيلات فاخرة، ناهيك عن السيارات الفخمة. أحدهم صرح ل”الفجر” أن شخصا رهن بيته مقابل صندوق مملوء بالمجوهرات يتواجد بقبو أحد البيوت ببلدية ثنية الحد، بيت يعود لإحدى العائلات اليهودية كانت تمارس طقوس الشعوذة لتخبئ أموالها، لكنه للأسف، يضيف المتحدث، أن الرجل جن بعد أشهر من التنقيب.
وذكرت إحدى النسوة ممن التقتهم ”الفجر” صدفة قصة أحد الشباب في إحدى القرى ببلدية سيدي العنتري، والذي انتقل من حياة الفقر إلى الغنى، فأبوه الذي كان يزاول نشاط الفلاحة تفاجأ بوجود ”قلة” مليئة بالذهب، إلا أن فرحته لم تكتمل لينقلب عليه حارس الكنز ليدخله في غيبوبة إلى أن وافته المنية، بعدما عجز الأطباء عن شفائه.. لينعم بعده الأولاد بالكنز.
كثيرة هي القصص التي كان لعديمي الضمير الحق في رسم نهايتها المأساوية، هؤلاء الذين قفزوا على كل التعاليم الشرعية وباتوا يُشركون أشخاصا ليسوا على دراية بخبايا هذا العالم الخفي لإنهاء حياتهم، خصوصا أن بعض المشعوذين يلجؤون إلى طريقة ”الضغط” على الجني من أجل حمله عنوة على تبيان مكان الكنوز، ما يؤدي به إلى التحايل والكذب، وهو ما ألحق المضار الصحية.. من الإصابة بالشلل النصفي إلى فقدان البصر والذاكرة للكثيرين.
دوريات مراقبة ولكن؟
رغم جهود قوات الدرك الوطني بولاية تيسمسيلت و عبر دوريات المراقبة في جميع ربوع الولاية، إلا أن المنقبين لا يتوانون من خوض معارك لظفر بقطعة أثرية يطلَق بها الفقر.
ففي وقت سابق استطاعت فرقة الدرك بتسمسيلت، من إحباط عدة محاولات لسرقة الكنوز و الآثار التي تعتبر من جزء متجذرا من أصالة المنطقة. فدوريات المراقبة تمكنت من إلقاء القبض على مشعوذين حاولوا الاعتداء على حرمة الأموات عن طريق نبش القبور بحثا عن الكنوز.. حيث تمكنت قوات الدرك الوطني من وضع حد لنشاط جماعتين كانتا تقومان بنبش القبور، فقد كانت أول عملية فيفري 2007 بعين الذيب بمقبرة باب البكوش، التي تبعد حوالى 20 كلم عن لرجام، حيث تم توقيف 6 أشخاص ضبطوا متلبسين وبحوزتهم معدات حفر تتمثل في فؤوس ورفشات. أما العملية الثانية فقد تمت في مارس 2007 خلصت إلى توقيف 7 أشخاص بمنطقة ”الصنابرة” كانوا على متن سيارة يقودهم أحد المشعوذين الذي كان إماما سابقا. وقد تم تقديمهم إلى العدالة بتهمة تكوين جمعية أشرار وانتهاك حرمة الأموات. وبتاريخ 24/ 06 /2013 وفي حدود الساعة الثامنة والنصف (20:30سا) ليلا، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بأمن دائرة برج بونعامة شمال الولاية، من توقيف ثلاثة أشخاص عن تهمة التنقيب غير الشرعي للثروات الباطنية (معدن أصفر) باستعمال الشعوذة من بينهم إمام مسجد. وتعود حيثيات القضية عندما تلقت عناصر الشرطة القضائية معلومات عن مجموعة من الأشخاص، يقومون بالتنقيب غير الشرعي عن الثروات الباطنية باستعمال الشعوذة بأحد الوديان بالمخرج الجنوبي لمدينة برج بونعامة، ليتم ضبطهم متلبسين بالحفر مستعملين فأسا ومجرفة وبجانب الحفرة وعاء من الماء وكيسا من الملح مستعملا في استحضار الجن. فيما فر صاحب السيارة إلى وجهة مجهولة ولايزال محل متابعة إلى حد الساعة. كثيرة هي العمليات التي لم يتم الكشف عنها جراء خوف المواطنين من إبلاغ السلطات مخافة أن تكون الجمعية الأشرار جماعات إرهابية فقط. لذلك يعزف العديد من سكان تلك المناطق المعزولة من البوح بما يعرفونه خوفا على أبنائهم، خاصة أنهم يقطنون في دواوير لم تهب عليها رياح التنمية. ويبقى اللهث وراء الكنوز ظاهرة تفتك بالاقتصاد البلاد وتستبيح أموال البسطاء من السفهاء الذين أعماهم الطمع ليقعوا في قبضة سحرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.