غيّب الموت، فجر أمس الثلاثاء، الشاعر الشعبي المصري ورمز السياسة أحمد فؤاد نجم، المعروف ب شاعر ”العامية”، عن عمر ناهز 84 عاما، في منزله بالمقطم، حسبما أفاد به صديقه المقرب الناشر محمد هاشم. ليلتحق بقائمة المبدعين والفنانين العرب الذين وافتهم المنية هذه السنة على غرار رحيل الممثل السوري الكبير سليم كلاس قبل يومين. يعتبر الفقيد، الذي ولد في قرية ”كفر أبونجم” بمدينة أبو حماد بمحافظة الشرقية، سنة 1929، أحد ثوار الكلمة، وأهم شعراء العامية في مصر، وهو اسم بارز في مجال الشعر العربي، تم سجنه عدة مرات بسبب مواقفه من الحكومات المتعاقبة، ودخل في خلافات سياسية مع كبار المسؤولين في مصر. فيما ارتبط اسمه براحل آخر فقدته مصر وهو ”الشيخ إمام” الذي شكل مع نجم ثنائياً عبرّ عن الثورة خير تعبير، حيث بات يطلق عليه رمز السياسة، واشتهر في الفترة الأخيرة بمواقفه الحادّة من جماعة الإخوان المسلمين، وكتب العديد من القصائد في نقد حاد وجريئ بخصوص تجربتهم في الحكم. سفير الفقراء يكافح الفقر كما عُين فؤاد نجم موظفًا بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الإفريقية، وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية، ومع ذلك فقد كان اجتماعياً غير ميسور الحال، حيث أقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور، وبعد سنوات اختارته المجموعة العربية لصندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة سفيراً للفقراء. هذا وكانت للراحل رؤية ثاقبة وبُعد نظر دقيق، حيث قال عندما تولى الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزارة الدفاع في عهد الرئيس المعزول، نصًا ”قولت ده جمال عبد الناصر الثاني، وواضح إنه فلاح أصيل وعارف إبليس مخبي ابنه فين”. حياة لم تخل وفي السياق شهدت حياة نجم عدة مسارات شكلت فكرة أبرزها الاحتجاجات العمالية إبان فترة الملك فاروق ثم اعتقاله في فترات الرؤساء، وكانت أشعاره لمصر حاضرة في كل مناسبة عن الوطن، وهى التي قال فيها ”كل عين تعشق حليوة وأنتي حلوة في كل عين”. وحصل الشاعر الكبير على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي، وكان موقفه معادياً واضحة للإمبريالية الأمريكية، وهو ما وضح في أشعاره صريحة حينما كتب عن الرئيس الأمريكي السابق ”شرفت يا نيكسون يا بتاع الووتر جيت. عملولك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت”، وفى المقابل كان ناعياً لتشى جيفارا أيقونة الثورة في القرن العشرين، وكان من أشد المعزين في وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، رغم سجنه خلال فترة حكمه. زواجه من الجزائرية ممثلة المسرح ”صونيا” تزوج أحمد نجم فؤاد، أكثر من مرة، فكان دخوله القفص الذهبي لأول مرّة مع فاطمة منصور أنجب منها عفاف وأشهر زواجه من الفنانة عزة بلبع والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم تعمل بالمجال الصحفي، وممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، التي قال عنها ”نعم تزوجت من صونيا، هي امرأة ”مجنونة رسمي”، وزواجنا استمر سنة ونصف سنة، أذكر بأن المسرح الوطني كان يومها يعرض مسرحية ”جحا باع حماره”، فبهرتني صونيا فوق الخشبة، كانت نسخة من سعاد حسني تمثل وترقص، بعد نهاية العرض قبلت