يخيّل للزائر لقرية الخبنة الصفراء ببلدية أميه ونسة بوادي سوف انه داخل إلى تجمّعات سكنية من العصور الوسطى نتيجة التهميش الفظيع، الذي يتخبط فيه السكان وهشاشة الحياة فيها وكذا الفقر المدقع الذي يميز هذه القرية النائية، التي تقع في عمق الصحراء الغربية من وادي سوف؛ حيث يمارس غالبية سكانها النشاط الزراعي ومواردهم المالية مقتصرة فقط على عائدات المحاصيل، التي يجنونها من حقولهم. يعيش سكان قرية الخبنة الصفراء عزلة حقيقية جراء التهميش والمعاناة طوال سنين؛ إذ تفتقر لأدنى متطلبات الحياة الكريمة، التي هم بأمّس الحاجة إليها كباقي القرى التابعة لبلديتهم؛ فهم يعانون بشكل واضح من نقائص تنموية عديدة جعلتهم يعيشون ظروفا جد صعبة منذ فترة ليست بالقصيرة وحينما تسأل ايّ مواطن في هذه القرية تجد الإجابة واحدة هو حرمان قريتهم من المشاريع التنموية مما جعلهم يدخلون دائرة التهميش والإقصاء والعزلة.. وأكبر مشكل يؤرق السكان هو غياب الماء الشروب طوال سنوات عديدة بحيث مازالوا يتحصلون على هذه المادة الحيوية بطريقة بدائية جدا عن طريق جلبها من آبار بعيدة للحصول عليها بشكل يومي؛ إذ ينقلون المياه عن طريق الحمير إلى منازلهم لسد متطلباهم اليومية، كما أن أهالي القرية طلبوا أكثر من مرة من السلطات المعنية وعلى رأسها مصالح بلدية أميه ونسة الأخذ بعين الاعتبار هذا الانشغال، الذي بات يؤرقهم يوميا، إلا أنهم لم يجدوا آذانا صاغية حسبهم، حيث بات من الصعب تحقيق هذا الحلم الذي يأملون فيه منذ زمن بعيد. يضاف إلى هذا المشكل انعدام التغطية الصحية بالمنطقة، التي لا تتوفر على قاعة علاج من شأنها أن تخفف عنهم عبء التنقل نحو المراكز الصحية في البلديات المجاورة خاصة وأن قريتهم تعرف بالمسنين وهم ما يحتجون إلا حالات طارئة واستعجالية كمرض السكري وضغط الدم مما يكبدهم مسافات طويلة لتلقي العلاج اللازم. وناشد السكان السلطات المعنية ضرورة إنجاز قاعة علاج بالمنطقة وتدعيمها بكل المستلزمات الطبية بدلا من تحمل عذاب الألم والمصاريف، التي كلفتهم خسائر مادية باهظة خاصة النساء الحوامل والأطفال الرضع، كما تعاني القرية من مشاكل تنموية أخرى كانعدام تعبيد الطرقات وإعادة الاعتبار لها كونها تعرف وضعية كارثية، نظرا لكثرة الحفر والمطبات المتواجدة في كل زاوية بالإضافة إلى الغبار المنبعث خصوصا في فصل الصيف... وقد صعّبت هذه الوضعية المزرية من حياتهم اليومية، هذا إضافة إلى انعدام المرافق الترفيهية لشباب المنطقة لعدم توفرها على ملعب جواري أو قاعة متعددة الرياضات من أجل الترويح عن النفس خصوصا في أيام العطل الصيفية مما يضطرهم إلى التنقل يوميا إلى القرى المجاورة من أجل اللعب، فضلا عن الظلام الدامس الذي تعرفه شوارع قرية الخبنة الصفراء، هذا ما قد يعرض حياتهم للخطر خصوصا في الفترات المتأخرة من الليل من قبل العديد من المنحرفين من خلال السطو عليهم. مظاهر التخلف التنموي تظهر إذن جليّة بشكل واضح لكل زائر لهذه القرية.. وهذه قطرة من فيض، فكثيرة هي المشاكل التنموية التي يعيشها السكان ويتجرعونها بمرارة وهذا منذ أمد وبصمت الصابرين فيها ممن بات غضبهم يتصاعد تدريجيا خاصة مع صمت السلطات المحلية، التي لم تكلف نفسها حسب السكان عناء التنقل إليهم ومحاورتهم حول أولويات التنمية ومشاكلها في قريتهم، ولم يجد أهالي المنطقة سوى مناشدة والي الولاية التدخل العاجل للنظر في معاناتهم والسعي لبرمجة مشاريع تنموية لإنعاش قريتهم، التي مالت نحو الانحدار والحرمان.