فرنسا : "مسيرة الحرية" تتحول إلى حملة لتنوير الرأي العام حول انتهاكات الاحتلال المغربي لحقوق الانسان في الصحراء الغربية    تصفيات كأس العالم للإناث (أقل من 17 سنة): لاعبات المنتخب الوطني يجرين أول حصة تدريبية بلاغوس    وزير المجاهدين يقف على مدى التكفل بالفلسطينيين المقيمين بمركز الراحة بحمام البيبان    افتتاح الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    السيد عطاف يتحادث مع نظيره المصري    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل وزير الإسكان و الاراضي لجمهورية موريشيوس    اللقاء الجهوي الاول للصحفيين والاعلاميين الجزائريين بوهران: توصيات لدعم مهنة الصحافة والارتقاء بها    اجتماع تقييمي لنشاطات هيئة الوقاية من الأخطار المهنية في مجال البناء والأشغال العمومية    زيت زيتون ولاية ميلة يظفر بميدالية ذهبية وأخرى فضية في مسابقة دولية بتونس    إطلاق المنصة الرقمية الجديدة الخاصة بتمويل مشاريع الجمعيات الشبانية لسنة 2025    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    مشروع قانون الأوقاف: النواب يثمنون المشروع ويدعون لتسريع تطبيق مضامينه    سعداوي يؤكد التزام الوزارة بدعم ومرافقة المشاريع والأفكار المبتكرة للتلاميذ    طيران الطاسيلي تنال للمرة الثامنة شهادة "إيوزا" الدولية الخاصة بالسلامة التشغيلية    استثمار اجتماعي: سوناطراك توقع عدة اتفاقيات تمويل ورعاية    وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    بنو صهيون يستهدفون النازحين في غزّة    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    تحقيق الأمن السيبراني أولوية جزائرية    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    اجتماع بين زيتوني ورزيق    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    إحباط محاولات إدخال قنطارين و32 كلغ من الكيف المغربي    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاق كيري لافروف.. هل هو بديل لاتفاق سايكس بيكو؟
نشر في الفجر يوم 30 - 11 - 2013

قبل قرن تقريبا، وبالتحديد قبل 97 سنة، أي في عام 1916 من القرن العشرين، أبرم اتفاق سري بين بريطانيا وفرنسا عرف من بعد باسم “سايكس بيكو”، وهو مصطلح مركب من اسم الدبلوماسي الإنجليزي “سايكس”، واسم الدبلوماسي الفرنسي “بيكو”.. وكثير من الناس يردد مصطلح “سايكس بيكو” من دون أن يعرف حقيقة أو نص هذا الاتفاق العجيب في السياسة الدولية!!
فما هو هذا الاتفاق؟
نختار مواد منه إذ لا حاجة إلى سردها كلها، أي مواده الاثنتي عشرة..
تقول المادة الأولى: “إن فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتان لأن تعترفا وتحميا دولة عربية برئاسة رئيس عربي في المنطقتين (داخلية سوريا) وب(داخلية العراق) المبينة في الخريطة الملحقة بهذا الاتفاق. يكون لفرنسا في منطقة (أ) ولإنجلترا في منطقة (ب) حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية. وتنفرد فرنسا في منطقة (أ) وإنجلترا في منطقة (ب) بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناء على طلب الحكومة العربية، أو حلف الحكومات العربية”.
وتقول المادة الثانية: “يباح لفرنسا في المنطقة الزرقاء (سوريا الساحلية) ولإنجلترا في المنطقة الحمراء (منطقة البصرة) إنشاء ما ترغبان فيه من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد الاتفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية.
وتقول المادة الثالثة: “تنشأ في المنطقة السمراء (فلسطين) دائرة دولية يعين شكلها بعد استشارة روسيا مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة”.
وتقول المادة الثانية عشرة: “من المتفق عليه – ما عدا ذكره - أن تنظر الحكومتان في الوسائل اللازمة لمراقبة جلب السلاح إلى البلاد العربية”.
ويلحظ - ها هنا - أن التفاهمات والاتفاقات الدولية الكبرى تحدث في ظل تحولات وتبدلات وحركات تمور بها الأقاليم ويموج بها المسرح الدولي العام.
ففي أي حقبة أبرم اتفاق “سايكس بيكو”؟.. أبرم في نصيف العقد الثاني من القرن العشرين، وهو عقد شهد أحداثا ووقائع وتحولات كبيرة مثيرة منها – مثلا:
أ) حرب البلقان 1912.
ب) الثورة العربية الكبرى – كما تسمى.
ج) التحضير لصياغة وعد بلفور، فهو وعد ثمرة صفقة عقدت بين بريطانيا وبين المنظمة الصهيونية العالمية.. وخلاصة الصفقة هي: التزام الصهيونية العالمية بما طلبته منها بريطانيا، وهو جر الولايات المتحدة إلى المشاركة في الحرب العالمية الأولى (معروف أن أميركا دخلت الحرب في وقت متأخر).. والمقابل الذي تعهدت بريطانيا الوفاء به هو وعد بريطاني رسمي بإقامة “وطن لليهود في فلسطين”، ولقد أعلن الوعد عام 1917.
