بينما أقرأ مقال الرأي الذي كتبه بوتين في صحيفة ”نيويورك تايمز”، ظل صوت جودي كولينز يرن في أذني: ”أليس ثريا؟ أليس غريبا؟”. الأغنية - التي كتبها فعليا ستيفن سوندهايم، مع أنها أعظم نجاح لكولينز – هي ”أرسلوا المهرجين”، وتبدو ملائمة للأحداث الراهنة. فبينما نتلكأ في اتخاذ قرار إزاء التعامل مع سوريا (لعامين وأكثر)، سمح للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد بالظهور كرئيسين حكيمين، يتوجهان بالحديث إلى الولاياتالمتحدة، ويوجهان محاضرة لنا عن اعتقادنا الخاطئ بشأن الاستثنائية وتقديم المطالب التي تستهزئ برئيسنا. عمل جيد. لم يشعر بوتين بهذه المتعة منذ أن كان بصحبة جورج بوش الابن. وبفضل الرئيس أوباما، تستمر الأوقات الطيبة. لدينا الآن قائمة بالأخطاء التي يمكننا أن ننسبها إلى ”الدبلوماسية” المرتبطة ببوتين، وهو مصطلح بات أكثر إثارة للسخرية في يومنا هذا. أسترجع أن بوش، الذي عادة ما شمل تواصله الدولي جولة حول مزرعته الكبيرة في كراوفورد بتكساس، حينما قال إنه نظر في عيني بوتين واستشعر روحه. لديّ صورة فوتوغرافية من ذلك اليوم في تكساس، يظهر فيها الرجلان ترتسم على وجهيهما ابتسامة عريضة. ينبغي القول بأن بوتين يبدو كما لو كان يحظى بأفضل وقت في حياته، فيما يبدو بوش، مثلما كان دائما، واثقا بنفسه وغافلا عن الشخص المزعج الجالس بجواره. بعدها، لدينا أوباما، الذي، في لحظة حميمية مع الرئيس الروسي المنتهية ولايته في ذلك الوقت ديمتري ميدفيديف، بعث برسالة إلى الرئيس القادم بوتين. وبسبب ظنه أن الميكروفونات لا تعمل، طالب أوباما بمساحة صغيرة حتى إعادة انتخابه، حيث ستتوفر له مساحة تذبذب أكبر بشأن الدفاع الصاروخي. ”مساحة تذبذب”، الآن لدينا سياسة خارجية. مثلما جرى تحريك ”الخط الأحمر”، ثم طمس معالمه، ثم تحريكه مجددا إلى أن أصبح شبه خفي الآن، تقرب بوتين إلى الشعب الأميركي مباشرة عبر صحيفة ”نيويورك تايمز”، بينما يصدر الأسد أوامر إلى واشنطن: سوف يوقع اتفاق الأسلحة الكيماوية، إذا وعدت الولاياتالمتحدة بعدم التدخل. ذكي. يبدو أننا لا نملك القائد المناسب؛ فنحن إما لدينا ”منسق قرارات” متعجرف نهابه نظرا لافتقاره إلى سمة التوقف المؤقت - أو أننا عالقون مع قائد متعمق التفكير يخشى بشدة من اتخاذ القرار الخاطئ إلى حد أنه يقيد نفسه في وضع الفشل. كلا النوعين من الشخصيات ربما يكون خطيرا على حد سواء، بحسب الظروف، مع أنه من الأفضل أن يكون الشخص مهابا لا أن يكون مثار شفقة. من المؤلم أن نشاهد استمرار تقلص مكانة أوباما بسبب عيوبه. ليس اليقين صفة محمودة على الدوام، ففي واقع الأمر، في الخطاب السياسي، عادة ما تثير هذه الصفة الغضب، إن لم تكن خاطئة تماما. الحياة ليست، كما تبدو، إما باللون الأسود أو الأبيض. تتعلق الدبلوماسية باستكشاف درجات اللون الرمادي. لكن من الصحيح أيضا أن رئيس الولاياتالمتحدة لم يعتد أن يعاني النقائص المعتادة للسلوك البشري. ولم يعتد أن يعد بنتائج خطيرة لسلوك غير مقبول، ثم، بعد فشله في المتابعة حتى النهاية، يتصرف كما لو أن إدراك الجميع معيب إلى حد ما.