أدت التضاريس المناخية القاسية المميزة للمنطقة بعدد كبير من سكان القرى النائية للنزوح منها وهجرتها، جراء نقص المرافق التنموية وضعف التكفل الصحي بمواطنيها العزل نتيجة التهميش الفظيع الذي يتخبطون فيه، فالقرى النائية بوادي سوف حالها كحال الكثير من التجمعات السكانية المتناثرة في عمق الصحراء الشرقية من جنوبنا الكبير. فسكانها يقاومون التضاريس الصعبة ويعيش جلهم حياة بدائية تكشف للزائر حجم المعاناة التي يتجرعونها طوال السنين الماضية. تعتبر قرية البعاج النائية، في الجهة الشمالية الغربية من ولاية الوادي، شاهدا حيا على المعاناة التي يتخبط فيها السكان البدو الرحل في الصحراء، حيث يعيش قرابة 2000 ساكن بقرية البعاج التابعة لبلدية أم الطيور في منطقة وادي ريغ واقعا صحيا مريضا، نظرا لغياب أبسط معالم القطاع الصحي نتيجة الضعف الفادح في التغطية الصحية لهذه القرية النائية. ويقف الواقع المزري المرير لقطاع الصحة بقرية بالعاج حاجزا أمام تثبيت الأهالي، حيث صار هؤلاء يفكرون في الهجرة الجماعية إلى مناطق أخرى تكون فيها التغطية الصحية بنسب أكبر لأن قريتهم تعاني ضعفا في التغطية. وذكر بعض سكانها بكل مرارة ل”الفجر”، أن مختلف الأمراض صارت تتربص بهم يوميا بسبب نقص التجهيز في الجانب الطبي وضعف التغطية الصحية بالقرية، خصوصا أن قريتهم تعرف انتشارا كبيرا للحشرات السامة من العقارب والأفاعي على مدار السنة، حيث تشكل خطرا حقيقيا على حياتهم، وهناك العديد ممن أصيبوا باللسع العقربي مؤخرا مع ارتفاع درجات الحرارة، وكانت حالتهم في خطر تحت رحمة الموت مع تسجيل حالات وفاة في مثل هذه الظروف، خاصة أثناء نقلهم لمستشفى المغير الذي يبعد ب30 كلم نظرا لعدم تمكنهم من العلاج بقريتهم. وتزداد الحالة صعوبة مع الحوامل اللواتي يضطررن حتى في الأيام العادية التنقل إلى المستشفى المذكور لأخذ الحقن أوالكشف الروتيني عند الطبيب، دون الحديث خلال المخاض أين يجبر الأزواج عن الاستعانة بسيارات ”الفرود” وإيصالهن للولادة في ظروف حسنة، وهو وضع سئم منه هؤلاء وزاد من تعقيد حياتهم، خاصة عندما يجدون أنفسهم محرومين من أبسط المرافق التي تؤمن سلامتهم وتحفظ صحتهم. وتتوفر قرية البعاج على قاعة علاج يقتصر عملها على بعض الخدمات الطبية كتضميد الجراح وحقن الإبر وغيرها. أما الحديث عن الاستعجالات الطبية والمناوبة الليلية فيعد ضربا من الخيال، حسب تعبير الأهالي، لأن هذه القاعة توصد أبوابها مساء ومن يحتاج إلى العلاج عليه إما انتظار اليوم الموالي أو التنقل للبلديات الأخرى. وناشد هؤلاء السكان المصالح المعنية ممثلة في مديرية الصحة وكذا والي الولاية، ضرورة إبلاء قريتهم الأهمية الكافية والنهوض بالقطاع الصحي من خلال تشييد مستشفى كبير أو مركز طبي مجهز بالوسائل اللازمة بقريتهم لتجنيبهم عناء التنقل، ويبعد عنهم خطر تفاقم المرض الذي يتربص بحياتهم. وهدد السكان بهجرة هذه القرية في حال تجاهل مطالبهم، خاصة أن قريتهم كانت في عهد الثورة التحريرية المظفرة مكانا آمنا يأوي المجاهدين نتيجة كثافة واحات النخيل الكثيفة بها. كما تعتبر منطقة عبور فاصلة بين ثلاث ولايات هي بسكرة، الجلفة و ورڤلة.