د) أما أكبر وأعمق أحداث تلك الحقبة فهو اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914
ولم تكد الحرب تنتهي حتى ارتجت الأرض بالثورة البلشفية في روسيا 1917. هذه الأحداث والوقائع والتحولات قد أثرت بعمق في العلاقات الإقليمية والدولية في القرن العشرين.
وإذا كانت وقائع التاريخ لا تلغى، فإن العبرة مما سبق سؤال كبير وعميق يمس الحاضر والمستقبل وهو: هل يمكن أن يقال إن اتفاق “كيري لافروف” هو (بديل) لاتفاق سايكس بيكو؟
ليس بالضرورة أن يحدث الشيء ذاته، وبصيغة متطابقة مع الذي كان.
لماذا؟
أولا: لأن الظروف الإقليمية والدولية تبدلت على نحو عميق.. فاتفاق سايكس بيكو صورة من صور “الاستعمار” الذي كان يقسم جغرافيا العالم كما يشتهي!!
ثانيا: لأنه قد جدد من الوسائل والأساليب ما يمكن أن ينفذ به الطامعون أهدافهم دون اللجوء إلى الوسائل القديمة المستفزة.
بيد أنه من الأمانة أن نقول: إن الطامعين لم تهبط عليهم بغتة طهارة أخلاقية تحملهم على هجر أطماعهم هجرانا تاما. فعلى الرغم من أضواء المدن اللامعة، وعلى الرغم من الطفرات المتلاحقة في التقدم التكنولوجي، فإن ناسا من الناس لا يزالون يحملون في إهابهم غرائز الوحوش وسعارها وتلمظها المستمر في النهش والقضم.

صحيح أن المناسبة السببية لاتفاق كيري ولافروف كانت هي “الكيماوي السوري”.. لكن هذا الاتفاق المباغت بين الدبلوماسي الأميركي والدبلوماسي الروسي له ثمار عاجلة، ونتائج آجلة..
1) من الثمار العاجلة: إخراج روسيا وأميركا من مأزق حقيقي.. فقد قيل إن أوباما تعجل بإعلان توجيه ضربة إلى سوريا. كما أن بوتين تعجل بتوجيه إنذار مكتوم إلى أوباما مفاده أن روسيا ستدخل الحرب إذا ضربتم سوريا، في حين أن الرجلين لا يريدان الحرب لا سيما إذا بلغت هذا المستوى من السعة والهول!!
من هنا جاء اتفاق كيري لافروف تجاه الكيماوي السوري إنقاذا لأوباما وبوتين كليهما.
2) ومن الثمار الآجلة: أن الأزمة السورية - وقضايا أخرى شائكة - أصبحت مدخلا لتفاهمات روسية أميركية أبعد مدى.. ومن ذلك: “تفاهم مشترك” تجاه قضايا الشرق الأوسط، ومنها القضية السورية.. وربما لهذا السبب تحملت أميركا النقد اللاذع الموجه لها بسبب موقفها المتلاعب تجاه الأزمة السورية.. نعم.. تحملت هذا النقد من حيث إنها ترى نفسها هي الرابحة ولو كره الآخرون!!
.. يُضم إلى ذلك أن لدى الولايات المتحدة من الهموم الأخرى ما يقتضي - في نظرها - اقتطاع مساحة من الجهد والوقت ترصد لتلك الهموم الأخرى، سواء أكانت تلك الهموم الأوضاع الاقتصادية في داخلها، أو كانت نموا في المخاطر التي تشهدها مناطق عديدة في آسيا القصوى.
ولروسيا مكاسب أيضا..
معروف أن روسيا السوفياتية قد ضحت بمصالحها الوطنية الحيوية الكبرى في سبيل “وهم آيديولوجي” وهو نشر الشيوعية في العالم!!
لقد أدرك القادة الجدد لروسيا الاتحادية أنهم تحرروا من هذا الوهم، كما تحرروا من المضايق التي يحشرهم فيها خصومهم الاستراتيجيون من خلال الاتهام لهم بالإلحاد كما كان يحدث أيام الاتحاد السوفياتي وقيادة الحزب الشيوعي له.
إن “القوة الناعمة” - في روسيا وأميركا - تتأهب لتقاسم النفوذ في المنطقة دون صدام، ودون سوء فهم يقود إلى التصادم، وإلا كيف سمحت أميركا لروسيا بأن تتحرك في مصر – مثلا - وتعرض دعمها العسكري وغير العسكري على هذا البلد المهم؟
إن الأحداث الراهنة كبيرة جدا - ولها ما بعدها - فلتكن رؤيتنا أوسع منها، وألا نحشر في مثل جحر الضب.
وبدها: فإن الرؤية الناضجة الواضحة تتطلب انتباها دائما لا يعتريه نعاس، وحرصا على المعلومات الصحيحة الواعية، وتفسيرا موضوعيا وأمينا للمعلومات، وحضورا فاعلا دائما في عمق الإقليم، وعمق العالم، واعتمادا على الذات بعد العكوف البصير على بنائها، ودبلوماسية نشطة تتعب الآخرين ولا يتعبها الآخرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.