دعوتها على العشاء وتخلفت عن دعوة وزير الإعلام يومها، حاولت إقناعها بالزواج فأجابتني ”أي ست بتحبك لكني لست مستعدة نفسيا الآن”، وبعد انتظار تزوجنا، بحضور الطاهر وطار، وأردت أخذها بسرعة إلى مصر، كنت أتركها وأذهب إلى الشام لأنها لم تكن تحب مغادرة الجزائر، وفجأة طلبت الطلاق وزارتني في مصر حيث أتممنا إجراءات الانفصال، وخلال عودتي إلى الجزائر قال ”اتصلت بها، فوجدتها لم تتغير ”مجنونة رسمي” وكانت آخر زيجاته أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زين. من أشعاره خلّف الراحل عديد الأعمال الشعرية التي حملت مواضيع متنوعة بين سياسية واجتماعية ووطنية وتربوية هي ”يعيش بلدي”، ”جائزة نوبل”، ”الأخلاق”، ”الخواجة الأرميكاني”، ”استغامة”، ”الأقوال المأسورة”، ”هما مين واحنا مين”، ”البتاع”، ”الكلمات المتقاطعة”، ”حسبة برما”، ”كلب الست”، ”نيكسون جاء”، ”بابلو نيرودا”،”تذكرة مسجون”، ”شقع بقع”، ”الثوري النوري”، ”الندالة”، ”ابجد هوز سايجون”، ”ورقة من ملف القضية”، ”شيّد قصورك” و”تخيل لي الأماني”. كما كتب عن الرجل الثوري تشيغيفارا رمز الثورة في القرن العشرين. ومن خلال هذه الأعمال وشخصيته الفذّة تم وصف بعدة أوصاف مختلفة أهمها ما قال عنه لشاعر الفرنسي لويس أراغون بأنّ فيه قوة تسقط الأسوار، أمّا الدكتور علي الراعي فأسماه ب الشاعر البندقية في حين سماه أنور السادات الشاعر البذيء. علاقته بالجزائر... قطعة في القلب وذكرياتها لا تنسى للراحل علاقة صداقة وطيدة مع الجزائر، حيث حلّ ببلد المليون ونصف المليون شهيد أكثر من مرّة، فنزل ضيفا على فضاء صدى الأقلام، كما لبى دعوة المسرح الوطني الجزائري، بخصوص الوقوف مع أطفال ”غزّة”، فقد قال عن الجزائر إثر غيابه عنها لمدة 25 سنة: ”لا أستطيع أن أجرّح في الجزائر أبدا، وشعوري وأنا ألمس تراب الجزائر بعد ربع قرن من الغياب هو كمن يولد من جديد وكأنني خارج للتو من المعتقل وقادم إلى حضن من أحب بشوق كبير ولكل أصدقائي وأحبائي وأهلي، فللجزائر في وجداني وقع خاص، الجزائر قطعة من قلبي ولي فيها ذكريات رائعة لا تنسى”. وقال في إحدى المناسبات أيضا ”أنا سعيد جدا بدعوة المسرح الوطني الجزائري للوقوف إلى جانب أطفال غزة، في الحقيقة أنا من يجب أن أرحب بكم في الجزائر، فهي قطعة من قلبي، وفيها قضيت أجمل سنوات عمري، وكانت لي علاقات وصداقات مع الطاهر وطار وحرز الله وعبد العالي رزاقي والطاهر بن عيشي. وأسعد كذلك باكتشاف أجيال جديدة في الجزائر هي أكثر صحوة وحضورا، فليس غريبا أبدا أن تكون الجزائر هي السند القوي للمقاومة الفلسطينية، فقد وجدت أن القضية أكثر حياة في الشارع الجزائري وسط هذه الأجيال أكثر من سنوات الثمانينيات. علاقته مع المبدعين والمثقفين الجزائريين جدّ خاصة نتج عن زياراته المتعددة للجزائر، ربط علاقات كثيرة مع مبدعين ومثقفين كبار، بدءا من الراحل صاحب رائعة نجمة كاتب ياسين والمتمرد الطاهر بن عيشة كما وصفه، الذي لا يقبل ”الهزار أبدا” في الأمور الجادة ويكره التزلف للحكام، ووصف هذه الحالة ”لن أغادر الجزائر قبل أن ألتقيه”، بينما عن علاقته بالأديب الراحل الطاهر وطار فكانت قوية أيضا وجدّ خاصة، حيث كان يزوره في بيته كثيرا، وهي امتداد للعلاقة العضوية التي جمعت الثورة الجزائرية في قلوب