يجتمع اليوم الإثنين وفد عن حكومة كينشاسا مع ممثلين عن حركة التمرد "ام 23" في العاصمة الاوغندية كمبالا لتوقيع إتفاق سلام سيضع حدا للتوتر في البلاد ويحدد ملامح المرحلة المستقبلية لجمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة البحيرات الكبرى التي تأثرت بفعل هذا الصراع الذي دام 18 شهرا. وسيبحث الطرفان خلال إجتماع اليوم الذي تشارك فيه أوغندا كوسيط في المفاوضات إلى أهم القضايا التي تهم الطرفين على غرار مسائل العفو و نزع السلاح وخريطة الطريق المستقبلية وسبل التعاون الإقليمي والدولي لإعادة فرض الأمن في منطقة شمال و جنوب "كيفو" (شرق الكونغو) التي كانت معقل المتمردين. كما سيتطرق الإجتماع إلى مصير متمردي حركة "ام 23" و الذين يتواجد 1700 منهم على الأراضي الاوغندية لا سيما المدرجين على لائحتي عقوبات للامم المتحدة وواشنطن على غرار زعيم المتمردين "سلطاني ماكينغا"والذي اكدت كمبالا تواجده على اراضيها . وسيحدد الاتفاق المرتقب توقيعه الخطوط العريضة حول طريقة تنظيم السلام في البلاد إضافة إلى التوضيح "المفصل" لكيفية التعامل مع كل طرف من أطراف التمرد حيث أن "هناك من يخضع الى عقوبات الاممالمتحدة و من يريد الاندماج مجددا في الجيش" حسب الناطق باسم الحكومة الاوغندية اوفوونو اوبوندوان الذي كان وسيط مفاوضات السلام التي دارت منذ 2012 في كمبالا. وفي هذا الصدد ترفض كينشاسا منح العفو لنحو 80 قياديا من حركة "ام 23" لخشيتها من قيامهم مرة اخرى بتشكيل طرف جديد من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية. ويواجه العديد من المتنسبين إلى حركة التمرد "إم23" إتهامات بإقتراف جرائم ضد الإنسانية على غرار قائد الحركة "بوسكو نتانغاندا" الذي فر فى شهر مارس الماضي الى رواندا المجاورة ليتم نقله بعد ذلك الى المحكمة الجنائية الدولية. ومنذ عام 2006 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرين بالقبض على نتانغاندا لارتكابه جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب من بينها تجنيد جنود أطفال وحوادث اغتصاب. وكان نتانغاندا قد ترأس الحركة فى أفريل 2012 بعد فشل الحكومة فى احترام اتفاقية سابقة بشأن تأمينه من اتهامات جرائم الحرب. وكانت الجماعة المتمردة قد اجتاحت مساحة كبيرة من المناطق فى كيفو الشمالية واستولت على غوما في 20 نوفمبر 2012 لتنسحب فقط بعد عشرة أيام تحت ضغط من الموتمر الدولى بشأن منطقة البحيرات العظمى. يذكر ان عدة جولات من المحادثات عقدت فى العاصمة الاوغندية كامبالا دون تحقيق أي تقدم واستأنفت الاطراف المتحاربة الاعمال العدائية موخرا مع القوات الحكومية التى تكثف العمليات للتخلص من أكبر تهديد أمنى فى تلك الدولة التى مزقتها الحروب. وكانت حركة "إم 23" قد نشأت من عصيان لمتمردين سابقين تشكل عرقية "التوتسي" القسم الأكبر منهم والتحقوا بالجيش عام 2009 بعد اتفاق سلام لينشقوا بعد ذلك ويشكلوا هذه الحركة في إقليم "شمال كيفو" هو إحدى اكثر المناطق اكتظاظا في جمهورية الكونغو الديموقراطية وتختزن تربته موارد منجمية هائلة. ويأتى هذا الإجتماع بعد إعلان حركة "إم23" إنهاء تمردها يوم الأحد الماضي و الدخول في مفاوضات سياسية مع كينشاسا وذلك بعد إستعادة الجيش الكونغولي لثلثي الأراضي التي كانت تسيطر عليها الحركة المتمردة.
-- إستعداد إقليمي و دولي للتعاون مع كينشاسا من اجل إستتباب الوضع في منطقة البحيرات الكبرى--
ويفترض أن تشرع الكونغو الديمقراطية عقب توقيع الإتفاق بالتنسيق مع دول الجوار و الأممالمتحدة لمعالجة الأسباب العميقة لنزاع يعتبر الأطول والأعنف في قارة أفريقيا. وفي هذا الصدد قالت ماري روبنسون المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية أن رواندا وأوغندا المجاورتين المتهمتين بدعم حركة "إم 23" الكونغولية مستعدتان للتعاون مع كينشاسا لإستتباب الوضع في المنطقة. وبناءا على هذا التعاون سيقوم الجيش الكونغولي وقوة التدخل التابعة للأمم المتحدة البالغ عددها ثلاثة آلاف جندي بالسيطرة على كل الجماعات المسلحة التي لا تزال تقاتل في المنطقة و من بينها ميليشيات"الهوتو" الروندية . وأكدت الأممالمتحدة على لسان رئيس مهمتها في الكونغو الديمقراطية مارتن كوبلر انها ستعزز مراقبة الحدود لمنع مرور الاسلحة والمتمردين الى البلدان المجاورة. من جانبها أعلنت الولاياتالمتحدة عن استعدادها لرفع العقوبات التي فرضتها على رواندا اذا قطعت هذه الاخيرة تماما جسورها مع متمردي "ام23 " حيث تتهم كل من الاممالمتحدة و جمهورية الكونغو الديمقراطية و الولاياتالمتحدة رواندا بتقديم الدعم العسكري لحركة ام23 . كما يشكل الوضع الإنساني جانبا هاما من الإهتمام الدولي خاصة بعد الآثار المدمرة التي خلفها الصراع حيث أبرز المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأممالمتحدة أدريان ادواردز أن مايقارب من 10 آلاف كونغولي فروا لمناطق جنوب غرب أوغندا إثر القتال العنيف الذى شهده إقليم شمال كييفو بالكونغو بين متمردي حركة"إم 23" والقوات الحكومية خلال الأيام الاخيرة. كما أن حوالى 60 بالمائة من اللاجئين إلى اوغنداهم من الاطفال الصغار الذين انفصلوا عن أهاليهم خلال عملية الهروب مؤكدا ان فرق المنظمة الدولية قامت بمساعدة الفارين على الوصول إلى مركز اللاجئين فى أوغندا التي شهدت وصول ما يقارب 3700 لاجىء كونغولى وهو العدد الأكبر منذ اندلاع القتال بين المتمردين والحكومة فى تلك المنطقة خلال شهر أفريل من عام 2012. وسيضع إتفاق السلام المزمع توقيعه اليوم حدا لازمة سياسية وامنية حادة عرفها المنطقة الواقعة شرق الكونغو الديمقراطية الغنية بالمناجم و التي إستهدفتها العديد من الجماعات المسلحة منذ 20 عاما حيث قامت بعمليات قتل واغتصاب ونهب وتسببت في نزوح عدد كبير من السكان وتجنيد الأطفال.