المصريين. الثورة الجزائرية حيّة في وجدانه عشرته للجزائريين ولثورة نوفمبر المجيدة لزمن طويل، ولدت لديه حبا وشغفا بهذا الوطن، فقد صرّح يوما ”الثورة الجزائرية كانت دوما حية في وجدان المصريين، ولا تزال، المفرنسون عندكم ك”المتأمركين” عندنا، يحاولون التشكيك في العلاقة العضوية التي جمعت بين الشعبين الجزائري والمصري وباقي الشعوب العربية في نضالها ضد الظل والاستبداد”. كلمات حق بوصفة حزينة عن الراحل بعد رحيل الرمز فؤاد نجم، أمس، خيّم حزن رهيب على أصدقائه من الكتاب والمبدعين والإعلاميين والناشطين السياسين الذين عرفوه من جميع الدول العربية، حيث ذهب جميعهم إلى قول كلمات شهادة وعبارات نعي للرجل الثائر محب الفقراء وعاشق الجزائر، احتوتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التويتر والفايسبوك، فنشرت الناشطة السياسية أسماء محفوظ في تدوينة لها على تويتر ”إنا لله وإنا إليه راجعون البقاء لله، عم أحمد فؤاد نجم في ذمة لله”، وأضافت ”ربنا يرحمه يا رب ويثبته ويصبرنا كلنا”، وذكر الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي ”أحمد فؤاد نجم ستظل تزعجهم من هناك.. الوداع يا صاحبي”. وقال الشاعر عبد الرحمن يوسف ”رحم الله قيثارة مصر الأستاذ أحمد فؤاد نجم.. عزائي لأسرته ومحبيه”، أما خالد النبوي فذكر ”أنا عارف إن عقلي عبارة عن مخ وفص يمين وفص شمال وكمان خلايا كتير، لكن كمان فيه حروف أحمد فؤاد نجم، رحلت دنيا وحلت ذكريات ياعم نجم الله يرحمك باقي”. وقال الملحن عزيز الشافعي ”بمزيج من الأسى على فراقه والفخر بعطائه الفني ونضاله الوطني وعبقريته المصرية الأصيلة، أنعي الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم”. وقامت الفنانة التونسية لطيفة العرفاوي بنشر صورة عبر موقع انستجرام تجمعها بالشاعر الراحل ”أحمد فؤاد نجم”، وذلك أثناء تكريمهما بالدورة العاشرة لمهرجان الإسكندرية للأغنية. وأضافت لطيفة: ”أحمد فؤاد نجم.. الشاعر العظيم في ذمة الله.. تغمده الله بواسع رحمته وألهم أهله ومحبيه جميل الصبر والسلوان.. وحتى وإن رحل سيبقى خالدًا بأعماله وإبداعاته التي لن تعوض”.. وقدّم الكاتب الجزائري عبد الرزاق بوكبة كلماته قائلا: ”رحمة الله عليك عمي أحمد فؤاد نجم أيها الشاعر المنتصر للأرض والإنسان وقيم الحرية، قرأت لك منذ الصغر وأحببتك، ثم حصل لي شرف مرافقتك أسبوعا كاملا في إطار استضافة فضاء صدى الأقلام للمسرح الوطني الجزائري لك، فأحببتك أعمق لأنني لمست أن التزامك بالقيم التي كتبتها وناديت بها ليست مجرد شعارات أو كلام بل هي رؤية وسلوك ومعايشة”. ويضيف بوكبة ”كنت مدعوا لحضور عيد ميلادك الجديد، فإذا بي أصعق برحيلك”. قصيدة يا أجهل شعوب الأرض يا اجهل شعوب الأرض اخترت ليه طرطور ارجوز فى ايد مرشده شايل لقب دكتور من يوم مامسك الحكم مقطوعه ميه ونور قالو فى ايده الخير ولو منه برده يغور ارجوز بلدنا اتكشف وعرفنا ايه مخبيه ممنوع عليه الكلام اصل الكلام مش ليه والكلمة كلمة جماعه ومرشده ممليه ومهما قال الغلط وراه جماعه تحميه يا اغرب شعوب الارض منكم خلاص مليت بعتو التاريخ والارض عشان أزازة زيت يا بيعين العرض بكره تبيعو البيت بكره الغريب يتحكم وهتبقو خدم البيت كنت كبير يا وطن لكن خلاص وطيت دخلت نعشك يا وطن وبكفنك اتغطيت